دراسة – النص الكامل للاطلاع والتحميل أعلاه بصيغتي: word + pdf
المحتوى
توطئة
تطوّر الوجود البشري الإسلامي في أوروبا.. كمّا ونوعا
العزلة والاندماج.. بين جيلين من المسلمين
الإقصاء والتطويع.. بين جيلين من السياسيين
تطوّر العمل التنظيمي.. بين العوائق الذاتية والخارجية
استهداف جيل الناشئة والشبيبة.. والطاقات الجديدة
المرأة المسلمة.. بين صيغ جديدة وأهداف قديمة
نظرة استشرافية.. بين المطلوب والممكن
هوامش ومصادر
توطئة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
لا توجد حدود في طريق انتشار الإسلام, لم توجد على مرّ التاريخ، ولن توجد في الحاضر أو المستقبل، ولا علاقة لذلك بموازين القوى المادية، لا سيما العسكرية، فقد انتشر الإسلام من بداية العهد النبوي بقوة العقيدة وسلامتها، وانتشر في حقبة ازدهار الحضارة الإسلامية لعدة قرون، وينتشر في الوقت الحاضر رغم عوامل التخلف والتفرقة الذاتية والعقبات والعوائق الخارجية، ومن أسباب ذلك أن اعتناق الإسلام لا يلغي هوية فرد من الأفراد أو شعب من الشعوب، كما يشهد تاريخ الأقطار الإسلامية الحالية وواقعها، وهذا ما يمكن تأكيده على صعيد انتشار الإسلام في أوروبا، رغم الجدل الذي يثار حول إسلام أوروبي من جهة وأسلمة اوروبا من جهة أخرى.
ازدياد الإقبال على الإسلام في أوروبا، تفهما واعتناقا، في فترة تشهد تصعيد مواجهته، يعتمد على كونه عقيدة صافية عقلانية متوازنة، ومنظومة أخلاق وقيم إنسانية، ومنهجا وسطيا عمليا، ولعل هذا ما جعل الظاهرة الإسلامية مصدر قلق المسيطرين عبر مناهج وضعية وفكر مادي، وربما غلب قلقهم هذا على ما يجري التركيز عليه أو الترويج له تحت عناوين معروفة، تخويفا كالحرب ضد الإرهاب، أو ترغيبا كنشر قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وذلك من منظور أن هذه العناوين أصلح من مواجهة مباشرة لانتشار الإسلام عبر أطروحات عقدية وقيمية وخلقية، وأقرب إلى التأثير على العامة في الغرب، لا سيما على صعيد جيل الشبيبة، الذين تسجل نسبة اعتناق الإسلام في صفوفهم تصاعدا مطردا، في ظل أشد الحملات المضادة ضراوة وعنفا، وتقييدا للحريات والحقوق، حتى بمفهومها الغربي، كما هو مشهود من خلال الحملات على الحجاب والنقاب، أو ما سمي القوانين الاستثنائية.
سبق انتشار الإسلام في أوروبا – كما تشهد مصادر تاريخية عديدة – وصول العثمانيين ثم المسلمين التتار إلى عواصمها، مثل بودابست وبلجراد وسراييفو، إذ تتحدث مثلا عن الصقالبة البوشناق وانتشار الإسلام لديهم قبل فتح القسطنطينية بعدة قرون، وكذلك الألبان (وأصلهم من أواسط آسيا) الذين كانوا يتحصنون في الجبال لمقاومة الغزاة، فعجزوا عن إدخالهم في عقائدهم، إلى أن وصل العثمانيون فاعتنقوا الإسلام سريعا وأصبحوا جزءا من المسلمين ما بين المشرقين، كما يوجد في بعض المتاحف – كما في السويد – آثار تعود إلى القرن الميلادي التاسع(1).
إنّما يقتصر هذا البحث على نظرة تاريخية موجزة للغاية بصدد الوجود الإسلامي في أوروبا، مع التركيز على القرن الميلادي العشرين، فالغرض الأهم هو تناول الوضع الراهن وما طرأ عليه بصدد الرؤى الشمولية للجهات الرسمية، ومفعول ذلك في الحاضر والمستقبل، ثم تعامل المسلمين أنفسهم مع تلك الرؤى، وهو جانب في غاية الصعوبة على أي دراسة منهجية، إذ لا يوجد إلا القليل من القواسم المشتركة على هذا الصعيد ما بين المسلمين في الأقطار الأوروبية المتعددة، بما في ذلك فئاتهم الأكبر تعدادا في فرنسا وألمانيا وبريطانيا، فلا بد من الانطلاق من أحدها نموذجا من حيث الاستشهادات والمراجع، وهو في هذا البحث المنطقة الناطقة بالألمانية، الأكبر تعدادا وتأثيرا، والأقل متابعة باللغة العربية، ويساعد على ذلك إقامة كاتب هذه السطور في ألمانيا منذ ١٩٦٥م. ومن صعوبات البحث أيضا تجنب ذكر الديانة في المراجع الإحصائية وسواها وهو ما يجعل مجرد تحديد أعداد المسلمين وتوزع فئاتهم السكانية والاجتماعية عسيرا، فضلا عن العوامل العقدية والسياسية التي تجعل كثيرا من ذلك ضحية التهويل أو التهوين بعيدا عن رؤية منهجية مستقلة(2).
وتركز هذه الدراسة على مجالات نوعية محددة من تلك الرؤى الشاملة، مما يغلب عليه كونه من باب القواسم المشتركة رغم التفاوت النسبي بين قطر وآخر. ولا تُطرح “الرؤى الشاملة” على كل حال تحت هذا العنوان – كاستراتيجيات – إنما ينبغي استنباطها من خلال الرجوع إلى كل مجال على حدة، للوصول إلى نسيج مشترك فيما بينها، ومن تلك المجالات: قضايا العزلة والاندماج من منظور المسلمين أنفسهم، وقضايا الإقصاء والتطويع من جانب المسؤولين في الأقطار الأوروبية، وشبكة التنظيمات الإسلامية وما يشهده تطويرها من عوائق ذاتية وخارجية، ثم النظر فيما يتعلق بجيل المستقبل من الناشئة والشبيبة المسلمين، وفيما يتعلق بالمرأة المسلمة التي تعتبر في محور ما يُبذل من جهود إيجابية وسلبية للتعامل مع الوجود الإسلامي في أوروبا ومستقبله، مع استخلاص بعض ما يترتب على ما سبق من استشراف للمستقبل والعوامل التي يُنصح بمراعاتها ليكون إيجابيا بالمنظور الإسلامي، وبمنظور الدول المضيفة على السواء. ولا بد من الإشارة إلى أن دواعي الإيجاز المطلوبة في إعداد الدراسة تفرض تقديم الأهم على المهم، وتجنب التفاصيل.
وأستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب
النص الكامل للاطلاع والتحميل أعلاه بصيغتي: word + pdf
هوامش ومصادر (للتوطئة):
(1) – من المصادر التاريخية عن البوشناق المسلمين “رحلة ابن فضلان إلى بلاد الصقالبة”، من العهد العباسي، وكتاب “معجم البلدان” لياقوت الحموي، ومن المصادر الحديثة الموسّعة “البوسنة والهرسك دراسة عامة، للدكتور أحمد عبد الكريم نجيب، دار المعرفة، الطبعة الإلكترونية:
http://www.kl28.com/knol3/?p=view&book=8144
وفيه ذكر بعض المصادر الأجنبية التي تؤكّد ذلك أيضا. وانظر حول الإسلام في السويد ما ورد في موقع آراب نيهيتر:
http://www.arabnyheter.com/ar/index.php?option=com_content&task=view&id=5833&Itemid=35
بقلم المسلم السويدي محمد عمر: السويد وأوروبا تدين باليهودية!! حيث يقول:
(يُعتقد أن الكثير من المسلمين كانوا قد عاشوا في السويد زمن الدولتين الأموية والعباسية حيث عُثر في أحد القبور على خاتم فضي يحمل لفظ الجلالة “الله” ويشير علماء الآثار إلى أن تاريخ القبر يعود للقرن التاسع الميلادي، كما يوجد بالمتاحف السويدية الكثير من العملة المعدنية التي عثر عليها في السويد سُكّت في فترة خلافة الأمويين والعباسيين).
(2) – يشهد على تلك الصعوبات أن وزارة الداخلية الألمانية أرادت في ختام الجولة الأولى من “مؤتمر الإسلام في أوروبا” ذكر أقرب الأرقام صحة إلى عدد المسلمين في ألمانيا، فخصصت فصلا كاملا من الكتاب الذي صدر بتلك المناسبة لشرح الأساليب التي لجأت إليها لتستخلص منهجيا أرقاما قريبة من الواقع قدر الإمكان. عنوان الكتاب “حياة المسلمين في ألمانيا”، بالألمانية:
Deutsche Islam Konferenz: Muslimisches Leben in Deutschland, Forschungsbericht 6, Bundesamt für Migration und Flüchtlinge, Bundesministerium des Inneren, Berlin, 2009.