ما رأيك بداعش وحقيقة نشأتها وما نظرتك المستقبلية لهذا التنظيم، وكيف يجب ان تكون علاقة باقي الفصائل به؟
. . .
توجد دراسات معتبرة عديدة حول نشأة تنظيم داعش، بجذوره الأولى في القاعدة، وتطور تكوينه الفعلي في العراق، ثم تمدده إلى سورية وسواها.
ولكن لا يهم كثيرا ثبوت أن داعش من صنع المخابرات السورية والعراقية والإيرانية والأمريكية.. فسيان هل هي كذلك أم نشأت نتيجة رؤى ذاتية لمن أسسوها ومن يقودونها ومن يقتنعون بها يبقى الموقف منها واحدا، وهو موقف يتقرر ويطبق بناء ما تقول داعش نفسها وتصنع.
من الناحية الشرعية.. أعتقد استنادا إلى عدد كبير من النصوص القرآنية والنبوية أن كل تطرف.. وتعنت.. وتشدد.. وتنطع.. مرفوض إسلاميا، بل إن التشديد على ذلك لمن يتتبع النصوص أكثر من التشديد على خطورة التسييب والتمييع أضعافا مضاعفة..
رفض داعش إذن هو رفض أساسي يستند إلى ما تطرحه مصادرها المباشرة من رؤى متشددة وتصورات منحرفة وتطبيقاتها العملية.. وهذا بغض النظر عن دورها في الثورة الشعبية في سورية، وبغض النظر عن كل تصنيف أجنبي لها.. فالتصنيف الأجنبي بمعايير المصالح الأجنبية والاقتناعات الأجنبية، لا يلزمنا شرعا ولا بمقاييس السياسة الواقعية أيضا.. ولا توجد أصلا أي مصلحة للثورة للالتزام به، لا بشأن داعش ولا سواها.
بالنسبة إلى داعش وأمثالها.. وفي عموم السياسات الدولية.. القوى الدولية تتبع طريقين.. إما أن تصنع شيئا وتتخذه ذريعة لسياسات مبيتة.. أو تجد شيئا ينشأ من نفسه فتسارع إلى العمل لتطويقه واحتوائه ثم توظيفه ليكون ذريعة لسياساتها..
لهذا فإن داعش بغض النظر عن نشأتها وبغض النظر عن ممارساتها أصبحت موضع استغلال كشماعة لتمرير كثير من أشكال العداء نظريا وعمليا من جانب أعداء تحرر الشعوب وإرادتها لا سيما في سورية وأخواتها مما سمي بلدان الربيع العربي.
من الناحية السياسية المرتبطة بالثورة.. يمكن تقدير كثير من المصالح التي رأتها فصائل ثورية ميدانيا ودفعت بعضها إلى إعلان الحرب على داعش كبقايا النظام، ودفعت بعضها الآخر إلى مهادنتها حينا والصدام معها حينا آخر..
هذا لا يعود إلى عمل داعش فقط، بل يعود إلى أمرين.. أولهما وضع مصلحة الفصيل المقاتل كما يراها هو – ولا نهون من شأن تضحياته وبطولاته – فوق المصلحة العليا المشتركة للثورة والوطن والشعب.. والأمر الثاني هو غياب المرتكزات الأساسية لرؤية ثورية مشتركة وجسم موحد لفصائل الثورة.
إن الثورة هي بداية طريق التغيير.. وطريق التغيير سيشهد جولات صراع تالية لإسقاط بقايا النظام، وقد يكون أهمها محليا الصراع المزدوج في وقت واحد.. ضد داعش.. وضد الهيمنة الأجنبية بمختلف أشكالها.
أرى من الضروري أن يكون الموقف الفصائلي من داعش هو الرفض المطلق والمعلن بوضوح لرؤية داعش وممارساتها، وذلك من منطلق شرعي وحتى من منطلق مصلحي للثورة والوطن والشعب.. وليس من منطلق مصلحي انفرادي لأي فصيل.
أما الأشكال التطبيقية لهذا الرفض ميدانيا وتوقيتها زمنيا، فلا يقرر فيه إلا أهل الميدان، الأعلم بظروفه على الأرض، ولكن يمكن القول من خارج الميدان إن هذا التطبيق الميداني لن يكون فعالا في المستقبل المنظور، دون حد أدنى من توحيد أليات صناعة القرار الفصائلي الميداني.
والله أعلم
نبيل شبيب