نحن ساعة كتابة هذه السطور في ٢٥ /١/ ٢٠١٦م، ويقول بعض المتابعين مع مرور خمسة أعوام على اندلاع ثورة مصر الشعبية، وهي نموذج لسواها، إن جميع ما يستدعي الثورة موجود الآن بدرجة أكبر وأخطر مما كان.. فلماذا لم تجد ميادين مصر في الذكرى السنوية الخامسة مثل ما شهدته عند اندلاع الثورة؟
هذا السؤال فيه مغالطة في نظرتنا إلى الثورة والتغيير، تسري على الثورات الأخرى أيضا.
الثورة لا تتكرر ببنيتها الهيكلية فما كان آنذاك فتح بوابة التغيير وهو -أي التغيير- سيستمر بنجاحات ونكسات، حتى يصل إلى غايته… ومتابعة طريق التغيير الآن لا تعني تكرار الثورة الجماهيرية بالصيغة التي عرفناها قبل خمسة أعوام، وهذا يحتاج إلى تفصيل، ولكن ينبغي أن نستحضر الفترة السابقة للثورات، وكيف كنا نتوقع (أن يبدأ التغيير شعبيا يوما ما) أما متى وكيف فلم يكن أحد قادرا على استشراف ذلك، وهذا أمر طبيعي، لأن قوة التغيير تكمن في أن طريقه "جديد" غير مسبوق.
وستكون المراحل التالية جديدة غير مسبوقة أيضا، أما إذا تسمرت أنظارنا وأحاسيسنا وأفكارنا على تلك الصيغة الأولى لطريق التغيير، فلن نستطيع الإسهام في إبداع جديد يعطي دفعة قوية للمسار التاريخي الكبير، وقد يفاجئنا جيل الثورة والتغيير بما لا يضعه معظمنا في حساباته هذه الأيام.
ونشهد هذه الأيام
القتل على الهوية أو الشبهة في الشوارع، أو حصارا وتجويعا، أو اعتقالا وتعذيبا، أو اختطافا واختفاء قسريا، أو قصفا جويا وأرضيا.
جميع ذلك أو معظمه رصدناه أو رصدنا بعضه ونرصده في غزة وأخواتها بفلسطين وفي الغوطتين وحلب وأخواتها في سورية وفي المقدادية وأخواتها في العراق وفي تعز وأخواتها في اليمن.
مرتكبو الجرائم هم ميليشيات بصماتها وأسلحتها أسدية وصهيونية وإيرانية وداعشية.
وشريكهم الأكبر قصف طائرات روسية وأمريكية يزعم من يرسلونها أنهم يحاربون الإرهاب.
ولا يزال العدد الأعظم من الضحايا من أهلنا.
العدو من طينة واحدة.. وما زال فينا من يتحدث منذ سنوات عن ضرورة توحيد الصفوف.. هل ستبقى صفوف لتتوحد؟
نبيل شبيب