رأي
كانت المخاوف من تفتيت السودان كبيرة قبل الانقلاب العسكري باسم ثورة الإنقاذ من جانب عمر البشير ومن والاه ، ثم أصبح ذلك العهد الاستبدادي مع انتحال عنوان إسلامي هو المسؤول عن الخطوة الحاسمة الأولى لتمرير تفتيت دولة السودان بفصل الجنوب عنه.
في تلك الحقبة ومن قبل ومن بعد كان الحديث في أوساط النخب والعامّة يدور حول الوعي السياسي المتميز لدى شعب السودان؛ رغم ذلك بدأت تلوح في الأفق بوادر الخطوة التالية لتفتيت السودان، جنبا إلى جنب مع تدمير طاقاته العسكرية وغير العسكرية، ليس بأيد عدوانية أجنبية، بل عبر مقصلة عسكرية ذاتية من صنع صراع عسكري – عسكري، يخرّب بيوت شعب السودان بكل أطيافه، وليس بيوت المتسلطين عليه منذ انقلابهم هم على الثورة الشعبية في السودان، التي قامت ضد التسلّط الاستبدادي بكل أشكاله.
٠ ٠ ٠
الأيدي الخارجية المعادية التي استهدفت السودان وعملت على إضعافه وتفتيته منذ عشرات السنين، واستغلت لذلك ممارسة المظالم الاستبدادية المحلية، هي ذاتها الأيدي الأجنبية المعادية التي تتحرك الآن أيضا ولكن عبر مرتكزات إقليمية، لضرب شعب السودان وطاقاته بقواته المسلحة نفسها، فتدفع القيادات إلى اقتتال لا مصلحة لأحد فيه من داخل السودان، بل يوجه الضربات للثورة الشعبية من أجل استعادة السيادة على الوطن وثرواته.
جدير بالذكر أن ما يجري في السودان لا ينفصل بمغزاه ومجراه عن الصراع الدائر ضد النيجر وشعب النيجر، وضد المخلصين من العسكر فيه، وهؤلاء لم يكن انقلابهم انقلابا تقليديا بقدر ما كان واجبا مفروضا في صميم مهمة جيش وطني، فما يجري هو تحرك وطني ضد هيمنة أجنبية، أي ضد فرنسا وانتهاكها المتواصل للقرارات السيادية في النيجر وضد المتحالفين محليا وإقليميا مع من يخدم استغلالها للثروات المادية في غرب إفريقية بأكملها.
بالمقابل يوظف الطرفان العسكريان المتنازعان في السودان تسلطهم على القوات المسلحة لإكراه الشعب على القبول بأوضاع تخدم الهيمنة الأجنبية، بما فيها الهيمنة الإقليمية الصهيونية؛ وسبق أن تبجح القائد العسكري البرهان بتواصله مع قياداتها الإسرائيلية، بينما يتحرك حميدتي ومن والاه فيما يسمى الدعم السريع لخدمة مرتكزات إقليمية للهيمنة الصهيونية عبر تمويل التسلح مقابل التفريط بثروة السودان من الذهب.
الخاسر الأكبر في هذه الممارسات هم من يخسرون الدنيا والآخرة، ويحسبون جزاءهم بعيدا وما هو ببعيد.
وأستودعكم الله وأدعوه العون للشعوب ضد الظالمين ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب