رأي
بقدر ما ابتلينا ردحا من الزمن بمن يدّعون تحقيق انتصارات لا تنقطع، في حقبة حافلة بالنكبات والهزائم والكوارث والتخلف والتجزئة، ابتلينا الآن بمن يدفعون عن أنفسهم المسؤولية ويلمزون بالشعوب أنها لم تتحرك بما يكفي لنصرة المدافعين عن الأرض والتاريخ والمستقبل، ثم يتساءلون ببراءة حمام السلام: علام هذا الموات؟ أليس دليلا على العجز عن مواجهة العدو؟
كانت أبواق الأنظمة تتحدث عن نصر مؤزر لأن العدو خاض الحرب ولم يسقط هذا النظام أو ذاك وتتحدث عن هزيمة كارثية باعتبارها نكسة!
أما الآن فلا قيمة في نظر هؤلاء لمقاومة تصنع معجزة عسكرية في عصر جيوش الانقلابات وقمع الثورات في بلادنا.
ما أفدح أن يبلغ الإفك هذا المستوى حقدا على المقاومة، بل حقدا على الإسلام والأوطان، فليست المقاومة سوى فصائل “إسلامية ووطنية” وإن استباح التسمية لنفسه فريق يتبع للمستبدين المجرمين.
أما التقتيل الإجرامي لإبادة الشعب والتدمير العشوائي لوجود الوطن فهو في نظرهم نصر للعدو نتيجة تهور المقاومة ومغامراتها غير المحسوبة، وعدم إحساسها بالمسؤولية عن الشعب.
إن لم تكن فتنتهم هذه هي الفتنة التي تجعل الحليم حيران.. فأي فتنة إذن؟
ولنفترض أن المقاومة -كما يزعمون- أضعف من أن تصنع نصرا كبيرا وتصمد طويلا أمام أسلحة فتاكة ودعم دولي لا ينقطع لعدو لا يتورع عن ارتكاب الجرائم.. فمن المسؤول عن ضعف المقاومة الذي يزعمون؟
هل يسأل عن ذلك قادتها وهم يُلاحقون بطعنات الشقيق في ظهورهم حتى يستشهدوا في لقاء عدوهم، أم تسأل الشعوب لأنها غافلة تشيد بالمقاومة وتحتضنها، وهي تواجه الهراوات إرهابا والقمع حيثما تحركت لدعمها.
ألا ساء ما يحكمون وما يقولون وما يزعمون.
لئن كان للمسؤولين السياسيين عذر مرفوض في تسمية عجزهم حنكة سياسية، فأين حنكة أصحاب الأقلام التي توظف بلاغة أصحابها في خدمتهم، وهي تصوّر تراجعهم واستبدادهم نصرا وتطبيعهم سياسة وإنجازات المقاومة مغامرات؟
أليست هذه فضيحة أقلام البلاغة العاجزة عن تغطية فضيحة العجز الرسمي المصنوع صنعا؟
أستودعكم الله وأسأله العفو والعافية ونعوذ به مما يقولون ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب