ربيع الثورات وطوفان فلسطين

بداية سقوط معادلات الهيمنة والطغيان

خواطر

في شهر آذار / مارس من كل عام ميلادي نتوقف بالكلمة والمشاعر والأفكار مع الهبة الثورية التي انطلقت شرارتها من جسد بوعزيزي في تونس يوم ١٧/ ١٢ / ٢٠١٠م وأشعلت الثورات الشعبية العربية، فشملت مع حلول آذار / مارس من العام التالي كلا من تونس ومصر واليمن وليبيا وسورية. ولحقت بها من بعد ثورات شعبية مشابهة في بلدان عربية أخرى؛ إنما يبقى من المؤكد تاريخيا أن انتفاضات فلسطين ومقاومتها الشعبية للاستعمار الاستيطاني والطغيان، قد سبقت ثورات الربيع العربي فكانت ملهمة لها، وما تزال متوقدة ومستمرة إلى اليوم، كما يشهد طوفان الأقصى، ويشهد ما حققه منذ أيام انطلاقته الأولى، إذ قلب المعادلات أو ما كان يوصف بالمعادلات على خلفية هزائم ونكبات عسكرية، وعبر ممارسات نهج التيئيس من استعادة الأوطان والحقوق، بل الاستهزاء ممن يزعم إمكانية انتزاع الحقوق من مخالب الذئاب، فهيهات في مقاييس سدنة الإحباط أن يتحقق ذلك عبر تحرك شعبي لا يملك شيئا يذكر في مقارنات التسلح المادي وتقنياته الحديثة، وهذا مع ما وصل إليه الفجور والطغيان عبر امتهان الشرائع الدولية وإنسانية الإنسان، واستفحال أشكال العدوان من جانب معسكر التحالف بين هيمنة قوى الاستعمار الحديث، وقوى عسكرة الاستبداد والاستغلال، على المستويات العالمية والإقليمية والمحلية.

لقد حققت الثورات والانتفاضات والمقاومة الشعبية الكثير على طريق بناء المستقبل، وهو ما نراه عندما ننظر إلى الحصيلة بعين التأريخ، المتحررة من المفعول الآنيّ للنكبات والتخلف والتجزئة، فبداية زوال ذلك كله، ورؤية دورة حضارية تاريخية جديدة، كانت تتجسد دوما في استعادة إنسانية الإنسان، وإبداعه، وثقته بنفسه، وبالقدرة المتجددة على مواجهة الطغيان وجبروته؛ وهل ولدت التبدلات الحضارية الكبرى إلا رغم الطغيان، في سائر الحقب التاريخية الماضية، وهل ولدت إلا عندما وصلت إلى مرحلة شبيهة بما عايشناه ونعايشه في سورية وأخواتها وما عايشناه ونعايشه هذه الأيام في أرض فلسطين، حيث تتحدى الأجساد أغلال الطاغوت، وهو في أقصى صورة لممارسة العنفوان والهمجية؛ إننا لنعلم علم اليقين دون ريب على الإطلاق، أن هزيمة الطغاة بجميع أصنافهم تأتيهم من حيث لا يحتسبون.

وأستودعكم الله وهو الغالب على أمره، ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب

 

التغييرالثوراتالربيع العربيدورة الحضاراتفلسطين
Comments (0)
Add Comment