المرتزقة

همجية الغاية والوسيلة منذ القدم

مفاهيم

يعمل المرتزقة تحت عناوين عديدة، منها ما يوصف بالمجموعات الأمنية، وتقوم أنشطتها على ممارسات محظورة دوليا، ويتطلب التعامل معها ومع من يستخدمها ويدعمها وجود قضاء دولي مستقل ونزيه، وذي كلمة محترمة، وليس هذا موجودا في عالمنا المعاصر، ولن يوجد ذاك القضاء إلا بعد التخلص من هيمنة شرعة الغاب، التي تمكّن من انتشار التمييز بين فريق من المجرمين وآخر، ومثال على الوسائل المتبعة لذلك أيضا نجده في تقييد صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية منذ إنشائها.

ممارسات المرتزقة منتشرة منذ القدم واعتمدت على تسليح مدنيين للمشاركة في عمليات قتالية مقابل أجور مالية،. فعُرفت تشكيلات المرتزقةَ في امبراطوريات الفرس والرومان والإغريق والفراعنة، وقيل إن الفراعنة أطلقوا عليها وصف النهابين (من نهب ينهب) وذلك منذ ١٢٨٨ سنة قبل ميلاد المسيح عليه السلام، كما اشتهرت مرتزقة الهسبان في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد، وأطلق المؤرخون وصف حرب المرتزقة على حرب اندلعت سنة ٢٤١ قبل الميلاد، بقيادة ثلاثية رومانية وبربرية وغالية، واستهدفت تونس على خلفية صراع طويل الأمد بين الرومان وقرطاجة.

أما حديثا فوجدت ممارسات المرتزقة مواجهتها منذ سنة ١٩٧٧م في ملحق أضيف إلى اتفاقيات جنيف من ١٩٤٩م، وحددت المادة ٤٧ منه تعريفَ المرتزقة في ستة أصناف، ملخصها تجنيد شخص مدني وتسليحه ليمارس داخل الحدود أو خارجها أعمالا عدائية لتحصيل المال أو حبّا في المغامرة، ولا يكون تكليفه في نطاق قوات مسلحة نظامية.

وفي كانون الأول / ديسمبر سنة / 1989م أصدرت الأمم المتحدة اتفاقية دولية جرّمت كل مرتزق وكل من يقوم بتجنيد المرتزقة أو استخدامهم أو تمويلهم، وحظرت على الدول ذلك أيضا.

ومجمل ما تقول به النصوص القانونية الدولية هو أن المرتزقة أشخاص مستأجَرون بالمال فهم يقاتلون بعيدا عن المصالح المعتبرة، السياسية والإنسانية والأخلاقية؛ ولا يسري عليهم التعامل بقوانين دولية لحالة الحرب، فهم مدنيون يشاركون في القتال خارج المشروعية الدولية.

عمل المرتزقة محظور دوليا إذن، إنما أصبح الالتفاف على القانون يعتمد على تشكيل منظمات أو شركات يسمونها أمنية خاصة؛ وهي على صلة وثيقة ودائمة بالأجهزة السياسية الرسمية، مما يعزز شهرة بعضها، مثل منظمة فاجنر الروسية، ومنظمة بلاك ووتر الأمريكية، ومن أسباب الشهرة عمل إجرامي ينتهي إلى منع إيقاع العقوبة أو حتى المحاسبة بقرار سياسي، كما كان بعد انكشاف أفاعيل بلاك ووتر الإجرامية في حرب احتلال أفغانستان ثم حرب احتلال العراق. وكانت قد تأسست في الولايات المتحدة الأمريكية سنة ١٩٩٧م، بينما تأسست شركة فاجنر الروسية سنة ٢٠١٤م وتعود شهرتها إلى التعاون العلني بينها وبين قيادات الدولة الروسية، واشتهرت بأفاعيلها الإجرامية في سورية لقمع الثورة الشعبية، كما كلفت بأداء المهام القذرة في أكثر من بلد إفريقي، لا سيما في ليبيا.

معظم ما انتشر سوى ذلك كان تقليدا للوسيلة نفسها من حيث التمكين من ارتكاب أعمال إجرامية دون محاسبة عليها. وهذا ما تندرج تحته تشكيلات البلطجية في مصر والبلاطجة في اليمن والشبيحة في سورية وجميعها وأمثالها تولت المهام القذرة ضمن حملات قمع الثورات الشعبية التي انطلقت آخر عام ٢٠١٠م.

وأستودعكم الله كما أستودعه شعوبنا وبلادنا وجنس الإنسان ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب

 

البلاطجةالبلطجيةالشبيحةالمرتزقة