رأي
رغم أهمية الوجود القبلي والعشائري العربي السوري في تكوين الوحدة الشعبية والجغرافية الوطنية في الحقبة الحديثة من تاريخ سورية، بقي دور هذا الوجود ضحية التهميش والتفتيت خلال الأعوام التي مضت على انطلاق الثورة الشعبية السورية عام ٢٠١١م.
وانطلاقا من رؤية مالك بن نبي تحت عنوان قابلية الاستعمار لا يصح إغفال الأسباب الذاتية المساعدة على التهميش والتفتيت حتى الآن، وهو ما تحمل مسؤوليته العشائر والقبائل، أو قياداتها التي توزعت على أكثر من جناح فكانت عرضة للاستغلال من جانب بقايا النظام الأسدي، وداعميه وخصومه الإقليميين والدوليين.
لا يعني هذا تبرير التهميش والتفتيت إنما لا ينتظر من أعداء الشعوب ألا يصنعوا الموبقات لتثبيت سيطرتهم ونفوذهم بكل ثمن. كذلك لا يعني ما سبق الانتقاص من مشروعية الهبة العشائرية والقبلية ضد فصيل من الأكراد يسيطر بدعم أمريكي على شمال شرق سورية منذ فترة، وكانت الشرارة التي أشعلت التحرك العسكري هي اعتقال رئيس المجلس العسكري في دير الزور، أحمد الخبيل المكنّى بأبي خولة، وعدد من أعضاء المجلس، ولكن التحرك ضد ما يسمى قوات سورية الديمقراطية / قسد يعود إلى تراكم الشكاوى ضدها وضد دعمها أمريكيا.
ويوجد من يربط بين الهبة العشائرية وبين ما وصف بتقارب جزئي بين واشنطون وأنقرة على خلفية اللقاء الأخير بين إردوجان وبايدن في ليتوانيا على هامش قمة حلف شمال الأطلسي، وتستند وجهة النظر هذه إلى محدودية الدعم الأمريكي لقسد في مواجهتها العسكرية مع القبائل والعشائر السورية، وكذلك لتصريح الرئيس التركي بأنه يعتبرها هي من يملك شرعيا الأرض التي يدور الصراع عليها مع قسد.
إن التحرك العشائري يرفع علم الثورة الشعبية وينسب قادته أنفسهم لها، وهنا لا بد من التأكيد أن كل تحرك عسكري أو غير عسكري لا ينبغي أن يغفل عن أن العدو الأول لتحرير إرادة الشعب في سورية ورفع المظالم عنه، إنما هو بقايا النظام الأسدي ومن يدعمها إقليميا ودوليا، وأن الوحدة الوطنية والجغرافية هدف محوري في الواقع الذي ننطلق منه، وينبغي أن تدور في فلكه الأهداف الفرعية، هذا فضلا عن المطالبة بتلاقي القوى العربية والإقليمية المخلصة على ما يحقق المصالح المشتركة في خدمة الشعوب وليس على حسابها وحساب تحرير إرادتها.
وأستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب