الضاد تشكو

ــــــــــ

يا مالِئَ الأجْفانِ بالعَبَراتِ – – – وَمُغالِبَ الأَحْزانِ بِالزَفَراتِ

عَمَّنْ تُواري يا أخا العَرَبِ الأَسى – – – في مَحْبَسِ الأَنْفاسِ وَالنّظَراتِ

أَفَلا تَبوحُ فَقَدْ أُشاطركَ العَنا – – – أَوْ أَمْسح الآلامَ بِالبَسَماتِ

*        *        *

وَأَجابَ بَعْدَ تَنَهُّدٍ وَتَرَدُّدٍ – – – فَتَفَجّرَ البُرْكانُ بِالآهاتِ

لَسْتُ الذي يَشكو الهمومَ تَبَرّماً – – – فَالصّبْرُ مِنْ خُلُقي ونَهْجُ حَياتي

لَكنْ نَظَرتُ إلى المصائِبِ كُلِّها – – – فَشَكَوْتُ مِنْها أَخْطَرَ النَّكَباتِ

أَشْكو التّغَرُّبَ في ثَقافَةِ أُمَّتي – – – أَشْكو سَقيمَ اللّغْوِ في اللَهَجاتِ

أَشْكو الرّكاكَةَ لا تُواري عُهْرَها- – – في خُطْبَةٍ مَفْضوحَةِ الهَفَواتِ

قَدْ حُضِّرَتْ مَخْطوطَةً مَشْكولَةً – – – وَازّينَتْ بِمُقَدَّسِ الآياتِ

وَيَشينُها الزُّعَماءُ عَبْرَ تَلَعْثُمٍ – – – وَجَهالَةٍ غَرْبِيَّةِ اللّكَناتِ

*        *        *

أَشْكو التّخَلُّفَ في تَغَرُّبِ عالِمٍ – – – وَالعِلْمُ لا يَرْقى بِبَعْضِ فُتاتِ

أَيْن العُروبَةُ مِنْ أعاجِمِ أُمّتي – – – في الجامِعاتِ ضَحِيَّةِ الغَدَراتِ

كانَتْ مَناهِلَ لِلْعُلومِ صُروحُها – – – تُهْدي التّقَدُّمَ.. تَكْشِفُ الظُّلُماتِ

وَالكُلُّ يَتْبَعُ في الحَضارةِ نهجَها – – – وَلِسانَها العَرَبِيَّ كالرَّاياتِ

صارَتْ تُلَقِّنُ لِلشَّبابِ عُلومَها – – – بِلِسانِ قَومٍ مارِقينَ غُزاةِ

إِنَّ الدُّروسَ لُغاتُها مِنْ روحِها – – – فَعَلام يُلْقيها لِسانُ عُداةِ

لا يَمْنَعُ العُلَماءَ طَرْحَ عُلومِهِمْ – – – بِفَصيحِ قَوْلٍ واضِحِ القَسَماتِ

إِلاّ التّغَرُّبُ في سياساتِ الأُلى – – – وَضَعوا العُروبةَ في رَحى النّعَراتِ

إِنَّ التَّغَرُّبَ في اللسانِ كَبيرةٌ – – – فَإِلامَ نَحْسبُها مِنَ الزّلاتِ

لُغَةُ العُروبَةِ أَصْبَحَتْ مَنْفِيَّةً – – – في أَرْضِها وَالأَرْضُ دارُ شَتاتِ

وَاخْتارَها الرّحْمنُ وَحْياً مُنْزَلاً – – – لِلذّكْرِ يُعْجِزُ أَلْسُناً وَلُغاتِ

فَمَتى يَعودُ القَوْمُ بَعْدَ تَشَرّدٍ – – – لِلدّينِ يُحيي الروحَ في الأَمْواتِ

*        *        *

أَشْكو قَريحَةَ مُبْدِعينَ تَلَوَّثَتْ – – – بِالطّعْنِ في الأَخْلاقِ وَالحُرُماتِ

وَالمبْدِعونَ طَوائِفٌ فَقَليلُهُمْ – – – مَنْ زَيَّنَ الإِبْداعَ بِالحَسَناتِ

وَمِنَ الشّذوذِ شُذوذُ إِبْداعٍ هَوى – – – فَغَدا أَسيرَ الغَيِّ واللَّذاتِ

وَتَراهُ يَسْخَرُ مِنْ تَعَفُّفِ مُبْدِعٍ – – – عَنْ كُلّ مُبْتَدَعٍ مِنَ السَّقَطاتِ

*        *        *

أَشْكو غُثاءً زائِفاً لا يَنْقَضي – – – أَشْكو أَبالِسَةَ المجونِ العاتي

وَبَرامِجَ التّلْفازِ مثْلَ خَناجِرٍ – – – وَمُصَفّقينَ لِغادِرِ الطّعَناتِ

مِثْلَ السّكارى دونَ راحٍ أَجْرَموا – – – بِئْسَ الجَريمَةُ مِنْ صَنيعِ بُغاةِ

وَالنّاسُ بَيْنَ مُصَدّقٍ وَمُكَذّبٍ – – – أَوْ سادِرٍ في اللّهْوِ وَالسَّكَراتِ

*       *        *

يا صاحِ أَمْسِكْ قَدْ نَكْأتَ جِراحَنا – – – داوِ الجِراحَ بِبَلْسَمٍ وَأَناةِ

تَشْكو وَفي آذانِهِمْ وَقْرٌ فَلا – – – يُرجى الجوابُ عَلى أَنينِ شَكاةِ

هُمْ حِفْنةٌ وَأَدوا البَلاغَةَ غيلَةً – – – وَتَراقَصوا في مَأْتَمِ الكَلِماتِ

يا صاحِ إنّ الزّيفَ حَتْماً راحِلٌ – – – وَالفَجْرُ مَهْما طالَ لَيلُكَ آتِ

الضّادُّ نادَتْ تَسْتَغيثُ بِقَومِها – – – وَالقَوْمُ غَطُّوا في عَميقِ سُباتِ

فَاجْعَلْ لِسانَكَ إِنْ أَرَدْتَ إِجابةً – – – كَالمِنْبَرِ الصّدّاحِ بِالدَّعَواتِ

تَدْعو بِهِ جيلاً غَدا قُرْآنُهُ – – – في القَلْبِ مِثْلَ تَرَدّدِ النَّبَضاتِ

وَالنّورَ في فِكْرٍ وَفي أَدَبٍ سَما – – – بِالطُّهْرِ في الإِبْداعِ وَالغاياتِ

وَبِهِ سَنَرْقى بَعْدَ طولِ تَخَلُّفٍ – – – وَنُوَحّدُ الأَهْدافَ وَالخُطُواتِ

نبيل شبيب

كان أول ما نشرت هذه الأبيات في المنتدى الشبكي “واحة الفكر والأدب”، ومن بين عدد من التعقيبات التي نُشرت في الواحة بأقلام عدد من الأدباء والشعراء، أختار للتنويه في مداد القلم تعقيبين كانا شعرا، أولهما بتاريخ ٣٠ / ١١ / ٢٠٠٣م بقلم شاعر كان يطلق على نفسه الاسم الأدبي المستعار: (نسيم الصبا)

يا ناثِرَ العَبَراتِ في الكَلِماتِ – – – يا مُبْحِراً في جُمْلَةِ الرّاياتِ

سَطَّرْتَ في قَلْبي الكَسيرِ مَواجِعاً – – – وَغَرَسْتَها أَلَماً مَعَ الآهاتِ

تشكو التغربَ والفسادُ يلفنا – – – والغدرَ والتخريبَ في الآياتِ

وثقافةُ الأغراب ترفع مجرماً – – – وتُؤَخِّرُ المَأمونَ في الصّلَواتِ

وَإِذا تَحَدَّثَتِ الشَّفاهُ وَجَدْتَها – – – مَمْلوءَةَ التَّشْويهِ وَالهَفَواتِ

هم يزعمون بأنّها لغةٌ غدتْ – – – في يومها في أنسَب اللَّحَظاتِ

وَتَخَطّتِ الأَيّامَ في أَعْمارِها – – – وَتَمَسَّكوا بِدِراسَةِ الآفاتِ

ليسَ ادّعاءً أَنْ نُقيمَ ثَقافَةً – – – غَرْبيةً وَنُعيرَها الرّاياتِ

ونقولُ جهلاً إنّنا في معشرٍ – – – كَرِهَ البيانَ تداخلَ اللهَجاتِ

أم ندفن الآفاقَ في وجداننا – – – ونروغ حباً في دنى الشهواتِ

لم نسلم الإعلال في أوطاننا – – -متمسكينَ بزائف الشطحاتِ

سلمتْ يمينك يا نبيلاً في الرؤى – – – وأنا إلى صدقٍ مع الدعواتِ

أظهرتَ مكنون الفصيح بلاغةً – – – رقراقةً في مشعلِ الكلماتِ

وجزيتَ من ربِ الخلائق حكمةً – – – منثورةً في مكمن النياتِ

*        *        *

التعقيب الثاني شعرا في منتدى “واحة الفكر والأدب” تعقيب أعتز به بقلم الشاعرة د. ندى إدريس، وقد نشر يوم 3 / 12 / 2003م

أبكيتنا بتذكر النكسات – – – وذكرت حقّا واضح القسمات

في كلّ حرفٍ صغته بقصيدةٍ – – – عصماء واستشهدت بالآيات

لله درّك يا مليك قوافي – – – نحو الفضيلة سطرت بعظات

تسعى لرفع الخطب عن أوضاعنا – – – توجيه قلبٍ صارم الكلمات

لإعادة البنيان نحو سمائنا – – – نحو المليك وبعد طول سبات

لنعود نحيا أمة قدسية – – – تدعو لنبذ الذل في النعرات

نبذ النتانة في التباغض بيننا – – – ليفوح عطر الحب في النسمات

استمسكوا بالحبل لا تتفرقوا – – – إن التفرق عامل السقطات

عودوا لربكمُ بكل وسيلةٍ – – – فكر وحرف سارعوا الخطوات

عودوا لرب الكون حيث أرادكم – – – تهدوا الجموع وتدحروا الظلمات

أنتم إمام الخلق في قرآنكم – – – أنتم شهود الناس في العرصات

كنتم يقول إلهنا بكتابه – – – خير البرايا صادقي الدعوات

أمر بمعروف يشاع بسمتكم – – – وترابط في الذود عن حرمات

نهي عن الفحشاء عدة عزكم – – – بين الشعوب فترفعوا الهامات

يا خير من أخرجت من بين الورى- – – عودوا لأم الذكر في الخلوات

عودوا لها في سركم وبجهركم – – – عودوا فعز العبد في الطاعات

عودوا لحبل الله كي تتماسكوا – – – ودعوا التفرق باعث الحسرات

واستفتحوا بالحمد في آيٍ لكم – – – أم الكتاب، وركن كل صلاة

قسمتها بيني وبينك حكمة – – – كيما تعود إليَّ في الشدّات

كيما تعود إلى الصراط وتقتفي – – – ما يستقيم وتترك الطرقات

للحق دربٌ واحدٌ مهما ترى – – – أن الدروب تعددت بحياة

فالزم صراطي المستقيم تجد به – – – عزم الذين وهبتهم نفحات

الصادقين المخلصين لربهم – – – الأنبياء فإنهم صفوات

اقرأ ورتل سوف ترقى يومها – – – أعلى الجنان وأشرف الدرجات

إن الكتاب شريعة وضعت لكم – – – بلسان عربٍ واضح اللفظات

لا فيه لبس حين تقرأ لو ترى – – – سلمت به الآيات من علات

لغة الكتاب لسان آدم والذي – – – سيكون مهديا إلى الروضات

لغة ابن آدم مذ براكم ربكم – – – في جنة سكنت بلا حسنات!

وهي التي لكم اصطفيت لتقرؤوا – – – آي الكتاب لتضمنوا الرجعات

هذا صراطي مستقيم فاتبعوا – – – ودعوا التلفت صوب أي جهات

هذا صراطي فاستقيموا تظفروا – – – ودعوا التخالف واتركوا الشبهات

هذي صلاة قد فرضت لتدركوا – – – أن التضامن غاية السجدات

بالله ينصر دينكم وبلادكم – – – بالله عقبى آخر الجولات

الله وحده من سيرفع راية – – – بتوحد الأهداف في اللهجات

مكانة العربية