ــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وبعد
بدايةً أشكر رئاسة الجلسة على دعوتها لي لإلقاء كلمة بهذه المناسبة.
أقول: لا زلنا نؤمن بأن قضية فلسطين، وقضية القدس، هي القضية الأولى للأمتين العربية والإسلامية، وأنه مهما عظمت القضايا الأخرى، والرزايا النازلة بالأمة.. مهما كانت، ومهما بلغت، ومهما ترتب عليها من انكسارات في صفوف الأمة؛ فإنها تأتي في المرحلة التالية لقضية فلسطين والقدس، ولهذا حضرنا هذا المؤتمر على رغم ما نمرّ به مما تعلمون جميعا منذ أكثر من أربع سنين.
القدس في قلوبنا، والقدس في جوارحنا، ولقد قدم العراقيون جميعاً من أجل القدس وفلسطين الكثير، وهو مع ذلك دون ما كنا نتمنى.
هناك جيش إسرائيلي مع الجيش الأمريكي، وهناك خبراء إسرائيليون مع الخبراء الأمريكيين، ومخابرات إسرائيلية مع مخابرات الأمريكيين.
لماذا هذا العقوق؟
إذن المحتل هو المحتل، والغاصب هو الغاصب. ومنذ يومين -وللأسف الشديد- أراقب الكلمات، فلم يحظ العراق منها إلا بالنزر اليسير، بل إن بعض المتكلمين يتكلمون عن المقاومات في بعض الأقطار العربية مع اعتزازنا بها وتأييدنا لها دون ذكر للمقاومة العراقية، ودون ذكر للجراح العراقية، ودون ذكر للمصاب العراقي، ولولا دعوة الأخ رئيس الجلسة لما اشتركت، ولولا ظروف أخرى طرأت سريعاً لما اشتركت، ليس ندماً على الحضور لأن ما حضرنا من أجله ينبغي علينا أن نأتيه زحفا لأنه موضوع القدس، قدس الأقداس، قدس العرب والمسلمين، فلماذا هذا العقوق؟
إذا كانت الأنظمة العربية والإسلامية قد غيّبت ذكر العراق ومنها من تواطأ على العراق بفعل فاعل، أو حقد حاقد، أو حسد حاسد فلماذا الشعوب والمؤسسات الشعبية والمؤتمرات العربية الإسلامية تغيّب العراق؟ أنا لا أعتقد أن هذا مقصود ولكنه على أية حال يدلّ على شيء من الإهمال.
العراق قوي بأبنائه
على كل حال أقول: العراق قوي بأبنائه، والعراق قوي بأمته، والعراق قوي بقوة الله الكبير المتعال الذي اعتمد عليه العراقيون أساسا في مواجهة أعتى قوة في العالم، وركّع هذه القوة، وأفسد المشروع الأمريكي، وأربك المخططات الأجنبية المشبوهة في العراق.
لذلك أقول: العراق قوي وغني بأبنائه وسيتحرّر بعون الله تعالى قريباً وليس بعيدا، وسيقابل هذا الإهمال وهذا العقوق، سيقابله بالوفاء وبالحب وبالتمسك بأهداف الأمة ككل، وبالعمل من أجل فلسطين التي من أجلها دُمّر العراق، ومن أجلها احتُلّ العراق، ومن أجلها حصل ما حصل في العراق.
لذلك أقول: العراق -بعون الله تعالى- سائر في طريقه الصحيح، وما الأشواك والعراقيل التي يضعها الاحتلال وعملاؤه في العراق إلا عوارض زائلة، وأشواك مقبلة -إن شاء الله- على الحريق والنهاية والنفاد، وسينتهي العراق إلى النصر المحتم -بعون الله تعالى- وسيعود إلى حضن أمته العربية والإسلامية.
وعلى من يرفض التفاوض مع الاحتلال والمحتلين، عليه أن يرفض التفاوض مع الاحتلال والمحتلين لا بالنسبة لموضوع فلسطين فقط وإنما بالنسبة لموضوع العراق أيضا، لا أن يتفاوض مع الأمريكان على أرض العراق، ونيابة عن أبناء العراق، وكأن العراق لا رجال فيه، أو كأن أبناءه أيتام يحتاجون إلى وصي خارجي. ينبغي أن نعدل في الكلام، وينبغي أن نكون على وضوح من كلامنا حتى لا نجتزئ الأمور.
من يؤذي العراق فهو على استعداد أن يؤذي غيره من إخوانه العرب والمسلمين، من يتعاون مع الاحتلال ضدّ العراق لا يرجى منه أن يخدم الأمة أو أي جزء من أجزائها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حارث الضاري