رأي
مع انعقاد قمة ٢٠٢٣م لجامعة الأنظمة العربية تعود تلك الأنظمة إلى الأسلوب العلني في الاحتضان الرسمي للنظام الشقيق المستبد في سورية. ومع الإعلان الرسمي والعملي عن ذلك مسبقا خابت آمال من أخطؤوا ابتداء في تعليق أمل على تلك المنظومة، فمن البداية لا يُعوّل عليها شيء في محاسبة المسؤولين عن الاستبداد والإجرام في سورية، وإلا لوجبت محاسبة أقرانه في الأنظمة الأخرى بغض النظر عن تفاوت درجة الاستبداد والإجرام، ومن البداية لا يُنتظر من تلك المنظومة عون حقيقي ولا استجابة حقيقية لمطالب الشعب الثائر في سورية، من أجل استعادة سيادته في وطنه وممارسة حقوقه وحرياته، ناهيك عن تحرير بلده من قوى الاحتلال الأجنبية على أرضه، فالجميع يخشى من تحرير إرادة الشعوب، والجميع حريصون دون وصول الثورة الشعبية في سورية إلى أهدافها، كيلا تتابع الشعوب خطى التغيير بها وبسواها من الثورات الشعبية الأخرى.
إن جامعة الأنظمة العربية كانت وما تزال لا تبالي بحقوق مشروعة ولا بقوانين دولية ولا بمصالح حيوية، قدر ما تحرص فرادى ومجتمعة على ما يسمونه استقرارا في حدود البقاء في كراسي السلطة وما يسمونه أمنا وهو ممارسة القمع الآثم للشعوب بأشكال متعددة، ودرجات متفاوتة.
من أين ينعقد الآمال على جامعة الدول العربية وقممها، ولم يسبق أن تعاملت مع أي قضية مصيرية تعاملا قويما على امتداد تاريخها منذ نشأتها الأولى سنة ١٩٤٥م، والشواهد معروفة، مثل قضية فلسطين بين الاغتصاب والتحرير، أو قضية الوحدة والنزاعات البينية، أو قضية التقدم والتخلف، أو قضية العلم والجهل، أو قضية النهوض والفساد، أو قضية الرخاء والفقر، أو قضية السيادة والاستقلال الحقيقيين بدلا من التبعية الأجنبية، فكيف يُنتظر من تلك الأنظمة منفردة ومجتمعة أن تتصرف وفق ما يلبي الحقوق المشروعة لشعب سورية ومطالب ثورته ضد الطغيان الدموي الجاثم على حاضر سورية ومستقبلها وعلى صدور أهلها الأباة منذ عشرات السنين.
صحيح أن جدول أعمال قمة ٢٠٢٣م امتلأ كالمعتاد بذكر عناوين قضايا ساخنة مثل مسار تهويد الأرض المباركة، والحرب بين عساكر السودان، مقابل تجنب ذكر قضايا ساخنة أخرى في تونس وليبيا ولبنان واليمن وسواه، ولكن لا ينتظر على كل حال أكثر من نقل عبارات بيانات قمم سابقة إلى بيان جديد، ينتهي مغزاه بوصوله إلى وسائل الإعلام، دون خطوة عملية، إلا ما كان في خدمة الأنظمة لا الشعوب.
قمة أخرى في قاع الظلمات، لا توقف صناعة التخلف وأسباب العجز والنزاعات، ولا تمس أخطبوط الاستبداد الداخلي والتبعيات الأجنبية، ولئن ألغي عقد القمة أصلا لما تغير شيء من مجرى الأحداث والتطورات وصناعة القرار، ولهذا فقدت قيمتها ولهذا لا ينعقد عليها أمل لمستقبل أفضل ولا يصل أحد من خلالها إلى هدف كريم.
وأستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب