خاطرة – الرد الثوري على اغتيال القادة

نشهد هذه الأيام حملة جديدة لاغتيال قادة الثورة، شملت زهران علوش وأبو سلمو في غوطتي دمشق وأحمد أبا البراء ومحمد مصطفى الأعور في ريف حلب، وحمدي مستو من قدسيا، وآخرين غيرهم لا سيما في جنوب سورية.. وهي حملة تذكّر بحملة اغتيالات جرت قبل عام ونيف وشملت حسان عبود ورفاقه من قادة أحرار الشام، ومن قبلها حملة اغتيالات قبل زهاء عامين كان أبرز من استهدفتهم عبد القادر صالح قائد لواء التوحيد في حلب، بينما تركزت حملات القتل المباشر من قبل ذلك على الشباب الناشطين القادة للمرحلة السلمية الأولى من مسار الثورة.

. . .

صحيح أن الشهداء القادة يستثيرون تفاعلا متميزا، إنما لا يغيب عنا أيضا ما ينزف من ألم في أكبادنا مع كل ضحية من أهلنا، في سورية وغيرها، صغارا وكبارا، نساء ورجالا، "مدنيين" ومقاتلين..

ونذكر هنا كثرة ما يقال بشأن الشهادة مع "زفّ" أخبارها ضمن عبارات المواساة والعزاء والتذكير بأن مقر الشهداء الصادقين هو جنة الرضوان، وجميع هذا مطلوب، مع مراعاة أن ما ورد بصدد الشهادة في القرآن الكريم والحديث الصحيح هو من مدخل الإعداد للإقدام دون خوف أو تردد، وتأمين ما يجب تأمينه لخوض القتال، ولهذا أصبحنا بين يدي مشهد الشهادة الجليل هذه الأيام في حاجة إلى التأكيد أو التذكير:

١- الشهادة هي "إحدى" الحسنيين وتأتي بقدر الله عز وجل..

٢- ليس نوال الشهادة نتيجة "تنفيذ أمر" بالسعي لها، بل هو نعمة ربانية ينالها "أفراد" يجتبيهم الله تعالى لجنته..

٣- أما "الأمر" الرباني فموجه إلى "الجماعة" بالإعداد للنصر والعمل من أجله..

بتعبير آخر:

إن الهدف الذي يجب العمل له باستمرار هو "الفوز في المعركة" وتحقيق النصر، وهو إحدى الحسنيين، وهو ما جعل "القتال" في نطاق العمل الجهادي المنضبط بضوابط الإسلام فرضا مكتوبا، نؤديه مع إدراك ما تعنيه عبارة "‎وهو كره لكم"، وإدراك كونه "إذنا" من الله تعالى إذا ما توافرت شروط الإذن به.

. . .

إن حملات اغتيال القادة من تدبير أعداء الثورة على اختلاف مسمياتهم كانت ولا تزال وسيلة من وسائل القتال يلجؤون إليها نتيجة التوهم أن غياب القادة المعروفين يوهن الثورة، ولا نغفل عن مكانة قادة الثورة المذكورين وسواهم، ولا عن حجم خسارة وجودهم وإنجازاتهم وهي خسارة كبيرة مؤلمة، ولكن علينا أن نستوعب ما لا يستوعبه أعداء الثورة رغم تكرار ما نشهده، ويشهدونه وإن عميت القلوب التي في الصدور:

بعد كل عملية اغتيال غادرة يزداد اشتعال لهيب الثورة، وتتحقق انتصارات جديدة تستأنف ما كان قبل حملة الاغتيالات.

. . .

الأهم مما سبق:

كيف تتعامل الثورة والثوار مع حملات الاغتيال وما يواكبها؟

من تمعن في رصد حملات الاغتيال المذكورة، يرصد بصورة متكررة عدة أهداف لكل منها في وقت واحد، أهمها:

١- محاولة إحياء معنويات العدو الذاتية المنهارة، ولا تزال رغم ذلك في ا‎نهيار متواصل..

٢- النيل من "القدرة القتالية" للثوار، وهو هدف مباشر ظاهر للعيان..

٣- عرقلة مساعي توحيد الفصائل، ومن شاء فليتابع كيف تزامنت كل حملة اغتيالات مع بلوغ مساعي توحيد الصفوف منعطفا حاسما واعدا..

٤- إيجاد معطيات إضافية في خدمة مسارات "العمل لتصفية الثورة" عبر أنفاق "حل سياسي مزعوم".. ولنذكر بهذا الصدد كيف كان اغتيال عبد القادر صالح وأقرانه مواكبا لما سمي جنيف ٢، وكان اغتيال حسان عبود وأقرانه مواكبا لطرح الإعلان المشبوه بإعطاء "أولوية الحرب ضد داعش على استهداف إسقاط بقايا النظام"، ويأتي اغتيال زهران علوش وأقرانه الآن مواكبا للنقلة التي نعايشها في مسار تدويل التعامل الإجرامي مع الثورة الشعبية.

مرة أخرى بالمقابل: كيف تتعامل الثورة والثوار مع حملات الاغتيال وما يواكبها؟

من أراد أن "يزفّ" إلى الشعب الثائر في سورية أخبار ارتقاء قادة ثورته الأحرار الأبرار إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، فليزف استشهادهم من خلال:

١- الارتقاء بالعمل الثوري نوعيا إلى مستوى تحقيق "هدف النصر".. وهو الهدف الأصيل الأهم.

٢- الارتقاء إلى توحيد الفصائل من فوق كل عقبة خارجية واختلافات ذاتية.. فهذا ما يسقط أهم أغراض الاغتيالات.

٣- الارتقاء إلى المستوى الحرفي في العمل السياسي مع العمل الميداني الثوري، بحيث يصبح "أداة ناجعة" تخدم الثورة وتحقيق أهدافها وليس أي غرض آخر.

والله ولي التوفيق

نبيل شبيب