غياب الدول الإسلامية عن الساحة الدولية

الغياب عن المشاركة في التأثير اليوم يضاعف الأخطار غدا

خواطر 

شهدنا مع طوفان الأقصى وتداعياته ما يعنيه غياب الدول العربية والإسلامية عن التأثير الفعال في صناعة القرار الدولي، وهو ما عايشناه من قبل في مواكبة قضايا عديدة، مثل العراق وأفغانستان والشاشان والبلقان وسورية والثورات الشعبية العربية. تأثير بلادنا غائب أيضا عن صناعة القرار في ميادين لا تمس الجوانب السياسية والأمنية مباشرة، مثل ظاهرة العولمة وتقنية الاتصالات، وقد أصبح هذا الغياب الخطير أعمق وأوضح من أن تفلح محاولات إنكاره، ولا ما ينشر من أوهام وتمنيات وادعاءات بصدد ما يتحقق من التطور والتقدم والرقي.

أسوأ أصناف غياب التأثير عن الساحة الدولية، عندما تنفرد الولايات المتحدة الأمريكية بإصدار قرار دولي مزعوم، ثم يُملى على السلطات في بلادنا، وترافقه الضغوط، التي كانت تتوارى في الماضي خلف شيء من الديبلوماسية لحفظ ماء الوجوه، وأصبحت ممارسة تلك الضغوط علنية ومهينة، كما تشهد محاولات تمرير مخططات التهجير من غزة إلى بلدان عربية مجاورة، بعد أن بلغت جرائم الحرب على الأهل والوطن مداها في فلسطين.

إن العمل للتخلص من الغياب ومخاطره صعب ولكنه ممكن نسبيا في المرحلة الانتقالية الحالية بين حقبتين تاريخيتين لتنظيم العلاقات الدولية، وقد يصبح أصعب بكثير مستقبلا؛ بعد أن يستقر شكل حقبة قادمة، ويصبح لها ثوابت ودعائم جديدة، انطلاقا من توازن متعدّد الأطراف، أو عبر فرض هيمنة انفرادية؛ سيان، فالأهم هو أن ندرك أنه لن يستطيع التأثير على صناعة القرار مستقبلا إلا من يشاركون الآن في التفاعل مع المرحلة الانتقالية الراهنة، ليس بالتسليم لواقع يصنعه الآخرون، بل عبر انتزاع أسباب التأثير للمشاركة في صناعة دعائم واقعنا ومعالمه بأنفسنا.

إن مسار طوفان الأقصى دليل على إمكانية صناعة القرار وإن كانت الإمكانات محدودة نسبيا، مادامت إرادة صناعة القرار وتنفيذه متوفرة، وهذا فقط ما يرغم شراسة الإجرام في الحرب الأمريكية الإسرائيلية ٢٠٢٣م، بل تؤكد تلك الشراسة الهمجية أن الحقبة القادمة ستكون أخطر مما سبقها، على من لا ينتزعون الآن زمام صناعة القرار؛ وإلّا فمن معالم ما يصنع حاليا:

١- تطوير حلف شمال الأطلسي ليكون الذراع العسكرية للسياسة الأمريكية دوليا.

٢- العمل للحيلولة دون تنامي قوة رادعة بما فيه الكفاية، خارج نطاق الحلف وذيوله.

٣- اصطناع شرعية دولية مزعومة معيارها القوة المهيمنة أي شرعة الغاب، بدلا عن ثوابت المواثيق الدولية.

ويوجد مزيد من الأمثلة الشاملة لمختلف الميادين الأمنية والسياسية والاقتصادية والتجارية والنقدية والتقنية والفكرية والثقافية، وفي جميع هذه الميادين أصبحت السلطات في معظم بلادنا تساهم في صناعة القيود على نفسها ناهيك عن التطلع للتحرر منها، بل تشارك بنفسها في وضع العقبات دون تحقيق أهدافنا ومصالحنا، الحاضرة والمستقبلية على السواء.

وأستودعكم الله العلي القدير ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب

العالم الإسلاميطوفان الأقصى
Comments (0)
Add Comment