رأيته يجلس أمام شاشة حاسوبه وعلى وجهه علامات الغضب، فقلت:
– أصبح كلامنا من أجل التغيير عبر العالم الافتراضي مشكلة عويصة.
قال: كيف؟
قلت: الشبكة وسيلة لتحقيق هدف، يمكن أن يكون هدفا صغيرا بسيطا، كالدردشة، ولكن عندما نتوهم أن الدردشة توصل إلى أهداف جليلة حقيقية، مثل خدمة الثورة من أجل التغيير، يتحول استخدامنا للوسيلة الشبكية إلى كارثة، وهذا ما نعيشه هذه الأيام.
قال: لطالما حدثتني عن التواصل على سلوك الطريق إلى التغيير.
قال: فأين ما تطالب به من تواصل؟
قلت: هذا عندما تتواصل وتتشابك مراكز دراسات، أو وسائل إعلام، أو تنظيمات إغاثية، أو ما شابه ذلك، من أجل تبادل الخبرات والمعلومات عبر وسائل مضمونة وتقنية سريعة، وحول أعمال حقيقية في عالم الواقع، أما الثرثرة في عالمنا الافتراضي فهي ما أصبحت الأعم الأغلب في إنجازاتنا الشبكية بدعوى التغيير، والعنوان الحقيقي: لا شيء.
قال: رويدك، دع الناس ينفسّون شيئا عن غضبهم وحزنهم.
قال: ما الذي تتوقعه من هذا الكلام الآن؟
قلت بشيء من الأسى: لقد تفاقمت هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة كثيرا، ونحن نعلم أن غالب أهلينا الذين نقول إننا نكتب إليهم أو من أجلهم، لا يستطيعون الوصول إلى عالم الشبكة إلا قليلا، ونقول لأنفسنا إننا نخاطبهم، فكأننا نكتب لأنفسنا، أو لبعضنا بعضا في دوائر مغلقة.
الشبكة وسيلة للتواصل، ولا ينبغي أن تتحول التنظيمات بسببها إلى تنظيمات افتراضية، ولا الصفحات الشخصية إلى وكالات أنباء مزعومة، فهذا وما يماثله لا يقدم ولا يؤخر في مسار الثورة والتغيير دون عمل حقيقي، وليس هذا الحديث معك سوى دردشة، لعلها تجد بعض الأصداء فتساهم ولو قليلا في تخفيض نسبة ما لا يفيد في وطننا الفيسبوكي الافتراضي، ولنذكر أن بين أيدينا في عالم الواقع أوطانا وشعوبا وقضايا عديدة، ونحتاج إلى كل لحظة وكلمة وطاقة إبداعية وعمل مفيد من أوقاتنا وكلامنا وجهودنا وأعمالنا.
وأستودعكم الله في العالم الافتراضي وعالم الواقع ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب