المسار الشعبي ضمان التغيير في سورية

جميع فئات الشعب سواء في الثورة

رأي
تجددت مشاعل الثورة الشعبية في سورية انطلاقا من السويداء وامتدادا إلى أكثر من مدينة وبلدة ومحافظة في أنحاء البلاد، وهذا بعد أن سبق وسارع كثيرون من خارج نطاق الثورة ومن داخلها إلى نعيها والتساؤل عما يمكن أن يمضي من الوقت قبل انطلاق ثورة جديدة، ربع قرن من الزمان أم أكثر، وهل يحتمل شعب سورية داخل الحدود وخارجها شبيه ما تحمله طوال جيلين من قبل؟

هذه الأسئلة وأمثالها لا تنطلق من الرجوع إلى ثورات تاريخية سابقة، ولا من استيعاب عميق للثورات الشعبية في المنطقة العربية في العقد الثاني من القرن الميلادي الحادي والعشرين.

الثورات شرارة انطلقت في منعطف تاريخي واتخذت مسارات متشابهة إلا في بعض التفاصيل، وكتبت المرحلة الأولى من تحقيق التغيير كهدف مشترك ينطوي على أهداف تفصيلية عديدة، بدءا باستعادة الكرامة انتهاء بالأمن الغذائي، وليس ما انطلقت شعلته من السويداء الآن إلا متابعة لما سبق وتمهيدا لما هو آت.

وهنا يثير الاستغراب أن يطرح بعض أصحاب الأقلام ما يعتبرونه وصمة على جبين الثوار، أن يتحركوا بمطالب معيشية أولا ثم بمطالب سياسية وحقوقية، وكأن المطالب المعيشية من أجور ورواتب ومسكن وطعام وشراب ودواء ليست من الحقوق الأساسية لكل إنسان، لا سيما إذا تأمّلنا فيما تعنيه هذه الحقوق المادية في الإسلام كما نشرها عقديا وحضاريا أو ثقافيا وحضاريا حيثما امتد انتشاره جغرافيا وتاريخيا بين البشر. بل إن الإعلان عن العناوين الكبرى للحقوق المادية بدأ بموازاة الدعوة إلى التوحيد كما يشهد على ذلك معظم مضامين الآيات والسور المكية.

كما يثير الاستغراب أن يطرح بعض أصحاب الأقلام بصيغ التساؤل والمخاوف والتشكيك والتحذير مما يعتبرونه تمهيدا لاستبدال تسلط أقلية بتسلط أخرى، وكأنه لا يكفينا أن هذا الطرح المنحرف قد ساهم في تنفيذ ما أراده من موّل التحرك المضاد للثورة من قبل بل عمل لإنشائه من البداية.

هنا أيضا لا مكان لمن ينشر هذه التحذيرات باسم الإسلام، فما طرح هذا الدين الرباني شيئا من الحقوق المعنوية والمادية إلا وأكّد أنها للإنسان، جنس الإنسان، ابتداء من {ولقد كرمنا بني آدم} مرورا بـ { وما كان عطاء ربك محظورا} انتهاء بـ (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا).

إن الثورات الشعبية في سورية وأخواتها هي بداية طريق التغيير ويمكن أن تشهد منعطفات وأن تتكرر موجات التشكيك وحملات التحرك المضاد لتحرير الإنسان وإرادة الإنسان وحقوق الإنسان المعنوية والمادية جميعا، فلا ينبغي أن ندع فرصة أمام من يثير النعرات بمختلف ألوانها وأشكالها، تحت أي عنوان من العناوين بعباءة إسلامية أو قبعة علمانية، وبصيغة الخوف على الثورة أو التخويف من هذا العضو أو ذاك من جسد الثورة، فما يجمع على مطالب مشتركة ورؤية مشتركة أكبر من كل جانب يفرق بين فئة وفئة، ونظرة ونظرة، وهو ما يضمن الانتقال من مرحلة إلى أخرى من مراحل التغيير حتى تتحقق سائر الأهداف المشروعة للجميع بعون الله تعالى.

وأستودعكم الله وأستودعه كافة الثوار وثوراتهم الشعبية ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب

الثوراتالحقوقسورية