انتشرت كلمة “تجديد” منذ فترة مع إضافة “الخطاب الإسلامي” إليها من زاوية الحاجة إلى تجديده، وبدا أن كلمة “الخطاب” هنا تنشر الاطمئنان أن المقصود هو أساليب التعبير عن الإسلام وليس إحداث تغيير ما في الإسلام نفسه، هذا مع ظهور ما يشمل ذكر تجديد الفقه وأصول الفقه، وكذلك بطبيعة الحال تجديد “الوسائل” مثل العمل الحركي الإسلامي.
والأصل في كلمة تجديد هو استعادة المقومات الأساسية لما يراد تجديده، وتخليصها مما طرأ عليها من شوائب وإضافات، أما تحول المقصود بكلمة تجديد إلى جعل تلك الشوائب والإضافات مطلوبة، فتلك عملية تغيير مرفوض وليست تجديدا.
المطلوب إذن تحديد المقصود بكلمة “تجديد” وحدودها، والجدير بالذكر ضرورة التأهّل للإسهام الإيجابي القويم في عملية تجديد، وليس هذا خاصا بالإسلام وما ينبثق عنه، فليس من المنهجية العلمية والمنطقية مثلا أن يتولّى فرد أو جهة ممّن يتبنون الرأسمالية عملية تجديد للشيوعية ولا تصح الحالة المعاكسة أيضا. كذلك لا يصح القبول بمن لا يتبنّى الإسلام دينا ومنهج حياة أن يتصدّى لتجديد شأن من شؤونه، وإن بلغ بدراسته ما يبلغه المستشرقون عادة، وفق معايير الدراسات لديهم.
وفي نطاق من يتبنى الإسلام من المنطقي أيضا أن يتطلب التجديد درجة من العلم تكفي للتعمق التخصصي، ولا تكفي الإحاطة العامة بجانب ما يراد الإسهام في تجديده، وهذا على مختلف المستويات، ابتداء بأركان الدين من أصول ومقاصد، مرورا بفروع علمية من فقه وتفسير، وانتهاء بوسائل التعبير عن الانتماء الديني من عمل حركي أو خطاب دعوي.
نبيل شبيب