في العمل الدعوي كان له باع كبير، جزاه الله كل خير
في العمل الحركي كان دوما في المقدمة، عليه رضوان الله
في الخطابة والمحاضرات والتأليف كان خطيبا مفوها ومحاضرا فذا وكاتبا متمكّنا من علمه وقلمه، وفي العلم الشرعي، لا سيما الحديث والفقه، كان طالبا للمزيد باستمرار مع تطبيق ما يتعلم، وأستاذا يعطي ما لديه من علم لمن يطلبه، والأجر على الله وحده
أما في نطاق أسرته وأهله وبين إخوانه فقد عرفناه إنسانا قدوة على مر السنين ونحسبه من المخلصين الصادقين بإذن الله
متولي موسى أتى من مصر إلى ألمانيا عام ١٩٧٦م مع الأخ الحبيب صلاح ميهوب رحمه الله، ولا أستطيع ذكر أحدهما دون الآخر، منذ ذلك الحين، وقد استقر بهما المقام في مدينة بون أولا، حيث أقيم منذ ١٩٦٥م، فأكرمني الله بالتعرف عليهما وصحبتهما، حيث بدءا التخصص مع بعض أقرانهما في بعثة جامعية، ضمّت عددا من الاتجاهات التخصصية، وكان تخصص صلاح في الرياضيات ؤتخصص متولي في الاقتصاد.
وكان التعارف معهما لأول مرة في بون، في مصلى كنّا نطلق عليه اسم مسجد صلاح الدين تيمّنا بصلاح الدين الأيوبي، ونؤدي فيه صلوات الجمعة والأعياد، ومعظمنا من الطلبة، الذين كانوا يرجعون إلى كتب التراث في أوقات فراغهم، فيشارك بعضهم في نقل ما يتعلمه لسواه، وكان في انضمام متولي وصلاح لمجموعتنا، رفد كبير للعمل الطلابي المحلي، وما لبثا أن انخرطا في العمل الدعوي والحركي على مستوى ألمانيا وعموم أوروبا، وسرعان ما حمل صلاح مسؤولية الأمانة العامة لاتحاد الطلبة المسلمين في أوروبا، بينما شرع متولي في نشاط دائب على مستوى البلدان الأوروبية، أفضى إلى تأسيس اتحاد العمال المسلمين في أوروبا.
ولا أنسى نموذجا لجهوده عندما تحرك مع الأخ الكريم الحبيب المتخصص في الشريعة مروان قبّاني من بون، رحمهما الله، فقصدا معا “ودادية بون” التي كان يلتقي فيها أبناء الجالية المغربية، لا سيما من العمال، وهي مقهى من مقاهي اللهو والسمر، فكانت تلك الزيارة بداية تحوّلها وفق ما أراده متولي رحمه الله، وككثير من أمثالها في أوروبا، إلى مصلى، أصبح في هذه الأثناء ونحن في عام ٢٠٢٤م، من المصليات الكبيرة في مقاطعة باد جودسبيرج جنوب بون، وأرجو أن يكون الجزاء الأوفى من الله تعالى، في صفحة متولي موسى المتوفى في آخن بألمانيا، يوم 28 جمادى الآخرة عام 1445هـ و٨ كانون الثاني / يناير عام ٢٠٢٤م. هذا التجمع لإخوة من مصر والمغرب ولبنان وغيرها كان نموذجا لأمثاله في كل مكان لجميع الجنسيات.
قبل الاستقرار في مدينة آخن، كان متولي قد انتقل من بون إلى مدينة كولونيا، حيث كان له هناك القسط الأكبر في تطوير العمل الإسلامي الطلابي والعمالي، وتنميته على نطاق واسع، فضلا عن مشاركته المنتظمة في توسيع نطاق العمل الإسلامي، ولا سيما الندوات الشهرية، وأنشطة أخرى تأسست منذ أواخر ستينات القرن الميلادي العشرين، برعاية أستاذنا الجليل، عصام العطار حفظه الله، عبر المركز الإسلامي في آخن / مسجد بلال واتحاد الطلبة المسلمين في أوروبا ثم بمشاركة اتحاد العمال المسلمين لاحقا، وشملت الأنشطة عقد المؤتمرات الموسمية والسنوية التي شملت تدريجيا معظم المدن الأوروبية، واستقطبت المسلمين من الطلبة والعمال والخريجين، ذكورا وإناثا، كما شمل العمل إصدار مجلة الرائد من بون، وأكثر من سلسلة للكتب باسم الدار الإسلامية للإعلام، ولا أعلم شيئا من جميع ذلك إلا وشارك فيه الأخ الحبيب متولي رحمه الله، مشاركة متميزة، حتى أنني أتساءل كيف كان يجد الوقت لتأليف ونشر عدد من الكتب، منها العقيدة الإسلامية – مفاهيم وضوابط، وتربية الأطفال – في فترة الحضانة، وحرب الخليج – مقدمات ونتائج، وفلسطين بين الاغتصاب والتسليم، وغيرها.
وعند الشروع في تموز / يوليو ٢٠٢٢م في التحضير لتأسيس موقع محطة إضاءات طلبت من متولي موسى الحضور إلي في مسكني في بون فلبّى الدعوة، وكانت الزيارة تهدف أيضا إلى تسجيل لقاء معه، يقترن بالتعريف بكتبه، ولكن كنت في بداية التعرف على تقنيات التسجيل، وأخطئ في استخدامها أكثر مما أصيب، فبقي لدي من زيارة متولي تلك بعض الصور فقط دون تسجيلات، على أمل استدراك ذلك لاحقا، ولم يتحقق هذا الأمل، ولم أره بعدها إلا لماماً، رحمه الله وغفر له، وأجزل له العطاء في جنة الخلد، إن شاء الرحيم الكريم، وأنزل السكينة والصبر والسلوان، على ابنه محمد وأختيه، وعلى كافة ذويه ومحبيه من تلامذته وإخوانه في كل مكان، وجمعنا معه في ظله يوم لا ظل إلا ظله، حيث يلتقي تحته الإخوة المتحابون في الله، وأرجو أن يشملنا ذلك برحمة من الله ورضوان.
وأستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب.