لا بديل عن وضع قضية فلسطين في مكانها المصيري، كقضية مركزية محورية، تترك آثارها على الدوام، سلبا وإيجابا، علينا جميعا وعلى قضايانا الأخرى، بدءا بقضايا التقدم والتخلف والفرقة والوحدة، مرورا بتطوير العلاقات البينية والتحرر من التبعية للهيمنة الأجنبية، انتهاء بالتنمية البشرية المستدامة في كل ميدان من الميادين.
قد بدأ التراجع منذ بدأ التخلي عن القضية مع التغطية على ذلك بشعارات من قبيل: قضية فلسطين للفلسطينيين، ومنظمة التحرير هي الممثل الشرعي “الوحيد” لقضية فلسطين، فما هي الحصيلة؟
أين الرخاء الموعود مقابل التخلي عن القضية عندما كُسر الحاجز النفساني كما قيل وعقدت اتفاقات كامب ديفيد؟
أين ما صنعه الارتباط التبعي بالولايات المتحدة الأمريكية وبالغرب عموما، هل أدّى للتخلي الغربي عن الثكنة العسكرية المتقدمة بقلب فلسطين؟
أين بقايا لجنة القدس وما قيل عن حماية المقدسات، وكيف طغى الاستيطان والتشريد وهدم المساكن والاعتقالات والاغتيالات الدامية؟
أين نتائج الهرولة نحو ما سمّي التطبيع، وما قيل بصدد صدّ الخطر التوسعي العدواني الإيراني مقابل ذلك؟
إننا نعايش بدلا من ذلك كله مواجهة الثورات الشعبية والتردّي إلى مستويات توريث التسلّط الاستبدادي الدموي والاقتتال الداخلي والفتك بالثروات في أكثر من بلد.
لا بد من التأكيد أن فلسطين قضية القضايا، فهي القضية المركزية وهي القضية ذات الأولوية، ليس لمجرد الحرص على فلسطين وأكناف بيت المقدس والمسجد الأقصى المبارك -وهو حرص مفروض وواجب- بل لأن القضية بقيت باستمرار هي المنطلق لما سواها.
كل من أراد العمل حقا لتحرير شعب من الشعوب في المنطقة، عليه أن يتعامل مع قضية فلسطين باعتبارها القضية المركزية، مع الإدراك الواعي، أن عمله لقضيته الذاتية لا ينفصل إطلاقا عن عمله لقضية القضايا، وإن قيل إن لكل فريق قضيته ولكل شعب قضيته، فلا شيء يبيح فصل القضية الذاتية عن طعنات التطبيع والتسليم، جهلا أو خيانة، جنبا إلى جنب مع توجيه الطعنات للقضايا الذاتية بالمعيار الجغرافي وسواه من المعايير.
وأستودعكم الله وأستودعه بيت المقدس وأكنافه، ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب