ــــــــــ
تستهدف هذه الكلمات لفت الأنظار إلى الحلقة المخصصة للأخ الدكتور عدنان وحود من برنامج مغتربون على شاشة فضائية الجزيرة هذا اليوم الأربعاء ٢٦ / ٧ / ٢٠١٧م، وهو ما أعتبره مكسبا للجزيرة ومشاهديها، إنما أود لفت الأنظار إلى ما هو أبعد من ذلك، فالتعرف ولو على بعض جوانب حياة الأخ والصديق عدنان عبر برنامج تلفازي، يأتي هذه الأيام ونحن على مفترق طرق، بين أن تحتكر صناعةَ مستقبل بلادنا قوى دولية وبعض القوى الإقليمية، مستغلة ما وقع وما ساهمت فيه بعد ثورات شعبية متألقة، وبين أن ينشأ جيل من الشباب كان قد شارك بقدر في صناعة حدث الثورة، ويمكن إذا سلك طريق بناء الذات علما وفكرا وتخصصا وعطاء، أن يتمكن من التأثير على مسار التغيير، وهو قادم بعد هذه الثورات الشعبية لا محالة.
* * *
د. عدنان وحود نموذج يحتذى به لمن يريد النهوض بنفسه وأمته وبالإنسان من جيل الشبيبة. ونحن نحتاج إلى شباب مثله، يتمكن من التغلب على العقبات المعيشية في بداية حياته، يدرس ويتخصص فيتفوق، ويعمل فيتألق، ويصل في ذلك إلى أعلى المراتب وتجد اختراعاته العديدة مكانها في أكبر المصانع والشركات في مختلف أنحاء العالم.
نحتاج إلى شباب لا يغفل عن قيمه في حياته وعلاقته مع البشر، وعدنان وحود لا يفتقد فيه ذلك أحد ممن عرفه وعرف ما كان عليه من بداية الطريق، خلقا وتعاملا، وتواضعا وتواصلا، وحرصا على روابط الأخوّة.
نحتاج من الشباب المغترب في أصقاع الأرض تشريدا ولجوءا وانشغالا بمتطلبات معيشته في أرض غريبة عليه، ألا يغفل عن ارتباطه بموطنه الأصلي، ونجد النموذج لذلك في عدنان وحود أيضا، الذي لم ينس موطنه يوما، حتى إذا ناهز سن التقاعد تقاعد مبكرا وفرّغ نفسه لعمل دائب من أجل إغاثة من يستطيع الوصول إليهم، لا سيما في شمال سورية، حيث أقام عددا من المراكز للعلاج الطبي، ولا يزال يتردد عليها منذ سنوات بمعدل مرة كل شهرين، ليضمن سلامة العمل من خلالها وتلبية الاحتياجات الطارئة وفق المتغيرات المتوالية.
* * *
أعترف كأخ محب لعدنان منذ عقود أن بعض كلامي عنه قد يدفع بعض القراء إلى التوهم أنه بسبب رباط الأخوة والمحبة، ولكن يشهد على مثل ذلك عدد كبير ممن عرفه وعايشه حتى من الألمان من كثب، أثناء دراسته في المعهد العالي التقني في مدينة آخن غرب ألمانيا، وفي مكان عمله مديرا لقسم البحث والتطوير في شركة دورنير العملاقة، وفي بلدة لينداو وما حولها، والتي قضى فيها عدة عقود من عمره، فبات يتمتع بمكانة خاصة ساهمت في الاستجابة الواسعة النطاق من جانب السكان وجهات عامة ورسمية وصناعية لتغطية قسط كبير من التبرعات لصالح المراكز الطبية التي افتتحها.
مما يعبر عن ذلك شهادة مديرة مؤسسة “أروقة السلام” في لينداو، بربارة شتوللر، عن التواصل القديم به والتعاون المستمر معه ومع أفراد أسرته، لا سيما زوجه المشاركة مثله أيضا في كثير من البرامج لرعاية “اللاجئين” السوريين في المنطقة.
كذلك شهادة أستاذه الجامعي القديم، بروفيسور أوسفين كولهاوس، ومنها قوله: (في مسار حياة عدنان وحود وتحصيله الأكاديمي العلمي أصبحت أبحاثه المنشورة في المجلات التخصصية ومحاضراته العلمية في المؤتمرات الدولية معروفة ومشهورة..) ويؤكد بروفيسور كولهاوس أن هذا كان من وراء تغيير سياسة كثير من الشركات الكبرى، فأصبحت تضع حصيلة دراساتها الخاصة تحت تصرف الجامعة، بعد أن كانت طيّ الكتمان لأغراض تجارية.
ويقول عنه فيلفريد ترومب، رئيس مجلس الإدارة في مؤسسة يو- تي – تي:
(دكتور وحود كان من البداية مهندسا موهوبا، لديه ذخيرة واسعة في العلم النظري الأكاديمي وفي التكنولوجيا، ولكنه ـ وهذا هو مفتاح نجاحه ـ كان رجل الحياة العملية.. كان يأتينا بلباس العمال ليراقب ويضبط عمل الآلات بنفسه، كان يعرف كل التعقيدات ويتلمس نقاط الضعف والتطوير اللازمة للآلة بنفسه، يمكن القول إن أمثال هذا المهندس ـ في أيامنا هذه ـ نادرة)
* * *
ومن أراد المزيد عن عدنان وحود، يجد المزيد في برنامج “مغتربون“، والمطالعة في كتابه (عالم من دمشق)، وهو سيرة ذاتية متميزة.
نبيل شبيب