قال: أصبحت لا أفتح الشبكة إلا وأغلقها مجددا.. فقد غلب فيها اليأس بأقلام من "يتابع" الثورة عن بعد
قلت: سمعت أن أحد الثوار الصادقين يقول: ليت من يخشى اليأس يقضي ليلة معنا في الميدان ليتخلص من تلك الآفة
قال: وأين ذلك الميدان؟ ما المطلوب لحمل أعباء الثورة هذه الأيام؟
قلت: من يسأل بهدف المشاركة سيجد الجواب، ومن يسأل لتبرير يأسه، فليحرر نفسه من اليأس أولا ولو كان بمثقال حبة من خردل
قال: ولكن لم ينقطع القتل يوما منذ اندلعت الثورة
قلت: القتل يصنع الشهداء.. ولا يغتال ثورة
قال: كيف وقد بلغت المعاناة عنان السماء
قلت: هجر طريق الثورة هو الغفلة عن المعاناة، والترويج لذلك استغلالٌ لواقع المعاناة، فهيهات هيهات أن نضع -دون الثورة- حدا نهائيا للمعاناة
قال: بعض من أحدثهم بذلك يتساءل وأين هم الثوار؟
قلت: قل لهم، أين أنتم يا أهلنا وأحبتنا.. كي تروا الثوار، وأين كنا وأين سنكون إن انقطع الطريق بالثوار حقا
قال: ألا ترى العيوب والنواقص والأخطاء والانحرافات في صفوف الثوار؟
قلت: بلى أرى ذلك فيهم وفي جميع من خرجوا مع اندلاع الثورة من قلب السجن الكبير المظلم الذي اغتال إنسانية الإنسان وطاقات الإنسان على امتداد نصف قرن.. فهل خرجنا بعد ذلك حقا من سجن أنفسنا لأنفسنا، كي نستوعب حدث الثورة ونكون جزءا منه، فنتابع أو "نصحح" ما ننتقد؟
قال: هذا كلام "الوقت الضائع".. تجرفه أمواج اليأس ودعوات التحذير من الأوهام والأحلام
قلت: من يقول إن العمل للعدالة والحرية والكرامة والأمن والسيادة، هو مجرد أحلام، وإنه هو اليقظ العاقل الفطن، فلا يحرمنّ سواه من هذه الأحلام والعمل لتحقيقها، فذاك هو الكابوس الأكبر والأخطر والأفحش في حق الشهداء والضحايا وجميع من يعانون حتى يتحقق النصر.
نحلم.. ونعلم أننا لن نبلغ النصر إلا إذا حققنا شروطه، ومن شروطه أن يبذل كل فرد ما يستطيع حقا، ولن يفعل إلا إذا أدرك أنه يستطيع العمل.. لا الكلام فقط، ولم يقتصر على انتقاص ما يصنع سواه.. ليتلاقى الجميع على متابعة طريق الثورة حتى النصر، أما من استبد به اليأس فوجب أن يثور.. على نفسه أولا، لا أن يبرر يأسه فيشاغلها ويشاغلنا بألف عذر وعذر من واقع ظالم حقير نعرفه من قبل كلام اليائسين ومن بعد، وهو الذي يفرض الثورة عليه فرضا.
نبيل شبيب