ــــــــــ
اتجه نحوي قائلا دون مقدمات، وبلهجة تنبئ عن الانزعاج:
– لقد نجت الولايات المتحدة الأمريكية من أزمتها مجددا.
قلت:
– وهل كنت تنتظر انهيارها بسبب هذه الأزمة؟
قال مستغربا:
– بل كنت أرجو انهيارها، فهل كنت ترجو غير ذلك؟
قلت محافظا على هدوئي:
– إن انهيار دولة كبرى بحجمها وحجم علاقاتها الدولية يعود بالضرر الكبير على سواها عالميا؟
قال مؤكدا على توقعاته أو “أمنياته”:
– بل ضررها الأكبر في استمرار وجودها وسياساتها.
قلت:
– لا شك أن أزمة ترامب وتشبثه حتى اللحظة الأخيرة برفض نتائج الانتخابات قد كشف عن خلل داخلي، ولكن قد يتم إصلاحه بتعديل الأنظمة والعلاقة بين مؤسسات الدولة.
تساءل قائلا:
– هل تعني أن في النظام الأمريكي الحالي ما يمنع المؤسسات من فرض إرادتها على فرد متسلط في الرئاسة مثل ترامب؟
قلت:
– في النظام الرئاسي الأمريكي يمثل الرئيس نفسه إحدى المؤسسات، فهو السلطة التنفيذية بصلاحيات واسعة النطاق، فالحديث عن تسلطه وأنانيته وما شابه ذلك هو الحديث عن خلل في المؤسسات، وهو في اعتقادي خطأ كامن في الجانب التنظيمي الدستوري جزئيا، وقد يتم إصلاح ذلك، ولكنه كامن بصورة أشد في تغييب مفعول منظومة القيم عن أن تكون جزءا من تكوين السياسيين (وسواهم) وتأهيلهم، وأعتقد أن هذا بعيد عن محاولات الإصلاح أصلا، لا سيما في جوهره الذي نسميه في ثقافتنا السياسية والاجتماعية: الوازع الداخلي.
نظر إلي وكأنني أتكلم بلغة عصية على الفهم، وتساءل مجددا:
– ماذا تعني؟ هل توشك الدولة الأمريكية المهيمنة عالميا على الانهيار أم لا؟
قلت بشيء من التبسيط:
– على الأقل كانت هذه خطوة أخرى لبداية انهيار معطيات الهيمنة العالمية، ثم لا تنسَ قول الشاعر:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت – – – فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
نبيل شبيب