هل الثورة الشعبية في سورية ثورة إسلامية؟

هي ثورة شعبية إنسانية إسلامية في وقت واحد

تحليل

نشرت يوم ٢٥/ ٥/ ٢٠١٤م في الجريدة الثورية السورية صدى الشام

 

هل الثورة الشعبية في سورية (وأخواتها) ثورة إسلامية؟

هذا سؤال يعتبره كثير منا من فضل القول ويعتبره آخرون استفزازيا، وقد يلتقي -بدوافع متباينة- فريق من المخلصين للثورة وفريق من الخصوم والأعداء على تصنيفه بأنه يلحق الضرر بمسار الثورة.

يوجد من يتساءل جادا أو متهكما:

هل تكون الثورة إسلامية إذا رفعت ظلما أسديا فاجرا عاهرا، عن إنسان، مسلم أو غير مسلم، لإخضاعه لظلم قد يمارسه متسلط آخر؟

هل ينبغي أن يكون من يشارك فيها مسلما؟

إن شارك غير المسلم فهل يرغم على رفع شعار إسلامي؟

هل عليه الخضوع لمن ينذره مسبقا بأنه سيدفع الجزية صاغرا؟

هذه التساؤلات تمثل صورا “كاريكاتورية”، يرفضها المسلم بحسه العقدي عن العدالة بين الناس، عن الكرامة لبني آدم، عن شمول عطاء ربك من النعم والحقوق المادية في الحياة الدنيا لجنس الإنسان مؤمنا كان أو كافرا، {وما كان عطاء ربك محظورا}.

إن توصيف إسلامية يفرض أن نجسد في الثورة الشعبية ما يريد إسلامنا، الذي يوجب الدفاع عن المظلوم وحقوقه وحرياته، سيان بماذا يدين، ومن أراد فليرجع إلى نص العهد النبوي لنصارى نجران، وفيه تثبيت سريان مفعوله ليوم القيامة (فلا مجال لأسلوب نسخ ما لا يمكن نسخه) وليرجع إلى التطبيق العملي عبر الفاروق رضي الله عنه وقوله وهو يرفع الظلم عن مواطن قبطي: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟

إن توصيف إسلامية للثورة يفترض العدالة، وهذا -عند توافر العلم والوعي- لا يخشاه المسلم ولا غير المسلم.
هو توصيف يستدعي ألا يملك العدو إلا احترام مسار الثورة حتى وهو يحاربها.

ولكن:

من الأخطار المحيقة بالثورة وجود من ينسب نفسه إلى إسلاميتها بتصورات تتطابق مع ما يروجه عن الإسلام افتراء وتزييفا، أعداء الإسلام وأعداء الثورة وأعداء تحرر الشعوب.

يوجد من يكتب حروفا إسلامية في رايته ويغتال بممارساته التوجيهات والقواعد والضوابط والقيم الإسلامية اغتيالا، عامدا أو غير عامد، سيان، فهذا في الحصيلة سواء. ويوجد من يترصد الانحرافات بأسلوب انتقائي، ليثبت مقولة كاذبة: الثورة الشعبية في سورية مصدر خطر، لأنها إسلامية. وهذا مما اجتمع عليه أعداؤها وبعض أصدقائها ممن يتخذون ذلك ذريعة لحصارها وحصار طرق إمدادها بعون حقيقي.

هنا يجب التأكيد:

سواء وجد هؤلاء المنتحلون لعناوين إسلامية أم لم يوجدوا، يبقى استبعاد الزيف وإظهار وجه الإسلام الأصيل في الثورة، واجبا بالغ الأهمية، يؤديه من يعتبر نفسه إسلاميا، كواجب مفروض، وليس تنازلا تجاه أحد، أو تحت الضغوط، أو انحرافا، أو لأي سبب آخر مشابه.

إن وصف الثورة الشعبية بالإسلامية يعني فيما تعنيه:

وجود ميدان الحقوق والحريات في صلب سريان مفعول مبدأ المساواة بين الناس، ليكونوا في حياتهم الدنيا -كما يريد الإسلام فعلا- كأسنان المشط.

إسلامية عندما تكون ثورة الإنسان، لتحرير الإنسان، ثورة الحق والعدالة والكرامة والحرية، لكل إنسان دون تمييز، وعندما تكون كما يفرض الإسلام، ثورة إنهاء ممارسات الإكراه في الدين التي نشرها في مختلف ميادين الحياة، طواغيت يكرهون البشر على القبول بمختلف أشكال الإلحاد والفساد والطائفية..

لا نزيغ عن الإسلام عبر شطحات اجتهادية غير منضبطة بأصول ومقاصد وقواعد، وهو -عبر نصوصه الشرعية القرآنية والنبوية الصريحة الواضحة- ما يجب أن نجسده في الثورة، لتكون جديرة -بين يدي ربنا وفي واقعنا وواقع عالمنا وعصرنا- بتوصيف إسلامية، دون أن تفقد بحال من الأحوال توصيفها بالشعبية، الجامعة لجنس الإنسان الكريم من كل ملة واتجاه.

إسلامية.. كما يريد ربنا، وفق ما أوحى به، ولا يوجد بعد انقطاع الوحي إنسان يمكن أن يكون مرجعا لنا، بأي انحراف يتناقض مع الوحي في نصوص قطعية الورود والدلالة، قرآنا بلسان عربي مبين، وحديثا نبويا ملزما، وإن سمى المنحرف انحرافه اجتهادا، تزييفا وتزويرا، فلا اجتهاد في تلك النصوص، ولا نسخ لما يؤسس منها لمقاصد الشريعة وثوابتها الكبرى، لا سيما دون وجود دليل قطعي الورود والدلالة على نسخ ما هو في هذه المرتبة.

هي ثورة إسلامية إنسانية شعبية، يصنعها الواقع الفعلي، وهنا نحتاج إلى جهود كبيرة ليظهر من خلالها ما يعنيه الالتزام بنهج الإسلام كما أنزل، من خلال التعبير عن حقيقة الإسلام في سرنا وجهرنا، في قولنا وعملنا، في تعاملنا مع بعضنا ومع سوانا، في وطننا وفي عالمنا، في حربنا وسلمنا، في حالة استقرار شعبنا وفي حالة ثورتنا، حتى نلقى وجه ربنا.

من أرادها إسلامية وجب أن يعلم أنها كذلك بقدر ما يتجسد ما سبق من خلال ثوارها وممارساتهم، ومفكريها وأقوالهم، وداعميها واستقامتهم، وسائر شعبها ووعيه.

وأستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب

الإسلاميونالتعدديةالتغييرثورةسوريةمراجعات