معركة التفاوض

معطيات التفاوض الحاسمة بين النصر والهزيمة

خواطر

المفاوضات من أهم مراحل أي مواجهة بما في ذلك ما يتحقق عسكريا، وهذا ما يسري على مسار تداعيات طوفان الأقصى دون ريب. ومن يرغب في استشراف النتائج قبل أن تصبح مشهودة على أرض الواقع، فالطريق هو الإجابة على أسئلة محورية، منها:

مَن صَنَع شروط العمل في ميادين المواجهات المباشرة رغم التفاوت الكبير في موازين القوة المادية؟ أليس هذا مما يؤهله لصنع معطيات العمل في المواجهة السياسية التفاوضية؟

مَن الطرف الأوسع اطّلاعا والأعمق معرفة بما تملك المقاومة من إمكانات، وبما بلغه صمود الحاضنة الشعبية ومدى الاستعداد لمزيد من الصمود والتضحيات؟ ألا يملك ذاك الطرف من أوراق التفاوض ما لا يملك سواه؟

مَن المرشح للتشبث بالمطالب الشعبية المشروعة غير الطرف المقاوم الذي تمسك بمواقعه الميدانية في وجه العدو العاتي بزعامته الأمريكية وربيبته الإقليمية؟

الجواب يحدد من يملك القرار الحاسم في ميادين التفاوض، وهو ما لا يملكه طرف آخر، وإن قال إنه يخدم قضية فلسطين؛ وأقصى ما يراعى في ذلك هو موقع النصيحة والمشورة، أما القرار فأصبح بأيدي من سلك طريق تحرير إرادة الشعب ومن حمل الراية الميدانية في العمل لقضية شعبه ووطنه وأمته.  

قد يقول قائل إن الإنجازات قابلة للتحقيق بطريق آخر غير طريق المقاومة والمواجهة والتضحيات والمعاناة، وهذا صحيح، إنما يقاس النجاح بما يتحقق في واقع استعادة الحقوق وإنهاء المعاناة، وليس من خلال بيانات جميلة الصياغة وشعارات كلامية براقة، لا سيما ما كان مصيره على كل حال هو ضمور المحتوى واهتراؤه واضمحلاله تحت عجلات عشرات السنين دون تحقيق نجاح كبير أو صغير، إلا إذا اعتُبرت المشاركة في حصار المقاومة وحاضنتها الشعبية إنجازا.

الإنجازات الفعلية تجلب التأييد الشعبي، فتتحول عناصر الصمود والتضحية إلى عناصر لمشروعية التفاوض باسم شعب فلسطين ومن ورائه الشعوب العربية والإسلامية ومن يوصفون بأحرار العالم ويدافعون عن إنسانية الإنسان وحقوقه؛ هذا مع تأكيد عدم المساس بماهية حق تقرير المصير للشعوب، فهو حق قطعي وأساسي غير قابل للتفاوض، ولهذا فإن ما يتحقق عبر التفاوض مهما كان شأنه لا يلغي واجب شرعنته عبر استفتاء شعبي على قبول النتائج أو رفضها، مع تأمين ضمانات سلامة الاستفتاء ونزاهته، وضمان الحق المكفول لكل فرد من الشعب على تراب الوطن وفي الشتات أن يشارك في الاستفتاء، دون التعرض للضغوط، لا سيما عبر التقتيل والتشريد وتدمير الوطن وما فيه. والمفاوضات المشروعة هي التي تحفظ المكاسب المتحققة عبر طوفان الأقصى، وليس التي تتناول السؤال: ماذا يعطي العدو أو لا يعطي، فالأصح هو السؤال: بماذا يعترف راغما، وذاك في قلب ما يعنيه طوفان الأقصى تحديدا.

وأستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب
 

التفاوضطوفان الأقصىفلسطين
Comments (0)
Add Comment