رأي – "عاصفة الحزم".. والتكهنات حولها

لكل تحرك عسكري بعد سياسي، ومن المبكر التكهن بالبعد السياسي ناهيك عن النتائج من وراء العمليات العسكرية الخليجية في اليمن باسم "عاصفة الحزم".

ولكل تحرك لاسيما العسكري عدد من الأهداف، لا شك أنها تزيد عندما يشارك في صناعة الحدث عدد من الأطراف ناهيك عن وقوعه زمنيا وجغرافيا وسط حزمة كبيرة من الأحداث الأخرى المؤثرة على بعضها بعضا.

التكهنات التي انطلقت منذ اليوم الأول في ٢٦/ ٣/ ٢٠١٥م اتخذت شكل طيف كبير، بدايته أنها عملية محدودة لا تتجاوز وقف "الحوثيين وداعميهم في إيران" عند حد معين داخل اليمن، مع استبقاء الباب مفتوحا أمام حل سياسي لا يستثني الحوثيين بغض النظر عن ارتباطهم بإيران، بينما تمضي تكهنات أخرى إلى أبعد الحدود، فترى في الحدث بداية "انعطاف" مقصود في التعامل مع إيران، وأنه بعد استدراجها للانتشار الواسع النطاق في عدة بلدان وتكاليفه الباهظة، بدأت مرحلة توجيه ضربات مضادة انطلاقا من اليمن وصولا إلى سورية.

قد يكون التقدير الأقرب إلى الصواب وسطا بين هذين الطرحين، وكلاهما في إطار التكهن، ولكل منهما دواعيه وأسبابه الموضوعية، إنما لا يمكن فصل ما تشهده الساحة اليمنية عن عدد من العناصر الأساسية الأخرى في الصراع الواسع النطاق إقليميا، ومن ذلك:

١- مضيق باب المندب أشبه بمضيق هرمز من قبيل الخطوط الحمراء التي لا يراد أن تدخل في نطاق انتشار هيمنة المشروع الإيراني الإقليمي..

٢- وصلت المفاوضات على الملف النووي الإيراني لحظة الحسم ما بين المتابعة والإخفاق، وبغض النظر عن الجوانب السياسية موضع التفاوض وراء ستار، فإن العقدة الأخيرة الحالية قبل الاتفاق تتعلق بحجم "تقليص" الإنتاج النووي في إيران ومراقبته، وهنا يمكن اعتبار التحرك الخليجي في اليمن عنصرا أساسيا للضغوط المطلوبة.

٣- لن يكون التعامل مع الثورة في سورية "حلقة" تالية مرتبطة بالتعامل الحالي مع أوضاع اليمن، فالتعامل الغربي والخليجي والعربي مع الأحداث في سورية أوسع نطاقا من أن يحشر في قضية النفوذ الإيراني الإقليمي وحدها. صحيح أن هذا -مع ربطه جغرافيا بالعراق ولبنان- يمثل عنصرا أساسيا بالغ الأهمية، ولكن توجد عناصر أخرى بالغة الأهمية أيضا، من بينها قضية الأكراد، ومستقبل موقع تركيا في صناعة القرار إقليميا، ناهيك عن قضية فلسطين، وجميع ذلك مرتبط بالحرص على عدم "تحرر القرار السوري" عبر تحرير الإرادة الشعبية تحريرا كاملا.  

. . .

دون استباق ما يمكن أن تكشف عنه الأيام المقبلة، يمكن المشاركة في "التكهنات" بصورة محدودة حول ما سمي "عاصفة الحزم" للقول بوجود أهداف عديدة، منها:

١- إصلاح ما فسد من العلاقات الأمريكية الخليجية بسبب المحور الأمريكي-الإيراني، ولا يستهان بامتداد هذا التلاقي إلى البوابة الجنوبية لمنطقة الخليج.

٢- بيان حدود الخطوط الحمراء التي توضع "دوليا وإقليميا" لمشروع الهيمنة الإيراني، ومنها ألا يصبح مصدر خطر على المشروع الصهيوني إقليميا، ولا يستهان بموقع باب المندب على هذا الصعيد.

٣- التلويح لإيران بعصا "عسكرية إقليمية مدعومة أمريكيا" إلى جانب جزرة "رفع العقوبات الاقتصادية" دوليا، لانتزاع الموافقة على عدد من المطالب الغربية في نطاق الملف النووي الإيراني، ولا يستهان هنا بتوقيت التحرك في اليمن متزامنا مع آخر جولات المفاوضات قبل موعد تثبيت اتفاق الإطار المطلوب مع نهاية الشهر الجاري.

. . .

يوجد من يقول، بغض النظر عن أبعاد "عاصفة الحزم" عسكريا وسياسيا، يجب توظيفها لصالح الثورة الشعبية في سورية وأهدافها المشروعة.. هذا صحيح ولكن السؤال المهم: من يفعل ذلك؟..

نبيل شبيب