مسؤولية الأنظمة

على المسؤولين التحرك أو ترك الكراسي

خواطر – شهداء فلسطين شهداء السياسات العربية

0 151
٤:٤٠ دقيقة

خواطر

إنّ المصدر الأكبر للقوّة الهمجية الصهيونية الباطشة في أرض فلسطين المباركة، هي “صناعة العجز” في بلادنا، حتى باتت وكأنها تتمّ بتخطيط مقصود وتنفيذ متقن تحت إشراف مباشر من أعلى المستويات، ولكنّ السياسات العربية التي أتقنت صناعة العجز، ثم أتقنت جعله ذريعة لمزيد من العجز، كما أتقنت بصورة عجيبة القدرة على البقاء على كرسي السلطة رغم العجز والإقرار بالعجز، لم تتقن بالمقابل ما كان يُفترض، وهي في سدة الحكم أن تتقنه، لم تتقن صناعة السلاح ولا الخبز، ولا صناعة الكرامة والتقدم، ولا صناعة الاستقلال الحقيقي سياسيا أو اقتصاديا أو فكريا أو ماليا، فضلا عن صناعة الوحدة، لا على المستوى الوطني، ولا العربي، ولا الإسلامي.

نعم، يوجد بعض المنجزات هنا وهناك، على شكل شوارع وطرق ومصانع صغيرة، أو أكثر من ذلك بقليل أو أقل، ولكن ما نزال -بمقياس ما يُنشر من أرقام ومعلومات رسمية ورغم كلّ (الرتوش) المستخدمة لستر عورات المسؤولين عنها- لا نحبو فقط، بل نزحف زحفا بطيئا ومتقطعا، باتجاه ركب التقدم وهو يزداد بعدا عن أنظارنا، ولا يزال هذا التخلّف الرهيب ينعكس في أرقام خطيرة ناطقة، بما وصلت إليه مستويات التردّي على الأصعدة الاقتصادية والصحية والتعليمية والصناعية والزراعية، وحتى في تأمين شربة الماء النقي لأطفالنا، أو جرعة الدواء الشافي لمرضانا والمسنين من أهلنا.

رغم ذلك، نجادل بالمحسوس كما يقال ونفترض أنه توجد منجزات كبيرة هي ذاك القليل الذي يصوّرونه عبر النفخ الإعلامي المتواصل في صانعيه، وكأنّه من أعظم ما يتحقق على وجه الأرض.

نفترض وجود منجزات ما تستحق الذكر، فهل يمكن اعتبارها مسوّغا لبقاء أي مسؤول في منصبه، إذا كان الدفاع عن الأرض وأهلها، عن الأوطان والإنسان، على رأس مهامه، وهو لا يصنع ذلك، ويرى يوما بعد يوم الأهل يُقتلون، والمقدّسات تُدنّس والأرض تُغتصب، والحقول تُحرق، كما يرى أيضا عدوّ الأمّة يمهّد للمزيد من الهيمنة على البلد الذي يحكمه هو بنفسه، إن لم يكن اليوم فغدا، وإن لم يكن عبر اتفاقيات سلام مزعوم، فعبر حرب محتمة.. يرى ذلك كلّه، ولا يستطيع منعه، أولا يريد منعه، بل قد لا يحاول مجرّد مواجهته، مثلما تصنع سائر حكومات الأرض التي تحترم نفسها في مواجهة حالات أهون من ذلك أو أشدّ، بل إن بعض المسؤولين عندنا يدعم بسلوكه قاصدا أو غير قاصد ما يصنعه الإجرام الصهيوني، ويدفـع الأذى عنه، إلى درجة لا يكاد يصدقها العقل، أو على الأقل لا يصدّق ما يرافق ذلك السلوك من تبجّح علني به، ثم يبقى “المسؤول” في منصب المسؤولية.

لقد كان يوجد من الزعماء في بلدان كبيرة وصغيرة، من لا يكمل فترة رئاسية من بضع سنوات بعد أن اختارته إرادة غالبية شعبه عبر انتخابات حرة نزيهة، فإذا به يستقيل ويتنحّى لأسباب أقل من هذا الذي نشهده بكثير، بل إن المقارنة مخزية في معظم الأحيان، هذا ناهيك عن أن نرصد ألوان العجز وقد تحولت إلى إنجازات مزعومة، لفرض البقاء ليس إلى نهاية فترة انتخابات مزيفة ومزورة فحسب، بل للبقاء فترة بعد فترة، وأحيانا مع تعديلات دستورية مفصلة على المقاس،  فضلا عن أشياء أخرى عجيبة ومأساوية، فكأن بعضهم وُلد من أجل أن يحكم حتى يموت، على غرار ما يُبتكر في خيال صانعي أفلام رعب أمريكية من مثل عنوان: ولد من أجل أن يَقْتل.

وأستودعكم الله وأستودعه سائر أهلنا وشعوبنا، ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب