واقع الثورات وجيل التغيير

الثورات فتحت بوابة التغيير وأوجبت متابعة الطريق

خواطر – الثورات الشعبية هي الحدث الأعمق بأبعاده ونتائجه على المدى البعيد

108
٤:٤٠ دقيقة

خواطر

موضوع اليوم موضوعنا جميعا، صغارا وكبارا، شبابا ومسنين، فالثورات الشعبية ليست قضية فريق دون فريق، ولا مرحلة دون مرحلة، بل هي الحدث الأعمق بأبعاده ونتائجه على المدى البعيد، وهذا دون إغفال ما يحيط بنا من أحداث ساخنة في أكناف بيت المقدس، وعلى صعيد العلاقات بين بلادنا، وعلى صعيد نتعامل مع أحداث دولية كالحرب في أوكرانيا مثلا.

أنتم الشباب من بيننا تعايشون مثلما نعايش المسار التاريخي الذي انطلق من تونس على أبواب عام ٢٠١١م، وتعلمون كما نعلم أن عجلة التاريخ ما تزال تدور بنا منذ ذلك التاريخ دون توقف، كما تشهد أحداث تونس نفسها وأحداث سورية واليمن وليبيا ومصر والجزائر والسودان وغيرها.

المحور الحاسم في استيعابنا للحدث، أن الثورات ليست هدفا بحد ذاتها، ولكن وسيلة لتحقيق هدف، والهدف هو التغيير.

الانقلابات العسكرية  والتحركات المضادة من وسائل التغيير أيضا، ولكنه تغيير إجرامي في اتجاه استبدادي، فإذا سكتت عنه الشعوب والنخب الشعبية طويلا، تحول إلى مظاهر انتحارية خطيرة في واقعنا، على كل صعيد سياسي واقتصادي واجتماعي ونهضوي وإنساني.

جيل الثورات يكشف بها تضاريس الوجه الدموي التسلطي للاستبداد، وما يعنيه من إجرام على كل صعيد، كما يكشف عن ثغرات ضعفه الكبيرة، فتبدأ عملية التغيير التاريخية، وهي طويلة المدى، لكنها متواصلة في موجات تصنعها أجيال متعاقبة، فالتغيير الكبير لا يُصنع خلال بضعة شهور أو أعوام.

يقول كثيرون إن التحرك الدولي والإقليمي المضاد لتحرر إرادة الشعوب، قد قضى على الثورات الشعبية العربية، ويستغل نشر بعض تلك المقولات ما بلغته معاناة أهلينا، والمطلوب هو الحيلولة دون تتابع دوران عجلة التغيير التاريخي، وهذا مستحيل فهي ماضية ولن تتوقف، وتوقفها يعني ازدياد المعاناة.

نحن في سورية ومصر، في اليمن وليبيا، في تونس والجزائر، في العراق ولبنان، كما في فلسطين منذ انتفاضاتها الشعبية المتجددة، بل في بلادنا الأخرى أيضا مثل باكستان وتركيا، نعايش مرحلة تاريخية انتقالية بين ما صنعته شعلة التطورات الهادئة أو الثورات الساخنة، ولا نزال في حاجة إلى مزيد من الجهود من جانب جيل المستقبل، الذي يعيش داخل حدود الأوطان، وفي الشتات، فعليه يقع واجب متابعة الطريق.

وطريق ذلك هو اكتساب مواصفات يتجاوز بها أجيال ما قبل الثورة، فلا يكرر الأخطاء بل يستخلص الدروس، ولا يقع في نفق الجمود بل يطور الأساليب والوسائل للاستزادة من العلم والوعي والتخطيط، ومن التخصص والتشبيك والتأهيل، مع التواصل لتوحيد الجهود وتكاملها، ومع المبادرة نحو رؤية مستقبلية مشتركة تمتد إلى ما وراء آفاق الأحداث الآنية، وتجمع من يريدون تحرير الإرادة والشعوب والأوطان والقضايا المصيرية، مع التلاقي على كرامة الإنسان فوق كل اعتبار وغاية دنيوية.

التغيير قادم بإذن الله، ومع تباشير التغيير أمامنا ومن حولنا أستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب