أيها الأخوة المواطنون
منذ أقدم عسكريون من الجيش على الانقلاب واغتصاب السلطة، في الثامن من آذار \ ١٩٦٣ \ أعلنوا حالة الطوارئ خلافاً لنصوص قانون الطوارئ، وذلك من أجل أن تستتب لهم الأمور، واستمر نظام البعث يحكم البلاد منصباً نفسه قائداً للدولة والمجتمع، عملاً بالمادة \ ٨ \ من الدستور المفصل على قياس سلطة استبدادية شمولية، والتي أصدرت المرسوم التشريعي رقم \ ١٤ \ لعام \ ١٩٦٩ \ المتضمن إحداث جهاز أمن الدولة والذي ضمن في مادته \ ١٦ \ العاملين في الجهاز من المساءلة القانونية، عن الجرائم التي يرتكبونها، وتحصينهم من الملاحقة القضائية، وفي ظل انتخابات تشريعية صورية، أصدر مجلس الشعب القانون \ ٤٩ \ لعام \ ١٩٨٠\ المتضمن إعدام المنتسبين لجماعة الإخوان المسلمين، خلافاً للدستور ولقانون العقوبات فيما يتعلق بعدم رجعية قوانين العقوبات، وبذا وضع مجلس سلطة مستبدة سلاحاً فتاكاً، استعملته لارتكاب جرائم قتل في السجون (تدمر- المزة ودور التوقيف الأخرى)، وأحيلت إلى محاكم ميدانية عسكرية ملفات مدنيين، حكم عليهم قبل أن يحاكموا، وساهمت هذه المحاكم مع محكمة أمن الدولة في إجراء تصفيات جماعية دون وازع من ضمير أو أخلاق، وتم إعدام الآلاف من السجناء بتوقيع وزير الدفاع، دون توقيع رئيس الجمهورية، حسب القانون، ثم طالت يد الاغتيال العديد من الشخصيات، في الداخل والخارج، ولم يحاسب أي مجرم على جريمته حتى الآن، ولم يفتح أي تحقيق عما وقع بين عامي \٨٠ \ ٩٠ \ من جرائم وتدمير، خاصة أحداث حماه المؤسفة \ ١٩٨٢ \. في ظل حالة الطوارئ، وفي ظل قوانين غير دستورية، تم تعطيل الحياة الاجتماعية والسياسية في البلاد، ومارس وزير الداخلية ولا يزال سلطة واسعة، في الزج بالمواطنين في السجون، لمدة يحددها هو، دون مؤيد قانوني، ودون أن يسعفه في ذلك حتى قانون الطوارئ، وكذا فعل رؤساء فروع الأمن المختلفة.
وأعقب كل ذلك استيلاء السلطة على النقابات العلمية: محامين – أطباء – مهندسين…إلخ، وألحقت بأجهزة الأمن تحت شعار الحزب، وكانت السلطة في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد قد سيطرت على التعليم والقضاء، وبذلك تم تمهيد الطريق لسلطة مطلقة لا رقابة عليها.
وعقب مجيء الرئيس بشار الأسد للسلطة، وارثاً لأبيه، استبشر بعض الناس خيراً، بتغيير الحكومة، وخاصة بعد سماعهم خطاب القسم الذي كان يشبه إلى حد كبير مقولة الوالد “لا أريد لأحد أن يسكت عن الخطأ ولا أن يتستر على العيوب، والنواقص”، وفي كلتا الحالتين ظن المواطنون إمكان رفع أصواتهم، فكان مصيرهم السجون والمعتقلات، ولم يسلم أحد حتى كبار السن، وتوضحت صورة نظام غاشم لا يراعي قانوناً، ولا خلقاً. ولقد دأبت منذ مجيء الرئيس الحالي، كما دأب غيري على محاولة حوار السلطة بالكتابة والكلمة والاعتصام فذهبت جميع الجهود أدراج الرياح، وأصمت السلطة آذانها عن سماع كلمة الحق وطي الملفات العالقة (معتقلين – مفقودين – مهجرين) وعاثت يد المتنفذين في المال العام فساداً، وتم نهب ثروات البلاد، ولم يعمد أي مجلس من مجالس الشعب لمحاسبة الحكومة عن أية ميزانية، وتم عزل الشعب عن رقابة السلطة، التي خرجت عن القوانين واعتمدت إدارة البلاد بالأوامر والبلاغات والتعليمات والهواتف، التي أصبحت فوق القانون، وفوق المعاهدات الدولية، ومنع المواطنون من السفر ومن التعبير بحرية، وبذا أصبحت سلطة فاشلة بنظر القانون الدولي، ولهذا فإنني أطالب:
١- الشعب بضرورة التحرك للدفاع عن مصالحه وحقوقه، والتصدي للانحراف والفساد.
٢- السلطة بالتنحي عن الحكم، والتمهيد لانتقال السلطة سلمياً إلى سلطة تمثل الشعب تمثيلا حقيقياً.
“وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”.
٦ / ٣ / ٢٠١١م
المحامي هيثم المالح