لا يقاس حجم الدور الذي أدّاه الشيخ الشهيد أحمد ياسين بمفعول الأحجار التي تحرّكت في الانتفاضة الأولى والعمليات المسلّحة التي ردّت على البطش الإسرائيلي في انتفاضة الأقصى، إنّما هو دوره الكبير في الانتقال بقضية فلسطين وبدائرة الصراع المفروض من حولها وفي قلبها، من مرحلة تاريخية إلى أخرى، ومن مسلسل "قضم" الأرض الفلسطينية قطعة بعد قطعة، وفصل القضيّة سياسيا وأمنيّا وبشريا وجغرافيّا عن محيطها العربي والإسلامي، إلى مسلسل العمل من أجل تحريرها والعودة بها إلى مكانها الطبيعي في القلب من قضايا الأمّة العربية والإسلامية.
يا شَـهيدَ الفَجْـرِ حَقَّـقْـتَ المُـرادْ
وَالجِهـادُ الحَـقُّ مَضْمـونُ الحَصادْ
في بُذورِ النَّصْـرِ تَرْعـاهـا وَفـي
جَـنَّـةِ الرِّضْـوانِ في دارِ المَعـادْ
تَجْتَـنـي بِالحُسْـنَيَيْـنِ المُبْتَغــى
فـي الوَرى عِـزَّاً، وَإِكْـرامَ الوَفـادْ
ذاكَ وَعْــدُ اللهِ فَضْـلا سـابِـغـاً
مَنْ يُجـاهِـدْ فيـهِ يُكْـرِمْهُ الجَـوادْ
أَمْـرُهُ كـافٌ وَنـونٌ هَـلْ عَلـى
غَيْرِ رَبِّ العَـرْشِ في الدُّنْيـا اعْتِمادْ
حاكِـمـاً بِالحَـقِّ حُكْماً مَـاضِيــاً
قَدْ قَضـى ما بَيْـنَ كُفْـرٍ وَاعْتِقـادْ
قَـدْ عَـرَفْـتَ اللهَ رَبَّـاً ناصِــراً
سَـعْيَ مَـنْ يَسْعى وَلِلرَّحْمـنِ هـادْ
قَـدْ عَـرَفْـتَ اللهَ رَبَّـاً عــادِلاً
فَانْظُـرِ الطَّاغـوتَ في نـارٍ وِصـادْ
قَـدْ عَـرَفْـتَ اللهَ رَبَّـاً قـاهِـراً
كِـبْـرَ أقْـزامٍ كَفِـرْعَـوْنٍ وَعـادْ
إِنْ تَـرِثْ صُهْيـونُ ما أَوْدى بِهِـمْ
تَـلْـقَ حُكْـمَ اللهِ إِذْ "عادَتْ فَعـادْ"
إِنْ بَنَـتْ سـوراً مَنيعـاً وَانْـزَوَتْ
خَلْـفَ حِصْـنٍ شاهِقٍ فَوْقَ العِمـادْ
كـلُّ سـورٍ سَـوْفَ يَهْوي صـاغِراً
كُـلُّ حِصْــنٍ إِنْ أَتـاهُ اللهُ مــادْ
سُـنَّـةُ التَّـاريـخِ مِـنْ آيــاتِـهِ
لَيْسَ لِلآيـاتِ تَـتْـرى مِـنْ نَفـادْ
قَدْ أَتـى صُـهْيـونَ أَمْـرُ اللهِ مـا
كـانَ مِـنْ أَمْــرٍ لأَمْــرِ اللهِ رادّ
إِنْ تَجِـدْ في الأَرْضِ أَعْـواناً فَهَـلْ
مِـنْ مُعيـنٍ يُرْتَجـى يَـوْمَ التَّنـادْ
ما مَضَتْ في الحَـرْبِ وَالإِجْـرامِ لَوْ
صَدَّها مُسْـتَنْفِرٌ في الحَـرْبِ جـادّ
يا هُـواةَ الأَمْـنِ وَالتَّطْبـيـعِ لَـنْ
يَـرْدَعَ الإِجْــرامَ سِــلْمٌ أَوْ وِدادْ
كَـمْ عُقـودٍ داعَبَـتْ أَوْهـامَـكُـمْ
كَـمْ شِـعاراتٍ تَهـاوَتْ أَوْ تَـكـادْ
لَـمْ تُـزِلْ "آثـارَ عُـدْوانٍ" مَضـى
أَوْ جَـديـدٍ مِنْ مَخازيهـا اسْـتفادْ
لَـمْ تَصُـنْ أَرْضـاً وَشَـعْباً صامِداً
أَوْ تُواسِ الجُرْحَ أَوْ تَـرْعَ الضَّمـادْ
لَـمْ تَجُـدْ حَتَّى بِأَكْـفـانٍ لِـمَـنْ
أَصْـبَحوا في عَهْدِكُمْ غُنْمَ اصْطِيـادْ
لا.. وَما رَدَّتْ أَذىً عَـنْ نَبْعَـــةٍ
أَوْ حَمَتْ زَيْتـونَـةً حَتَّـى الحَصـادْ
هَلْ رَأَتْ سِـلْمـاً فِلَسْـطيـنُ التـي
يَرْتَـعُ التَّهْويـدُ فيـهـا كَالجَـرادْ
لَمْ تُـواروا عَـوْرَةً عَـن نـاظِـرٍ
حـارَ في عُهْـرٍ بِتَهْـويـدٍ أَشـادْ
يَقْـبَـلُ التَّشْـريـدَ "أَمْـراً واقِعـاً"
يَطْبُـخُ "التَّطْبيـعَ" في جُحْرِ اعْتِيـادْ
يَجْـعَـلُ التَّحْريـرُ إِثْمـاً عِنْدَ مَـنْ
وَطَّنـوا الآثـامَ فـي قَصْـرٍ وَنـادْ
وَالعُـلى تُـؤْتـى لِمَـنْ يَرْتـادُهـا
كَيْـفَ نَرْقى دونَ عَـزْمٍ وَارْتِـيـادْ
ما رَأى التَّيْـئيسُ قَوْمـاً مِثْـلَهُـمْ
أَتْقَنـوا التَّخْذيلَ عَنْ خَوْضِ الشِّـدادْ
عَشْـعَشَ التَّثْـبـيطُ في أَعْلامِهِـمْ
وَالخَـنـا مسْـتَفْـحِـلٌ.. وَالذُّلُّ زادْ
فَاشْـتَكَوْا عَجْـزاً وَهُـمْ صُنَّـاعُـهُ
وَانْتَشَـوْا بَأْسـاً بِإِدْمـانَ اضْطِهـادْ
صـارَ عُـذْراً فـي كَراسِـيِّ الأُلى
صَـيَّـروها في الوَرى رَمْزَ ارْتِـدادْ
وَاسْـتَماتـوا فـي دِفـاعٍ بـائِسٍ
عَـنْ بَقـاءٍ في الكَراسـي كَالقُـراد
عُصْبَـةٌ سَـكْرى تَـرامى جَمْعُهُـا
طـالِبـاً تَسْـليـمَ أَمْريكـا القِـيـادْ
فَاسْتَساغـوا عَيْشَ عِـبْـدانٍ وَلَـمْ
يَـنْـجُ عَـبْـدٌ مِنْ تَبـابٍ أَوْ بِـدادْ
إِنْ دَعـا داعي الجِهادِ اسْـتَيْأَسـوا
وَالـرَّدى آتٍ.. فَـمـا نَفْـعُ العِنـادْ
أَوْ دَعَتْ صُهْيـونُ لَبَّـوْا سَـوْطَها
يَطْـلُـبـونَ السَّـوْقَ قِطْعانـاً تُبـادْ
لا تَـرى مِنْهُـمْ سِـلاحاً مُشْـهَـراً
غَيْـرَ مـا يَحْمـي عَـدُوَّاً وَالفَسـادْ
أَمْعَنـوا جَـوْراً وَظُلْـمـاً فاحِشـاً
عَـفَّ عَـنْ إِتْيـانِهِ وَحْـشُ البَـوادْ
جَبْهَـةُ التَّـاريـخِ تَنْـدى بِالأَسـى
مِنْ صَغـارٍ في جِبـاهِ القَـوْمِ بـادْ
مِـنْ خَطـايـا لَـوَّثَـتْ أَوْراقَــهُ
مِنْ صُـنوفِ البَغْـيِ فَتْكاً بِالسَّـوادْ
مِنْ رَحى الإِرْهابِ داروا حَـوْلَـهـا
فـي حُـروبٍ خَلْفَ شَـيْطانٍ فَقـادْ
مِـنْ قُعـودٍ عَـنْ رُقِـيٍّ يُرْتَجـى
وَاعْـوجـاجٍ فـي عُقـولٍ كَالجَمـادْ
فَامْضِ في الأَوْطانِ وَابْحَـثْ جاهِـداً
عَـنْ عَـطـاءٍ أَوْ بِنـاءٍ أَوْ عَـتـادْ
لَـنْ تَـرى إِلاَّ خَـرابـاً مُفْجِـعـاً
لَـنْ تَـرى إِلاَّ سَـواداً فـي سَـوادْ
أَوْ قُصـوراً شـامِخـاتٍ شَـيَّـدوا
بَـلْ تَـرى الأَمْـواتَ في ذُلٍّ يُشـادْ
فَانْـعِ قَوْمـاً دونَ عِـزٍّ صـانَهُـمْ
أَوْ شُـموخٍ أَوْ صُـمـودٍ أَوْ رَشـادْ
أَيْنَ قَـوْمي مِـنْ جُـدودٍ حَصَّـنوا
عِـزَّةَ الإِنْسـانِ فـي مَجْـدٍ مُشـادْ
في الدُّجـى كانوا ظُهـوراً تَنْحَنـي
في قُنـوتٍ في خُشـوعٍ في انْقِيـادْ
في الوَغـى كانوا صُـدوراً تَمْتَطي
فـي عُيـونِ المَوْتِ أَخْيـارَ الجِيـادْ
إِنَّ قَوْمـي مَنْ يُجيـبُ المُصْطَفـى
إِنْ دَعـا الدَّاعـي إِلى "بَرْكِ الغِمـادْ"
ياشَـهيـدَ النُّـورِ أهْـدى نــورَهُ
أَعْيُـناً في الفَجْـرِ أَضْناها السُّـهادْ
شـامِخـاً لا تَنْحَنـي فـي مِحْـنَـةٍ
أَرْغَـمَـتْ هامـاتِ عُبَّـادِ العِـبـادْ
رائِـداً لِلجـيــلِ.. رادَّاً لِلْـعِــدا
صامِـداً كَالطَّـوْدِ.. يَحْدوكَ السَّـدادْ
لَمْ تُهـادِنْ غاصِـبـاً فـي أَرْضِنـا
وَاغْتِصـابُ الأَرْضِ ماضٍ في ازْديادْ
لَمْ تُسـاوِمْ في حُقـوقٍ أَصْـبَحَـتْ
لا تُـصـانُ اليَــوْمَ إِلاَّ بِـالزِّنـادْ
لَمْ تَبِـعْ تاريـخَ شَـعْـبٍ ثـائِـرٍ
أَوْ تَبِـعْ أَرْضـاً بِبَخْسٍ فـي مَـزادْ
أَوْ مَـواثيــقـاً كَمـا لَـوْ أَنَّهـا
سِــلْعَـةُ الشُّـطَّارِ أَيَّـامَ الكَسـادْ
لَمْ تَبِـعْ مِفْـتـاحَ بَـيْـتٍ هَـوَّدوا
أَوْ شَـكاةَ الدَّمْعِ يَطْويهـا الوِسـادْ
أَوْ عَـتيـقـاً مِنْ خِيـامِ أَصْـبَحَتْ
مِنْ تَضـاريسِ الصَّحارى وَالوِهـادْ
أَوْ حَنـيـنَ الأَهْـلِ لِلأَسْـرى وَلَـمْ
يَقْبَـلـوا بَيْعـاً وَإِنْ طـالَ البَعـادْ
أَوْ طَـوابـيـرَ انْـتِـظـارٍ نـازِفٍ
نَـزْفَ قَهْـرٍ عَبْـرَ أَشْـلاءِ البِلادْ
لَمْ تَبِـعْ حَتَّـى خَـؤونـاً بائِعــاً
آهَــةً حَـرَّى بِدولارِ الفَـســادْ
لَـمْ تُوَجِّـهْ نَحْـوَ أَهْـلٍ طَلْـقَـةً
رَغْـمَ غَـدْرٍ آسِـنٍ مِثْـلَ القَـتـادْ
وَالفِـدا جَسَّــدْتَهُ فـي فِـتْـيَــةٍ
يَرْصُـدُ الطَّـاغوتَ في سَـهْلٍ وَوادْ
وَالفِـدا حَسْـناءُ في رَيْـعِ الصِّبـا
يُسْـمِعُ الطَّاغـوتَ تَكْبـيـرَ الغِيـادْ
وَالفِـدا خَنْسـاءُ تَـنْـعـي أُمَّــةً
كادَ يَطْـوي ذِكْرَهـا طـولُ الرُّقـادْ
أَنْتَ مَـنْ عَلَّمْـتَـهُـمْ حُـبَّ الرَّدى
قَـدْ عَـدا عـادٍ فَما جـازَ الحِيـادْ
أَيْـنَ "أوسْـلو" ذَيْـلُ "مَـدْريدَ" التي
أُورِثَـتْ "ديفِـدْ" عَلـى شَـرِّ اعْتِدادْ
أَيْـنَ "رُؤيـا" دَوْلَـةٍ يَلْـهـو بِهـا
مَـنْ يَـرى المَكَّـارِ قِدِّيسـاً فَكـادْ
في "طَريقٍ" قُطِّـعَـتْ أَوْصـالُـهـا
فـي مَتـاهـاتِ الْتِـواءٍ وَانْسِـدادْ
أَيْنَ مَـنْ صـاغَ اتِّفـاقـاتٍ غَـدَتْ
يَـوْمَ أَطْـلَقْتَ الفِـدا.. طَيَّ الرَّمـادْ
يا شَـهيدَ الحَـقِّ في جيـلٍ طَـوى
صَـفْحَـةً سَـوْداءَ.. بِالأَرْواحِ جـادْ
رايَـةُ النَّـصْـرِ التي عـانَقْـتَهـا
لَـمْ تَـزَلْ مَرْفوعَـةً فَـوْقَ النِّجـادْ
تُـنْـذِرُ الأَشْـرارَ بَأْسـاً حـارِقـاً
مِـنْ رَبـاطٍ مـا خَبـا فيـهِ اتِّقـادْ
يا دُعـاةَ الحَـقِّ هـذي الأَرْضُ لا
تَرْتَضـي مَـنْ عَنْ سَـبيلِ اللهِ حـادْ
فـي ثَـراهـا أَنْبـيـاءٌ إِرْثُـهُـمْ
يُثْـقِـلُ الأَعْـنـاقَ حَتَّـى تُسْـتَعادْ
ثَبِّـتـوا الأَقْـدامَ فـي دَرْبٍ غَـدا
دَرْبَ إِقْــدامٍ وَعَــزْمٍ وَاحْتِشــادْ
وَاذْكُروا ياسـينَ صـونوا عَـهْـدَهُ
في وَفـاءِ العَـهْـدِ لِلأَحْــرارِ زادْ
كانَ صَـرْحـاً شـامِخـاً في عِـزَّةٍ
إِنْ مَضـى لا نَرْتَـدي ثَـوْبَ الحِدادْ
في خُطـى أَهْـلِ الرَّبـاطِ العَهْـدُ في
عُهْـدَةِ الفـاروقِ في صِـدْقِ الجِهـادْ
فـي صُـمـودٍ وَالمَنـايـا حَـوْلَـهُ
طالِـبـاً رَأْسَ المَنـايـا فَاسْـتَـزادْ
لا وَرَبِّ المَسْـجِـدِ الأَقْصـى وَمـا
حَوْلَـهُ وَالأَرْضِ وَالسَّـبْعِ الشِّـدادْ
لَـنْ تَضـيعَ الأَرْضُ مِنْ أَيْدي الأُلى
يُمْسِـكونَ العَهْـد في زَرْدِ المِسـادْ
فَانْتَضوا الأَسْـيافَ مِنْ أَغْمـادِهـا
وَاحْفَظوا الأَهْداف من لَغْـوِ المِـدادْ
وَاسْـأَلوا الجَبَّـارَ نَصْـراً يَسْـتَجِبْ
ما اسْـتَقمْتُمْ إِنْ طَغـا شَـرٌّ وَسـادْ
فـي فِلَسْـطينَ التي حَـلَّـتْ بِنــا
في ضِـيـاءِ العَيْنِ في نَبْضِ الفُؤادْ
نبيل شبيب