ملحمة جنين من جديد
جنين قطعة من تاريخ القضية ومستقبلها
خواطر – طريق التغيير الجذري الشامل وليس طريق الترقيع بعد تجزئة المناهج والسياسات والأرض
خواطر
جنين رمز الصمود والإباء.. صنعها الإصرار على البقاء والنصر رغم ما عايشته وتعايشه حولها من حلقات مسلسل الاستسلام والغدر، والتخطيط للمؤامرات بعد المؤامرات، من قبل نكبة ١٩٤٨ إلى ما بعد نكبة ١٩٦٧م وحتى الآن.
جنين تعلمنا أن من يشتري الكلام ويبيعه لا يصنع الحدث والقرار، إنما يصنع ذلك من يحمل على عاتقه القضية عزما وإقداما ويحمل في قلبه وفكره تصورا وتخطيطا ويحمل على كفه الروح فداء واستبسالا.
أين من كانوا يزعمون أن تواصلهم وتبجحهم بالتواصل مع عدو البلاد والشعوب والأهل والمقدسات، إنما هو لخدمة القضية ولجم العدوان وتخفيف الآلام؟
كيف.. وهم لا يملكون مجرد التوسط لسيارات الإسعاف أن تصل إلى الجرحى قبل استشهادهم والمصابين قبل أن تفيض الأرواح من شدة الآلام؟
كيف.. وهم لا يأبه بهم عدو ولا يكترث بوجودهم من يزعمون أنه صديق أو حليف؟
جنين تعزز اليقين المتجدد بأن الطريق المفروض هو طريق التغيير الجذري الشامل، وليس طريق الترقيع بعد تجزئة المناهج والفكر والسياسات والأرض. لا يفيد شيء مما حمل توصيف مبادرة سلام أو خطوات تعايش وتطبيع، أو التضليل بذكر حقوق مشروعة والقصد ما أصبح منها ممسوخا مختزلا، ككثير سواه من مفردات الخداع والتضليل. التغيير الجذري لأوضاعنا هو وحده الضمان لإنقاذ قضايانا من الخنق في أغلال كامب ديفيد وأوسلو وأشباهها، وما سبقها أو لحق بها.
أفلا ترون يا من لا تملكون سوى كلمات الإدانة إزاء كل حدث كبير كملحمة جنين، ألا ترون من ارتقوا إلى الرشد قبل بلوغ سن الرشد وكيف يثيرون فزع عدو لطالما أثار فزعكم وأثار خشيتكم على أنفسكم ومناصبكم؟
ألا ترون عجزه تجاه الصامدين على رقعة من الأرض لا تكاد تبلغ مساحتها مساحة قصر أو بعض قصر مما يتحصن فيه أصحاب القصور وهم يحولون جيوش بلادنا إلى مواجهة الشعوب لا الأعداء.
جنين تعود من جديد بقضية الحق والباطل، قضية فلسطين إلى مكانتها الحقيقية تاريخيا وواقعا ومستقبلا، قضية عدو يتسلح ويغتصب وإنسان يقاوم بسلاح ودون سلاح، قضية أرض لا يميز أصحابها بين ذرة من ترابها وأخرى، وبين نسمة من هوائها وأخرى، ولا يميزون أيضا بين عدو علني يفجر وعدو مخادع يبيع ما لا يملك من الأرض وأهلها ومقدساتها لمجرد البقاء في عداد الأحياء وما هو من الأحياء حقا.
جنين تقول ببساطة: اصنعوا ما تصنعون ولن يبقى منه أثر يوم التحرير وهو قادم لا محالة، فالحق لا يموت، أما الباطل فيموت ألف مرة ومرة، ومن أهل الباطل من لا يدري أنه في عداد الأموات فعلا.
وأستودعكم الله يا أهلنا في جنين وأهلنا في كل مكان.. ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب