مختارات – الاختراعات – بقلم عدنان وحود

ــــــــــ

المحتوى

مقومات الاختراع – طلب تسجيل الاختراع – أهداف منح براءات الاختراعات – أوساط المخترعين – الطريق إلى براءة الاختراع

التعريف العام: الاختراع هو مصطلح تُوصفُ به فكرة جديدة، قابلة للتطبيق، لتأدية فعالية ما، في جميع شؤون الوسائل في الأدوات والأجهزة والآلات.

التعريف الاصطلاحي: كثير من الصناعيين والفنيين والمهندسين لا يميزون بين الاكتشاف والاختراع. ولاختصار الشرح، يمكن الاستعانة بمعنى المثل الفني الألماني:

Eine Entdeckung erklärt die Welt, eine Erfindung “Patent “verwendet sie

الاكتشاف يفسر كنه أمر ما في هذه الدنيا، والاختراع يستخدم الاكتشاف، لإجراء فعالية ما.

مثل اكتشاف قيمة الجاذبية الأرضية، وهي ٩،٩٨ متر في الثانية ولكل ثانية. والاختراع هو أن يُصَمَّم ويُصْنع جهاز يعتمد على هذا الاكتشاف، مثلاً ليقاس الزمن إذا عُرفت المسافة أو لتقاس المسافة إذا عُرف الزمن. والاختراع يمكن أن يكون طريقة في تطبيق فعالية ما أو أداة لإجراء فعالية ما. هذه الطريقة أو الأداة يمكن أن تكون في الحياة التطبيقية منفصلة قائمة بحد ذاتها، أو تكون جزءاً من أجزاء الوسائل في الأدوات والأجهزة والآلات.

مقومات الاختراع

الاختراع سواء كان طريقة أم أداة، يجب أن يتوفر له المقومات الآتية:
١- النص الكتابي: على الجهة الراغبة في الحصول على براءة اختراع، أن تعبر عنه بنص مكتوب يدعى طلب تسجيل الاختراع باللغة الرسمية للبلد أو البلدان المرغوب الحصول على براءة الاختراع فيها.
٢- قابلية الأداء الفني: أن يكون أداء فاعلية الطريقة أو الأداة قابلة للتنفيذ من الناحية الفيزيائية أو التكنولوجية أو المنطقية ولو من الناحية النظرية البحتة.
٣- الحداثة: أن تكون الفكرة في مجال التطبيق المحدد جديدة. وألاّ يَطعن في حداثتها المعرفة المشهورة، أو أي نص منشور بشكل عام ذي تاريخ مسبق لتاريخ طلب تسجيل الاختراع، أو وجود هذه الفكرة في أي جهاز أو آلة صنعت واستخدمت بشكل عام قبل يوم التسجيل.
٤- رتبة الاختراع: ألاّ يكون الاختراع أو الابتكار من بديهيات الفكر، بل يجب بأن يكون من الواضح أن الفني أو المختص أو المهندس قد أعمل فكره ليستنتج الفكرة الجديدة.

إن تقدير إعمال الفكر وعن طريقها رتبة الاختراع أمر عسير وغالباً ما يختلف بشأنها. لذلك يحتفظ مكتب الاختراعات بالحق الأكبر عند تقييمها، ولا يُعطى حق لمدعٍ ما، بأن يحبط هذا التقييم.
وبراءة الاختراع تمثّل إحدى وسائل الحماية للحقوق الصناعية. والتي تشمل أيضاً براءات النماذج والسلع والتصاميم. هذه الحماية تتضمن الحق الحصري لصاحب براءة الاختراع في تصنيع وتسويق واستخدام الأدوات والأجهزة والآلات التي تعتمد فعاليتها على الاختراع. بناءً على امتلاك هذه الحقوق فإنه يقع تحت طائلة العقوبة الاقتصادية كل من يصنِّع أو يسوِّق أو يستخدم أدوات وأجهزة وآلات سميت الحقوق لغيره عن طريق براءات اختراع ونماذج وماركات (سلع) وتصاميم.

طلب تسجيل الاختراع

يتكون (يتألف) طلب الاختراع من نص كتابي يُستصحب غالباً برسومات مُحررة حسب معايير الرسم الصناعي الهندسي. ينبغي للنص الكتابي لطلب تسجيل الاختراع أن يتضمن العناصر الآتية:
تحديد الوجهة التي سوف يعالجها الاختراع الجديد.
توضيح الصعوبات التي تعاني منها التقنية المنتشرة.
دور الاختراع الجديد في القضاء على الصعوبات وفي الحصول على ميزات.
شرح تفاصيل الاختراع بالاستعانة بمثال تطبيقي موضحاً عن طريق الرسوم.
حقوق المطالبة للاختراع.

أهداف منح براءات الاختراعات

الهدف الأساسي الأول لمنح براءات الاختراعات هو دعم مسيرة التقدم التكنولوجي. من هذا الهدف الأساسي تتفرع أهداف أخرى للحضارة الصناعية، يمكن التطرق لبعضها دون الحصر.
إن منح براءة اختراع ما لمؤسسة صناعية، هو دعم لموقعها الاقتصادي، ومكافأة لروح الابتكار لديها. ينطبق ذلك على كل فرد أو جماعة مبتكرة.
إن التوصل لاختراع ما، قد يكلف جهوداً عظيمة، وإنفاقاً مالياً ضخماً، كما يُحتِّم إجراء الأبحاث، والاختبارات، والاحتكاك الحثيث مع الحياة العملية لوسائل الاستخدام والإنتاج وغيره، والسهر على فعاليتها، وإدراك نواقصها. لهذا توظف المؤسسة الصناعية الرائدة فعاليات من الفنيين والمهندسين، الذين تلقوا تعليمهم وتدريبهم في الجامعات والمعاهد الأكاديمية والتقنية التطبيقية، والذين أثبتوا جدارات في الحياة العملية وفي الابتكار.
لذلك فإن منح براءات الاختراعات للمؤسسة المبتكرة، يقطع الطريق أمام المقلدين، ويحفظ للمؤسسة الصناعية، إنفاقها وموقعها في المجال الصناعي. هذا يؤدي، لأن تكون الريادة في الصناعة، ليست لرأس المال فقط، وإنما للتقدم التكنولوجي، ولروح الابتكار أيضاً.
أن تمنح فكرة فني أو مهندس براءة اختراع، هو تشريف، واعتراف بقدرته على الإبداع، وتعزيز مكانته في المؤسسة الصناعية، وفي الصناعة بشكل عام، كما يمكن أن يعود عليه هذا الابتكار بفوائد مادية عن طريق المكافآت والعوائد، التي ينظمها قانون العمل.
أما الهدف الأساسي الثاني لمنح براءات الاختراعات فهو تحسين وسائل الاستخدام والإنتاج وغيره. هذا التحسين له أوجه عديدة، ويختلف من وسيلة لأخرى. ولإعطاء صورة واقعية يمكن سرد بعض هذه الأوجه:
تخفيض كلفة الإنتاج.
استهلاك الطاقة والمواد الأولية.
الأعباء الميكانيكية المطبّقة على المواد الأولية والوسائل، اهتراء واستهلاك قطع الغيار.
اختصار الحيّز الكافي للوسائل.
تبسيط الوسائل واستخدامها.
تحسين جودة ومواصفات المنتجات والوسائل، ضمان فعالية الوسائل.
ملاءمة البيئة، مثل تخفيض نسبة العوادم والغازات المنبعثة، والضوضاء والاهتزازات الناتجة والارتجاج المنتقل.
زيادة سرعة الإنتاج.
طول عمر الوسائل.
وتوسيع مجال استخدامات الوسائل في صنع منتجات متعدّدة وجديدة.

أوساط المخترعين

يشكل الفنيون والمهندسون في المؤسسات الصناعية، التي تضطلع بصناعة الوسائل، الوسط الأكبر للمخترعين. عن طريق الدراسة في الجامعات والمعاهد الفنية يتمتع هؤلاء بقدر كبير من العلم والخبرة المهنية. فإذا ما وجد هؤلاء في الوسط الصناعي، وطرحت الوظائف الواجب إنجازها، والمشاكل التي تواجه عند استخدام الوسائل الحالية، يتقد الذهن، ويعمل الفكر، لتلد الأفكار والابتكارات الحديثة، التي سوف تمنح فيما بعد براءات الاختراعات.

الوسط الثاني من الأهمية هم العلماء والفنيون والمهندسون العاملون في حقل الأبحاث. ولاختراعات هذا الوسط أهمية كبرى، لكونهم يطلعون على المستحدث من الاكتشافات بوقت مبكر، فيفاجئون المؤسسات الصناعية بابتكارات جديدة. وإذا ما قدرت المؤسسات الصناعية جدوى عملية واقتصادية لهذه الابتكارات، تدخل مع مؤسسة الأبحاث والمخترعين في مفاوضات لشراء هذه الابتكارات الجديدة. وغالباً ما تكون هذه الابتكارات مدونة بالشكل الكتابي المعضّد بالرسوم أو محققة واقعياً بشكل جزئي، أو كلي في جهاز أو في الوسيلة بحد ذاتها المراد تطوير فعاليتها عن طريق هذا الاختبار.

الوسط الثالث يتكون من الأعداد الهائلة من المهندسين والفنيين والعمال الذين يقومون على خدمة الآلات ووسائل الإنتاج وغيرها في المصانع والمنشآت الصناعية. إن الاحتكاك المستمر عبر الزمن مع الآلات ووسائل الإنتاج، يمكن أن يولد عند هذا الوسط أفكاراً هامة، تؤدي إلى تحسين وتطوير هذه الوسائل.
هذا التحسين أو التطوير، يمكن أن يطبق في حيِّز المؤسسة الصناعية المبدعة، ليؤدي إلى إحراز مزايا مرغوب بها، ويزيد من الجدوى الاقتصادية، ويحسِّن من موقع المؤسسة الصناعية أمام المؤسسات الأخرى المنافسة. في هذه الحالة يمكن أن تبقى هذه الأفكار في حيِّز الكتمان، أو تسجل لدى مكاتب الاختراعات للحصول على براءات اختراع، ليصبح بيع تراخيص استخدام هذه الأفكار لمؤسسات صناعية أخرى ممكناً.
وفي كثير من الحالات تذهب هذه المؤسسات، وتُسوِّق ملكية هذه الأفكار الجديدة، بذلك تنتقل الملكية مباشرة إلى المؤسسات الصناعية التي تقوم بصناعة الآلات والوسائل حسب المواصفات المتطورة الجديدة.

أما الوسط الرابع والأخير للمخترعين فيتكون من عامة الناس. فعند استخدام الوسائل والأدوات يخطر ببال كثير من الناس أفكار جديدة، تصلح لتطوير وتحسين هذه الوسائل والأدوات. ولكن يندر لهؤلاء، أن يَتَنَبَّهوا إلى أن ما هم بصدده هو فكر جديد، يصلح ليأخذ طريقه للتطبيق، ولأن يحوز على براءة اختراع. وأما إذا تنبه أحدهم إلى أنه قد توصل إلى اكتشاف فكر جديد، فالطريق إلى الوصول إلى براءة الاختراع غير سهلة، إلا إذا توفر لهؤلاء من يقوم على إرشادهم إلى الطريق الأمثل، الذي قد يوصل إلى الهدف.
يجب ألاّ يُستهان بأفكار هذا الوسط من المخترعين لما يتمتعون به من حرية التفكير. وتولي المؤسـسات الصناعية اهتماماً كبيراً بما يصلها من أفكار جديدة من هذه الأوساط.

الطريق إلى براءة الاختراع

من ناحية المبدأ إن الطريق للحصول على براءات الاختراعات سهلة.. هذا إذا ما استعان المخترع بالمختص الذي يقوم بتحويل فكرة الاختراع إلى طلب تسجيل اختراع يتحقق به مقومات الاختراع الآنفة الذكر.

عند وصول الطلب إلى مكتب الاختراعات يحدد يوم تسليم طلب تسجيل الاختراع ويعطى رقماً تسلسلياً ويدخل في التصنيفات المحددة في مكاتب الاختراعات.
في فترة تمتد من سنة إلى خمس سنوات يقوم مكتب الاختراعات بإجراء التمحيص في مقومات الاختراع، عندها يستعان ببنوك المعلومات للتحقق من حداثة الاختراع. بعدها يخطر مقدم طلب تسجيل الاختراع بمنح براءة الاختراع أو برفض طلب تسجيل الاختراع مع الإشارة إلى المعوقات التي أدت إلى هذا القرار. بنفس الوقت يقوم مكتب الاختراعات بنشر الاختراع أو طلب تسجيل الاختراع عبر النشرات التخصصية. في غضون ثلاثة أشهر يحق لأي فرد أو مؤسسة صناعية أو علمية تقديم طلب لنقض براءة الاختراع مع التوضيح المفصل للأسباب من وجهة نظر مقدم الطلب. في حال دحض الاعتراضات أو انقضاء الفترة المذكورة دون اعتراضات تصبح براءة الاختراع سارية المفعول ووسيلة هامة لحماية التصنيع والتسويق والاستخدام الحصرية بيد صاحب الاختراع أو من يشتري ترخيص أو منتجات صاحب براءة الاختراع.

هذه لمحة سريعة ومبسطة دون التعرض للتعقيدات التي قد تواجه منح براءات الاختراعات ولكن يستحسن العودة إلى بداية الطريق إلى المبتكر عندما يُعمل فكره ويتوصل إلى أفكار جديدة يمكن أن ترقى ويجني عن طريقها فوائد.
كون المبتكر في مؤسسة صناعية أو علمية يؤهله إلى التوصل إلى أفضل إمكانية لأن يجني ثمرة أفكاره الجديدة، إذ تستطيع هذه المؤسسات عن طريق أجهزتها المتخصصة بتقييم هذه الأفكار وبتمويل الإنفاق للحصول على براءات الاختراعات في البلدان الصناعية الهامة. في هذا الإنفاق تكون نسبة المجازفة عالية جداً، إذ تؤكد الإحصاءات أن أقل من عشرة بالمائة من طلبات تسجيل الاختراعات ترقى إلى أن تحوز على براءة الاختراع وتحرز جدوى اقتصادية.
أما إذا كان المبتكر حراً ويرغب أن يسلك الطريق إلى الحصول على براءة الاختراع بنفسه، فإن طريقه سوف تكون محفوفة بمخاطر الإخفاق، فلضعف إمكاناته الشخصية في تقييم الحداثة لأفكاره الجديدة يمكن أن يبدأ الإنفاق على عملية تسجيل الاختراع بالرغم من أن الحظوظ للحصول على براءة الاختراع وإحراز جدوى اقتصادية ضئيلة جداً. فالطريق الأمثل للمبتكر الحر أن يتوجه إلى المؤسسة الصناعية ويصل إلى إمكانية أن تتبنى هذه المؤسسة أفكاره دون أن يتعرض إلى أي إنفاق خاص دون جدوى اقتصادية مستقبلا.

د. عدنان وحود

الاختراعاتالتقدمعدنان وحودمختارات