ــــــــــ
من الأسماء المضيئة في سجل الثورة الشعبية في سورية الشيخ أحمد صياصنة، إمام المسجد العمري في درعا، وأحد وجهاء المدينة، مهد الثورة الذي انطلقت منه أولى فعاليات مواجهة الاستبداد عام ٢٠١١. وهو من مواليد ١٠ / ٤ / ١٩٤٥م في درعا البلد أصيب في طفولته بالرمد ثم فقد نعمة البصر، إنما حباه الله تعالى بنعمة البصيرة.
حفظ ثلث القرآن الكريم في “الكتّاب” وعمره سبعة أعوام، واختير بعد عامين ليدرس في مركز رعاية المكفوفين في القاهرة، فتعلم لغة للمكفوفين، ولكن اضطر بعد الانفصال بين مصر وسورية سنة ١٩٦١م، إلى مغادرة القاهرة قبل استكمال دراسته، ثم حصل في سورية على الشهادة الإعدادية من خلال الدراسة الحرة، وحصل لاحقا على منحة دراسية لمصر من جامعة الدول العربية لدراسة كيفية تعليم المكفوفين، وفي عام ١٩٦٨م كتب رسالة دراسية بعنوان “الحياة الاجتماعية وأثرها في تكيف الكفيف”، فحمل شهادة التخصص في تعليم المكفوفين، ولم ينقطع عن الدراسة الحرة فحصل أيضا على الشهادة الثانوية في سورية عام ١٩٦٩م، وانتسب بعد عام واحد إلى الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، فنال عام ١٩٧٣م شهادة “الليسانس” من كلية الدعوة وأصول الدين.
ومارس أحمد صياصنة الإمامة في مدينة إزرع والتدريس في بصرى الشام ثم الخطابة منذ ١٩٧٨م في الجامع العمري في درعا، حيث كان الإقبال عليه كبيرا والتجاوب معه واضحا للعيان، فاستهدفته السلطات الاستبدادية أكثر من مرة بمنعه من الخطابة، ولكن بعد انطلاق الأحداث الثورية ومطالبة أهل درعا بعودته للخطابة، رفع عنه الحظر يوم ١٨ / ٣ / ٢٠١١م، إنما لم تنقطع ملاحقته من جانب الأجهزة “الأمنية”، ورغم استشهاد ابنه أسامة صياصنة في مطلع الثورة في سورية، لم ينقطع عن إعلان مواقفه الجريئة، وكان من أقواله حين سئل عن مستقبل الثورة:
(لا أعتقد أنها ستتوقف، لأن الشعب السوري ملّ الوعود، وكل ما تناوله الأسد في خطابه كان وعودا، الرئيس بشار الأسد منذ توليه مقاليد الحكم في سوريا تحدث عن الإصلاحات وتفاءلنا خيرا حينها، لكن لم نر شيئا من تلك الإصلاحات، يبدو أن الطبقة الحاكمة وقفت ضد الإصلاحات التي جاء بها، وبذلك فقد الناس الثقة في النظام، كما أن الخطاب الثاني لم نلمس فيه شيئا واضحا، إلا صيغة “سنفعل” التي تعودنا عليها منه، وبعد جرائم القتل العديدة لا يوجد من يثق في النظام الآن، ثم هل يعقل أن ننتظر من الفاسد والمفسد أن ينجز إصلاحا، الجهاز كله فاسد، ولا ننتظر شيئا سوى رحيل النظام).
نبيل شبيب