رأي
يُقال إن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن بدأ يوم ١١ / ١٢ / ٢٠٢٣م بتغيير موقفه أو موقعه الذي يشارك من خلاله مباشرة في الحرب الجارية منذ ٧ / ١٠ / ٢٠٢٣م ضد شعب فلسطين؛ فما هي أبعاد التغيير المزعوم؟
أولا: التغيير حتى ساعة كتابة هذه السطور يوم ١٥ / ١٢ / ٢٠٢٣م بقي موقفا كلاميا فلم يقترن بخطوة عملية واحدة كوقف تصدير الأسلحة الأمريكية الفتاكة أو التنويه بوقفها، أو مجرد اشتراط الكف عن ممارسات الحصار التي تشمل منع الماء والكهرباء والوقود والغذاء والدواء عن أهلنا في فلسطين، بعد استخدام تلك الأسلحة الأمريكية للتقتيل المباشر ولتدمير الشبكات الفلسطينية الذاتية لتأمين مقومات الحياة الأساسية.
ثانيا: إن موقف بايدن الموصوف بالجديد في التعامل مع هذه الحرب، يتناول جزئيا الأسلوب الهمجي الأرعن في ممارسة القتل الجماعي والتدمير الشامل، ولا يتناول أصل الحرب العدوانية التي شارك بايدن فيها منذ يومها الأول، بل إن موقفه الجديد لم يتعرض لما ارتُكب خلالها من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ثالثا: إن جوهر ما تعبر عنه أقوال بايدن الموصوفة بالجديدة هو الخشية من نتائج تدهور وضع الكيان الصهيوني الإسرائيلي واهتراء قدرته على أداء دوره الوظيفي الإقليمي، الذي يعتمد عليه العداء الأمريكي، وترتكز عليه ممارسة الهيمنة الأمريكية في المنطقة على حساب الحق والعدالة وإنسانية الإنسان في القضايا الجذرية للعرب والمسلمين والإنسانية.
رابعا: الجدير بالذكر حول بايدن نفسه:
التغيير لا يشمل قوله إنه لا يحتاج أن يكون يهوديا ليكون صهيونيا.
التغيير لا يشمل قوله لو لم تكن إسرائيل موجودة لوجب إيجادها.
وسواء اتفق بايدن مع نتنياهو أم اختلف لا يغير ذلك شيئا من واقع العداء الأمريكي لقضية فلسطين والقضايا الأخرى العربية والإسلامية.
خامسا: إن ما حرك بايدن في اتجاه يختلف كلاميا عن اتجاهه العدواني طوال شهرين من قبل، هو تدهور شعبيته في استطلاعات الرأي الأمريكي، وما كان هذا إلا نتيجة اختراق التعتيم السياسي والتضليل الإعلامي على الناخب الأمريكي، وما كان هذا بدوره إلا نتيجة جمع المقاومة الفلسطينية بين الفاعلية المهنية والقيم الإنسانية واحتضانها شعبيا بصمود لا مثيل له في عالمنا المعاصر، وهو ما اخترق الحصار السياسي والإعلامي المفروض على شعب فلسطين بقرار أمريكي إسرائيلي.
سادسا: مهما بلغ اختلاف بايدن مع مسؤولين إسرائيليين، وحتى إذا مارس ضغوطا عليهم واستجابوا لها، فلا يلغي ذلك مسؤوليته المباشرة عن عشرات الألوف من شهداء فلسطين ومئات الألوف من المشردين والنازحين وعن تدمير ما دمر في فلسطين، وجميع ذلك تحقق عبر استخدام الإسرائيليين للأسلحة الأمريكية والذخائر الأمريكية والمعلومات الاستخباراتية الأمريكية وغير ذلك مما حمل بصمة بايدن وتوقيعاته على صناعة القرار وتنفيذه.
وأستودعكم الله الذي توعّد الظالمين بما يستحقون من الجزاء، ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب.