استراحة – في دار الوالي

في غابِ الأُسْـدِ تعلّمنا.. وأد الأحـرار بحـريّه
هذه دردشة شبكية يتجدّد مضمونها بهذه الصيغة أو ما يشابهها مع كل حدث جديد حول العلاقة بين الأنظمة والشعوب، وهو ما بلغ في بلدان الربيع العربي مستوى سفك الدماء بلا حساب، وهمجية غير مسبوقة في المعتقلات، وتشريدا للملايين في أنحاء الأرض.. وكشفا فاضحا لسوءات الدعوات العالمية المزعومة للحرية والعدالة والأمن وسائر حقوق الإنسان الأخرى.. وإلى من بات يعرف بفريق “كنّا عايشين” يعاد نشر هذه الدردشة الشبكية بتعديلات طفيفة، وقد سبق نشرها في منتدى السقيفة الحواري عام ٢٠٠٣م، تحت تأثير عزوف القلم آنذاك (أيضا) عن التحليل في ظل أوضاع شاذة على كل صعيد، فلجأ إلى التهكم الساخر الدامي.

. . .

في دار الوالي تعلَّمْنا.. ما معنى العيشِ بحريّهْ
في دار الوالي تعلَّمْنا.. أن نهوى الموتَ بحريّه
في دار الوالي تعلَّمْنا.. وأدَ الأحـرارِ بحـريّه
 
ما أحلى الغربةَ عن بلدي..
ما أحلى الدمعةَ في الرّمد..
ما أحلى الغصّةَ في كبدي..
كي تبقى البيعـة للأبـد..
من أجـل حيـاة الحريه
 
بوقُ الإعـلامِ يوظّفُــه..
والٍ للشـعـب يُعَـرِّفُـه..
ما معنى المجدِ لِيعـزفَـه..
في سـمع الدهر يُشَـنِّفُه..
فاسـمع لنشـيد الحريـه
ينسـاب النّور بحكمتـه..
عـزّاً يختـال بطلعـتـه..
ما أحلى سـور حظيرته..
ترعـانا سـطوةُ نظرتـه..
إذ نقضـم عشـب الحريـه
لا يشكو العبـدُ إذا سَـلِما..
لا يُبدي اللـومَ ولا الألَمـا..
شاء الوالي فغدا غنـمـا..
يثغـو في المسلخ مبتسما..
ما أجمـلَ ذَبْـح الحريـه
نرضى بالحكـم فقد حَكَمـا..
نهوى الأغلال وإن ظَلَمـا..
ننسـى الأحزانَ إذا ابتسما..
فالوالي وحـده من عَلِمـا..
ما ينفـع عبـدَ الحريـه
إن ضاع المسكن لم نَهِـجِ..
فالوالي قصرُه في المُهَـجِ..
في رمشِ العين ولم نَلِـجِ..
يكفـي مَرآه على الوَهَـجِ..
كي يحرق عينَ الحريـه
لم نطلبْ صِـدْقَهُ إن وَعَـدا..
أو نَعْـصِ الأمـر إذا وَرَدا..
أو نسـألْ كيفَ يكون غـدا..
أو نرفـعْ هامتَـنـا أبـدا..
في قعـر سـجون الحريـه
إنّ سـاد الفقر بأسـرتنـا..
أو عـمَّ البـؤس بضيعتنـا..
إن جُـنَّ الحزن بمهجتنـا..
أو غـاب النـور بمقلتنـا.. 
نقتـاتُ دمـوعَ الحريـه 
والينـا الفـذُّ يحـذّرنـا..
من وَهْـم كاد يحـرّرنـا..
يُهدينا الخمـرَ ويُسْـكِرنا..
أو سـوطَ الذلِّ يخدّرنـا..
فالوهـمُ عـدوّ الحريـه
والينـا الفـذّ هو العَـلَـمُ..
يَهـواه الشـعبُ ويحتـرم..
والزيفُ الأكبر ما زَعَمـوا..
عَن ظلـمٍ تنسـجُهُ الظُّلَـمُ..
عن قطـعِ رقـابِ الحريـه
إن تصـعدْ آهُـك للسُّـحُبِ..
إن فاضَ الدَّمع إلى الرُّكَـبِ..
إن تُطفأ شَـمْسُك أو تَغِـبِ..
فيـم الأحـزان بلا سَـبَب..
واليـكَ شـموسُ الحريـه
إن يُدفن مجدُك في الوطـن..
إن دارت فيـه رَحى المِحَـن..
إن صـار الموت بلا ثمـن..
إن أمسى الشـعب بلا كفـن..
فاهنـأ بشـعار الحريــه
لا تغضبْ إن سُـرق الوطـنُ..
إن ضاع الأهـل وإن دُفنـوا..
إن ضجّ السّجن بمن سُـجنوا..
قـد صرنا يربطُنـا الرَّسَـنُ..
قد عَشْعَشَ خوف الحريـه 
قطعـانٌ نحـن بلا حَرَسِ..
أعناقٌ في مَسَـدِ الجَـرَسِ..
نَخْشى التَّنْهيدةَ في النَّفَس..
نَمْضي للمسلخِ فـي الغَلَسِ..
نُهْدي كَفَـنـاً للحريـه
نحن الأحرارُ غَدَوْا غَنَمــا..
خاطوا من جلدتنا العلمـا..
أصنـامٌ قد صنعوا صنمـا..
مَنْ يَظْلِمْ نَفْسـه ما ظُلِمـا..
بل يُحرمُ طَعْـم الحريـه
والينـا يطلب بيعـتَـنـا..
شكرا يا مالِكَ مهجتِـنـا..
الدمع انسـاب بفرحتنـا..
والوالي حَـرَّق دمعتنــا..
في شعلةِ عهدِ الحريـه
قضبـان السـجن يزيّنهـا..
أصـداء السـوط يلحِّنُهـا..
آهُ الحـرمـان يُقَـنِّـنُهـا..
في قلب الشَّـعب يُوطِّنهـا..
ما أعظـم عهد الحريــه
عـهـدٌ تحميـهِ طوارِئُـه..
دسـتورٌ يُفْـجَـعُ قارئُـه..
والحـزبُ الملهَـمُ صابِئُـه..
يُفضي للسِّـجن مُناوِئُــه..
عـهـدٌ صَـنَعَـتْه الحريـه
عهـدُ “التِّسْـعاتِ” بها انْتُخِبا..
والصـوتُ القائِـلُ “لا” قُلِبـا..
عبـرَ الصندوقِ وقـدْ ثُقِبـا..
في زَيْـفِ البيعـةِ ما غُلبـا..
في نزفِ دمـاءِ الحريـه
عـهـدٌ يمتـدُّ إلى الأبــدِ..
إرثُ الأَجـدادِ إلى الحَـفَـدِ..
والحزبُ المٌلْهَـمُ لم يَـحِـدِ..
عن توريـثِ بنـي الأَسَـدِ..
والإرثُ نزيـفُ الحريـه
 
في غابِ الأُسْـدِ تعلّمنا.. ما معنى العيش بحريّهْ
في غابِ الأُسْـدِ تعلّمنا.. أن نهوى الموت بحريّه
في غابِ الأُسْـدِ تعلّمنا.. وأد الأحـرار بحـريّه

نبيل شبيب

 

الاستبداد