ــــــــــ
أقام المركز الإسلامي في آخن – مسجد بلال مساء يوم الجمعة 21 رجب 1418هـ 21/11/1997م حفل تكريم لإدارته السابقة المكونة من: الأستاذ عصام العطار والأستاذ الدكتور محمد هواري والدكتور نديم عطا إلياس والأخ أحمد علاوي والأخ منصور منصور.
وكان حفلاً حاشداً، وقد شارك فيه عدد من ممثلي السفارات العربية والإسلامية، وعمدة مدينة آخن. وممثلون عن الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية، والمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، وعدد من الشخصيات الإسلامية والثقافية، ولفيف من أبناء الجالية المسلمة.
وكانت الكلمة الأولى لعميد السلك الدبلوماسي العربي في ألمانيا، سعادة سفير المملكة العربية السعودية الشيخ عباس فائق غزاوي، أشاد فيها بدور المؤسسات التربوية والتعليمية والمراكز الإسلامية التي أقامها المسلمون في أوروبا، مؤكداً أن هذه المؤسسات تعود على المسلمين وعلى غير المسلمين بالخير والنفع العميم، وذكّر الحاضرين بالدور الرائد الذي نهض به المركز الإسلامي في آخن منذ تأسيسه بفضل توجيه ورعاية الأستاذ الكبير عصام العطار ومساعدة إخوانه العاملين.
ثم تحدث عمدة مدينة آخن الدكتور أولريش دالدروب فعبر عن سروره بهذا اللقاء الذي يقام في قلب مدينة تعتبر معقلاً تاريخياً للنصرانية، وهذه الخصوصية ينبغي أن تراعى، وهذا يتم بالتفاهم والتسامح المتبادلين بين مكونات المجتمع، ودعا إلى ضرورة التفريق بين الدين وبين المنتمين إليه، فهؤلاء قد يقع منهم الخلل والخطأ، وعبر عن أمله في أن يكون المستقبل خيراً من الحاضر.
وتحدث نائب الأسقف العام لأسقفية آخن الأسقف الدكتور هربرت هامانز فذكر أن السنوات الماضية قد شهدت تطورات إيجابية بين المسلمين وغيرهم، ولا أدل على ذلك من الزيارة التي قام بها أسقف مدينة آخن للمركز الإسلامي، فقد كانت تحمل معاني كثيرة، وصرح بأن الكنيسة الكاثوليكية تقدر الدور الكبير للمركز الإسلامي في الحوار وفي العلاقة مع المجتمع الذي أصبح المسلمون جزءاً منه، وشكر الإدارة السابقة لأنها كانت سباقة إلى ممارسة الحوار، وتمنى للإدارة الجديدة التوفيق في تعميق الممارسات الإيجابية.
وتكلم بعد ذلك المشرف العام للكنيسة الإنجيلية في محافظة آخن السيد هانز بيتر بوركهوف، فركز على أن المؤمنين بالخالق على اختلاف عقائدهم ستجد كل جماعة منهم نفسها قريبة من الأخرى كلما تعمقوا في فهم الآخرين، ولذلك دعا إلى أن يتجاوز الحوار الأمور المتفق عليها إلى الأمور المختلف فيها؛ لأن فهم هذه الأمور يساعد في تقدير البواعث للتصرفات والمواقف.
وجاءت كلمة السيد محمد أمان هوبوم – مسلم ألماني – نائب رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، فأشار إلى وجوب التفريق بين “الدين” و”التقاليد” لأن كثيراً من مواقف أوروبا من الإسلام عبارة عن تقاليد ولا علاقة للدين بها، وناشد المؤسسات الألمانية أن تكون أكثر انفتاحاً على المسلمين، وأن تتعرف عليهم عن قرب، وأن تحذر مقاتل معلومات وسائل الإعلام، ولم يفته أن يدين أعمال العنف التي تنال من الأبرياء قائلا: ينبغي ألا نسكت عن الخطأ.
ثم جاء دور الأستاذ الكبير عصام العطار فاستقبله الحاضرون بعاطفة جياشة، فلما تكلم – بالألمانية – أثار الكوامن وحرك الشجون، ففاضت عيون حباً وتقديراً. وكان من أبرز ما قاله في كلمته الرائعة: إن ما نبذره من الخير في النفوس فلن يضيع، وإنني أشعر بارتياح كبير حين أنظر إلى آثار ما قدمنا وأحس بالأمل الكبير في مستقبل أفضل لكافة بني البشر. وركز الأستاذ على وجوب تضافر الجهود من أجل النهوض بواجبات صيانة الإنسان وإنسانيته، بصرف النظر عن دينه وجنسه ولونه، فعلى الرغم من اختلاف الدين فإن هناك قضايا جوهرية عملية مشتركة: كرامة الإنسان، البيئة، التخلف… الخ. وينبغي أن تحظى باهتمام العقلاء من الناس. وأكد الأستاذ على أن قلبه مفعم بالأمل في غد أفضل، وأنه على الرغم من المرض سيتابع جهاده من أجل الحق والخير وسعادة الإنسان، ودعا الجميع إلى أن يكونوا دعاة خير وإصلاح.
وكانت الكلمة الأخيرة للدكتور صلاح الدين النكدلي مدير المركز الإسلامي في آخن نيابة عن الإدارة الجديدة المكونة من د. زهير الحلبي، والإخوة ماهر أزعرين ومحمود هواري وأيمن مزيك. فتحدث عن الإدارة السابقة معرفاً بكل أعضائها، وأبرز في كلامه أن المركز الإسلامي في آخن مؤسسة شعبية مستقلة يتعاون على الخير مع جميع الراغبين في التعاون، وأن المركز كان في طليعة المؤسسات الإسلامية التي أدركت أن المسلمين يميلون إلى الاستيطان في أوروبا، وأن هذا يفرض عليهم توفير فقه شرعي واقعي حتى يتمكنوا من تربية المواطن الصالح الذي يفقه لغة الحقوق ولغة الواجبات. وناشد الجميع أن يكونوا رسل محبة وصداقة وإصلاح بين الناس… وفي ذلك خير كبير للناس أجمعين.
مجلة الرائد