رأي
ما يزال طوفان الأقصى جاريا، داخل أراضي ما يسمى الخط الأخضر وهو خط أحمر من سنة ١٩٤٨م كسواه مما رُسم بعده على أرض فلسطين، كما يجرى في غزة ويواكبه أنين بنيتها التحتية وأبنيتها السكنية..
وما تزال تتوالى تصريحات غربية تؤيد الجبهة الإسرائيلية وتعد بمزيد من الدعم دون حدود، مقابل تصريحات رسمية خجولة، لمسؤولين من بلاد العرب والمسلمين، تبحث عن طريقة ما لوقف التصعيد دون تحديد الطرف المسؤول تاريخيا وحاليا إلا ببعض همسات جانبية وإشارات باهتة..
وسط ذلك ترتفع أصوات وتنتشر كتابات تتكرر عند هدوء الجبهات ونادرا ما تهدأ، وعند اشتعالها وكم ذا اشتعلت بتحرك الطرف العدواني منذ ولادته الأولى؛ تتكرر الآن وقليلا ما تذكّر بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وقد ملأت صفحات تاريخ الصهيونية، خلال العقود الماضية، وبلغت مجددا درجات غير مسبوقة في قلب فلسطين، مع دمائه النازفة من طعنات ما يسمى التطبيع.
إن النسبة الأكبر من الغمز واللمز بالمقاومة فيما يقال وينشر يدور كالمعتاد حول محورين:
المحور الأول: كيف تتحرك فصائل المقاومة مجددا وهي تعلم بتفاوت ميزان القوى، وتعلم بتدفق الدعم الأمريكي والغربي غير المحدود للطرف الإسرائيلي، وتعلم إذن بتوقع ردود حربية عنيفة قاسية، تسبب مزيدا من الضحايا الأبرياء على أرض فلسطين، لا سيما في قطاع غزة؟
المحور الثاني: كيف تقبل فصائل المقاومة بتطوير قدراتها مع الاعتماد على دعم إيران رغم ما ارتكب نظامها ويرتكب من جرائم بحق العرب والمسلمين، مباشرة وعبر صنائعه كالمنظمة التي تسمي نفسها حزب الله، وهي في مقدمة من ارتكب الجرائم وفق السياسات الإيرانية في لبنان وسورية؟
توجد إجابات تملأ مجلدات، فكل ما يقال يدور حول أوضاع متكلّسة على بضاعة الاستبداد عموما، والإجرام المتفاوت الدرجات، ومشاريع الهيمنة المتصارعة منذ عقود؛ ولكن لا تجدي الإطالة، ولا تليق بمجرى أمواج طوفان الأقصى وبين يدي دماء الأبرياء الطاهرة من جانب من يمارسون المقاومة وحاضنتِهم؛ ولهذا فالأفضل الإجابة بإيجاز:
أولا: إن سقوط الضحايا لم ينقطع، وممارسة الحصار لم تنقطع، والاعتداءات والاعتقالات والاقتحامات من قبل اشتعال جذوة المقاومة المسلحة ومن بعد، مع كل مبادرة سلام أو استسلام عربية ومع كل خطوة لتطبيع ما لا يمكن تطبيعه ومن دون ذلك، وإن أهل غزة أول من يعاني وهم يجددون باستمرار حرصهم على أن يكونوا حاضنة المقاومة، فهل من بديل لحفظ الأنفس والأرض، وحفظ الدماء والحريات، وحفظ الأعراض والمقدسات، وحفظ الأوطان والكرامات، وحفظ عقولنا وقلوبنا؛ هل من بديل لتحرير الأقصى من الأسر ومن الاقتحامات المتتابعة، وهو وضع لم يتغير بتأثير مبادرات السلام في فاس ومدريد وبيروت ولا بتأثير خطوات التطبيع في القاهرة حتى أبو ظبي، ولا بتأثير الصفقات المعقودة تحت عناوين كامب ديفيد وفروعها وأوسلو العقيمة؟
ثانيا: لدى النظام القائم في إيران مشروع هيمنة دموي خطير كالمشروع الصهيوني الذي غرسه الغربيون في قلب أرضنا العربية والإسلامية، ولئن كان دعم نظام إيران لاستغلال حاجة فصائل المقاومة الفلسطينية للدعم، ولئن أخطأ بعض المسؤولين فيها بمواقف أظهرتهم في اندماج عضوي مرفوض مع سياسات إيران وممارساتها الإقليمية؛ فإن صدق الاعتقاد بعدالة قضية فلسطين وعدالة طريق المقاومة، أن يقدم الناقدون الدعم البديل لصالح الفصائل وحاضنتها الشعبية ولتخليصها من إيران وجرائم هيمنتها إقليميا؟ ثم ماذا يعني من يلوم بسبب العلاقات بين الفصائل وإيران مقابل سياسات التفاهم الرسمي المباشر مع إيران؟ أم أن من غايات ذلك التفاهم ما ينضوي تحت المظلة الأمريكية ويسعى لوقف الدعم عن مقاومة الاحتلال الصهيوني في فلسطين؟
ليت من يلوثون أمواج طوفان الأقصى بما يشغلوننا به، يكفون عن ذلك ويذكرون أنّ من يؤمن بالله واليوم الآخر يقول خيرا أو يصمت على الأقل.
وأستودعكم الله وأستودعه فلسطين وكل من يعمل بإخلاص لقضية فلسطين ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب