أحداث الأقصى ٢٠١٧م وطريق التغيير

الأنظمة وثنائية خنق الثورات وهدر أسباب النهوض

تحليل

فلسطين جزء من المشهد، بل هي في قلب المشهد، فما يحدث في المسجد الأقصى المبارك وما حوله هذه الأيام من سنة ٢٠١٧م خطوة لا تنفصل عمّا حولها على امتداد الأرض العربية والإسلامية، ولا تنفصل تخصيصا عن أحداث العقد الأخير من السنوات، وقد بدأت بمزيد من خطوات نشر الفوضى الأمريكية الهدامة، انطلاقا من لهيب التقتيل والتدمير في العراق، وصولا إلى حملات قمع الثورات الشعبية، أي الحيلولة دون وصول الإرادة الشعبية الحرة لمواقع صناعة الحدث والقرار في أي بقعة من المنطقة.

من القصور الثوري التحرك فكرا وعملا داخل الحدود القطرية دون ربطها بالأبعاد الإقليمية والدولية، فلا يوجد حدث منعزل عن سواه، إنما تتفاوت درجات التأثير المتبادل فحسب.

وقد كشفت الانتفاضات الفلسطينية ثم الثورات الشعبية لا سيما في مصر وسورية أن الطريق المعبّر عن إرادة الشعوب، هو الطريق الأصيل في التعامل مع قضية فلسطين المحورية وسواها، والكفيل على المدى المتوسط والبعيد أن يعيدها إلى جوهرها تاريخيا، قضية حق أصيل لا يتجزأ، واستعمار استيطاني يستحيل استمراره مهما طال به الأمد.

ما كان ينبغي لمن يعي ذلك من الثوار والنخب أن يتوقع دعما أجنبيا حقيقيا لتحرر إرادة شعبية في أي بلد عربي، بل كان من أفدح الأخطاء تصديق وعود الدعم والوهم أن هذا من أجل ظهور أنظمة متحررة مكان أنظمة التبعية الأجنبية، ولكن وُضعت قضية فلسطين مجددا في محور المشهد على الطريق الطويل للتحرر والتغيير.

وكما ساهمت انتفاضة الحجارة وانتفاضة الأقصى من قبل في زراعة بذور التمرد الشعبي في المنطقة، فإن أحداث الأقصى تنذر بإطلاق شرارة انتفاضة شعبية فلسطينية، تؤكد مجددا ذلك الموقع المحوري المركزي لقضية فلسطين وارتباطها بتحرير إرادة الشعوب، ويمكن أن تساهم في تجديد الطاقة الشعبية للثورات في المنطقة.

لم يكن ينبغي من قبل ولا ينبغي الآن تقييد العمل في الثورات الشعبية بالمنطلق القطري وحده، فهذا تكرار لأخطر ما صُنع بقضية فلسطين تحت عنوان مزور يزعم أن القضية قضية الفلسطينيين؛ فالعمل القطري لأي قضية مطلوب في حدود ما تفرضه معطيات الواقع، ولكن يستحيل أن تكتمل وسائله وأن تتحقق أهدافه دون الرؤية المستقبلية الجامعة، وفي مقدمة معالمها أن الواقع بمجموعه، قطريا وإقليميا وعربيا وإسلاميا وحتى دوليا، واقع متغير، ولا يحدث تغيير في بقعة دون التأثير المتبادل مع التغيير في سواها. وهذا مسار لن يتغير بمعالمه الكبرى وإن تغيرت التفاصيل بين مرحلة وأخرى، وليس تحرير الإرادة الشعبية شارعا باتجاه واحد للعمل الثوري، بل هو صراع جبهات، ما بين الشعوب الثائرة وبين القوى المهيمنة المعادية، الحريصة على استمرار فرض الأغلال على إرادة الشعوب.

صحيح أن اليقين بانتصار الشعوب لا يتزعزع ولكنه يقين مقترن بشروط، أهمها مواصلة التحرك في الاتجاه الصحيح، حتى وإن وقعت أخطاء، فسوف ترافقها إنجازات أكبر حجما وأبعد مفعولا.

وأستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب

التغييرالثوراتفلسطين