حماة المدينة التاريخية العريقة..
حماة المدينة الجريحة المستهدفة..
حماة المدينة الثائرة الصامدة..
من يسأل اليوم: هل ستنتصر حماة وينتصر أهلها على الشبيحة والميليشيات الأسدية والميليشيات المستوردة، يجد الجواب في تاريخ حماة التي هُزم الصليبيون على أبوابها ثلاث مرات متوالية خلال سنوات معدودة..
وفي مصير هولاكو الذي طرد منها بعد اقتحامها بسنة واحدة..
ومن يسأل اليوم عن ذلك الحقد الأسدي والبعثي ضد حماة، والذي بلغ الدرك الأسفل من الإجرام سنة ١٩٨٢م فليعلم أنه وريث حقد تيمورلنك التتري الذي هدم قلعتها، وحقد الاستعمار الفرنسي الذي قصفها في نيسان من سنة ١٩٤٥م
ومن يسأل اليوم عن مستقبل حماة.. فليعلم أن الشموخ لم يفارقها كشموخ مآذن جوامعها..
الجامع الأعلى الكبير من عهد فاتحها أبي عبيدة بن الجراح..
الجامع النوري من عهد نور الدين الزنكي..
جامع عمار بن ياسر.. من عصبة الحق الأولى..
وكذلك جامع السلطان الذي احتضن ثوار ١٩٦٤م
وجامع عمر بن الخطاب الذي انطلقت منه أولى مظاهراتها يوم الجمعة في ٢٥ / ٣ / ٢٠١١م مع انطلاقة الثورة الشعبية الكبرى..
. . .
حماة في قلب الثورة بجراحها.. بالشهداء من فلذات أكبادها.. بروح الثورة في جميع مساجدها وشوارعها وحاراتها..
هي المدينة الجريحة الثائرة بعشرات الألوف من أهلها في جمعة أطفال الحرية في مطلع حزيران ٢٠١١م، فكانت تلك أكبر مظاهرة شعبية سلمية حتى ذلك الحين على أرض الوطن..
وتجددت في اليوم التالي مع تشييع الشهداء.. وتحولت في ساحة العاصي وما يجاورها من أحياء إلى أكبر اعتصام شعبي في مسار الثورة..
وصمدت رغم مجزرة هلال رمضان بعد شهرين من الاعتصام..
كان السفاح الأسدي يحسب أن اقتلاع حنجرة إبراهيم قاشوش سيسكت حناجر الثوار فأصبح صوته في كل ساحة وميدان..
كان السفاح الأسدي يحسب أن فتك السلاح بالأجساد الطاهرة الثائرة سيخمد الثورة، فإذا بلهيبها تشعله تلك الأجساد ليشمل الشعب كله، ما بين القامشلي وجرابلس والقنيطرة واللاذقية وليرتفع بالثورة الأبية إلى العلياء في جبين التاريخ..
. . .
لم يركّز الإجرام الاستبدادي على اعتقال مدينة ثائرة كما حاول أن يصنع مع حماة بالذات منذ ذلك الحين..
نعلم أن الشعوب تنتصر إذا ما ثارت وقررت فرض إرادتها وإسقاط المجرمين في وحولهم..
ولكن حماة هي التي قدمت شاهدا لا يمكن نكرانه لترسيخ هذا اليقين..
نعلم أن الفتك الاستبدادي قتلا واعتقالا وتعذيبا وترويعا يمكن أن يكبّل شعبا من الشعوب إلى حين..
ولكن حماة هي التي أعطت الدليل على طاقة الثورة القادرة على تحطيم القيود والأغلال في كل حين..
نعلم أن لكل مواطن في سورية مدينة ينتسب إليها، أو بلدة يحن لمرآها، من وطنه السوري الواحد..
ولكن حماة هي المدينة التي يتطلع كل سوري إلى الانتساب إليها إلى جانب مدينته، ويحن لمرآها مثلما يحن لمرأى أهله في قريته..
لم يعد اسم حماة مرتبطا بمأساتها الكبرى قبل أكثر من أربعين سنة.. بل أصبح مرتبطا بثورتها الكبرى مع أخواتها منذ عام ٢٠١١م..
لقد انتصرت حماة على آلام جيل كامل في تاريخها الحديث.. وثارت من جديد، وستنتصر بإذن الله في ثورتها البطولية مع أخواتها من المدن والأرياف السورية، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
نبيل شبيب