دردشة – أي ثورة تعني؟

قال: يجب أن تستمر الثورة..

قلت: نعم..

قال: ولكن تشرذم الثوار فأصبحت ثورات..

قلت: نعم..

قال: وأصبح القرار السياسي بأيدي قوى هي في حكم العدو..

قلت: نعم..

قال منرفزا: أليس لديك سوى أن تقول نعم؟

قلت: سمعت التشخيص.. وأنتظر طرح الدواء..

قال: قلت لك يجب أن تستمر الثورة..

قلت: هل تقصد أن تستمر العلل التي ذكرت؟

نظر إلي مستنكرا، فتابعت أقول قبل أن يعبر عن غضبه واستنكاره:

كل من لا يجد اليأس موضعا في قلبه إلى جانب إيمانه يقول باستمرار الثورة، ولكن لا يعني الاستمرار: المتابعة دون أن نغير ما نحن عليه.. يجب أن نستأنف ما بدأت به الثورة.. بالروح الشعبية التي أشعلتها.. بهدف الحرية والكرامة الذي صنع مسارها.. بوحدة "الكلمات والصفوف والرايات والرؤى" والتي ينادي الجميع بتحقيقها ولكن كل طرف يريد أن يلتقي الجميع ويتوحدوا وفق كلمته هو ووراء صفه هو وتحت رايته هو وبضوابط رؤيته هو.. ولا بد للاستمرار الفعال الصحيح من تأهيل أنفسنا جميعا ليحسن كل منا المهمة التي يحملها ويقوم بأمانة الثغرة التي يقف عليها.. ولا بد من تأجيل مواطن الخلاف لتصبح مواطن تنافس بعد قيام دولة الثورة، فهذا ما يقول به العقل والمنطق، بل تقول به تجربة ثلاثة أعوام ونيف.. دفع هذا الشعب لها ثمنا كبيرا.. كبيرا..

يا أخي.. أخشى ما أخشاه أن نفهم من استمرار الثورة استمرار هذه المعاناة، واستمرار مختلف العلل التي نشكو منها.

قال: كفاك.. فأي ثورة وأي ربيع عربي؟ ألا ترى ما جرى ويجري في سورية ومصر واليمن وليبيا وتونس؟

قلت: وهل كنت تتوقع أن تتحرك الشعوب.. فينام الذئاب؟

قال: وكيف نستمر والذئاب تتربص؟

قلت: إما أن تنتظر أنت حتى يفرش الذئاب لثورتك سجادة حمراء بدلا من الدماء، ولن يفعلوا، أو تخلد إلى النوم.. فتفترسك الذئاب نائما دون مقاومة.. أو تجثم على صدرك لتختنق حيّا

قال: خياران أحلاهما مرّ..

قلت: أحدهما مع روح الكرامة وهو جوهر إنسانية الإنسان، والآخر بروح الهزيمة والانكسار والمهانة والمذلة.. وليس هذا من شيمة الشعوب الأبية عندما تثور، وشعب سورية يقدم ما لم يعرفه التاريخ الحديث من قبل.. ولكن يمكن أن يصيب الوهن بعض من يشق عليه الطريق وتتخاذل بحمله الأقدام، فإن انتشر وعمّ في الناس.. فآنذاك ينتهي وجودهم.. ويأتي قوم آخرون ينجزون ما نعجز نحن عن إنجاز

نبيل شبيب