هذه سطور من أجوبة على أسئلة حول نظرة أستاذي الجليل عصام العطار بشأن بعض ما يشغل أهلنا في سورية، طُرحت أثناء حوار أوسع نطاقا مع مسؤولين من الغوطة الشرقية قبل ثلاثة أعوام، تجد طريقها إلى النشر هذه الأيام في مداد القلم مع الدعاء له بالعون في مواجهة أعباء أزمة مرضية أتعبته في الأيام القليلة الماضية، وهو مستمر في العطاء قدر المستطاع على النهج الذي أعرفه عنه منذ أكثر من نصف قرن، وقد انطلق به قبل أكثر من سبعين عاما.
. . .
السؤال الأول: كيف كان الأستاذ العطار يجمع بين السلفية والإخوان؟
السؤال الثاني: بحكم العلاقة مع عصام العطار هل هناك رؤية خاصة للحل في سوريا يتبناها الاستاذ عصام ومن يثق بهم وهذه الرؤية محددة المعالم واضحة الاهداف تحوي جدولا زمنيا بأهداف مؤطّرة وهل هناك إمكانية لاستعراض ذلك؟
كان عصام العطار في شبابه في سورية أمينا عاما لهيئة إسلامية ضمّت حينذاك كبار علماء الشريعة في سورية، وجميع المؤسسات والجمعيات الإسلامية، والقادة الإسلاميين البارزين في الميدان السياسي والاجتماعي والثقافي.. وكان لأعوام عديدة المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية.. كما عمل في المنفى أكثر من خمسين سنة.
في جميع تلك الفترات لم يتكلم إلا باسم الإسلام ولم يطرح موقفا إلا تحت عنوان الإسلام وما يخدم الإنسان، وإن ذكر هذه الفئة أو تلك الجماعة فعند الضرورة العملية حسبما يقتضيه موقف من المواقف.
المسألة ليست مسألة توفيق بين إخوان وسلفية.. بل هي مسألة التلاقي ابتداء على الإسلام والاحتكام إليه مادام الطرفان وسواهما يقول إنه هو المصدر المشترك الملزم من فوق كل قول واجتهاد وعالم وزعيم تتبناه جماعة ما.
الإسلام هو المصدر الملزم، وليس رؤية الإخوان للإسلام مع احترامها، ولا رؤية السلفية للإسلام مع احترامها، هذا ما يسمح بالتلاقي، وعدم الالتزام الفعلي به يسبب الافتراق وقد يسبب العداء.
إذا كان المقصود بالسؤال كيف نستطيع أن نجمع بين السلفية والإخوان في منهج.. فهذا ما أفهمه من منهج أستاذي عصام العطار أن ذلك يحصل عندما لا نتحدث باسم فئة أو جماعة أو اتجاه، وإنما باسم الإسلام، فهو الأصل والحركات كلها وسائل.
وإذا كان المقصود التطبيق العملي.. فهذا ما يرتبط بالسؤال الثاني حول رؤية مشتركة لقضية سورية..
خلال السنوات الماضية لم أسمع من عصام العطار كلمة بعينها قدر ما سمعت كلمة (التواصل).. فتكاد تكون عنده هي المفتاح، هي العنوان لأول خطوة، أي لأول شرط عملي من أجل الوصول إلى رؤية مشتركة لقضية سورية ومستقبلها.
التواصل ليس مجرد الحديث معا أو المجلس المشترك، ولا اصطناع "لقاء حواري" كي تتوافق القيادات على حد أدنى من العمل في مرحلة ما لغرض محدد..
التواصل هو أن أسمع ما تقول فعلا وتسمع أنت ما أقول فعلا، ليس بنية الرد بما عندي، بل بنية استيعاب الآخر، مع الحرص العملي على الجانب المشترك للتركيز عليه منطلقا ثم أن نبني عليه لخطوات تالية.
الرؤية ليست شارعا باتجاه واحد، فلا تتحقق إذا طرحها طرف واحد، ودعا سواه للالتزام بها، وهذا ما نفعله منذ مطلع الثورة.
الرؤية تنشأ من خلال التواصل.. والتكامل.. والعمل المشترك.. والتركيز على المتفق عليه من قواسم مشتركة وتأجيل المختلف عليه من اجتهادات متعددة.
هذا ما أفهمه من التواصل الدائم مع عصام العطار.. ولا أذكر مرة واحدة أنني التقيت به في الأعوام الماضية، إلا واستمع لما لدي، قبل أن يتحدث بما لديه، علما بأنه هو أستاذي الجليل الذي أقصده لأسمع منه.
أما السؤال عن الإطار الزمني للتوصل إلى رؤية مشتركة وحلول عملية، فلا يوجد، أي أن الفترة الزمنية لرؤية.. واستراتيجية.. وحلول عملية.. وعملية سياسية.. مرتبطة بعناصر أخرى.
الفترة الزمنية المطلوبة تتحدد من خلال صدق النوايا وكيفية التواصل والتطبيق والحرص على العمل المشترك والتكامل واعتماد عناصر الكفاءة والتخصص والعمل المؤسساتي.
إن توافر لنا ذلك بقدر كافٍ وصلنا بسرعة، وإن توافر بقدر قليل طال بنا الانتظار واستمرت المعاناة وربما سبقنا العدو بما يصنع.. وإن لم يتوافر ذلك أصلا لا يمكن الوصول لرؤية مشتركة وعمل مشترك أصلا.
والله أعلم
نبيل شبيب