قافية – بيان من الشاشان
مع الهجمة الهمجية الروسية في سورية الثائرة تستعيد ذاكرة القلم هذه الأبيات من عام ١٩٩٩م قبيل الحرب الثانية لقمع ثورة الشاشان
مع الهجمة الهمجية الروسية في سورية الثائرة تستعيد ذاكرة القلم هذه الأبيات من عام ١٩٩٩م قبيل الحرب الثانية لقمع ثورة الشاشان (شاعت تسميتها بالشيشان وهي في المراجع التاريخية العربية "الشاشان" كما يلفظ أهلها اسمها).. وللشاشان تاريخ نغفل عنه، فلا تمتدّ أبصارنا من وراء الأحداث إلى ما عرفته الشاشان وأخواتها عبر التاريخ، وقد غزاها الرومان والإغريق وسواهم، ولم يستقرّ أحد إلاّ على أطرافها ردحا من الزمن فحسب، إلى أن لانت وسائر منطقة القوقاز للمسلمين الذين وطأت أقدامهم ترابها للمرّة الأولى في عهد عمر بن الخَطاب رضي الله عنه، وكان أول من وصل من المسلمين إلى قفقاسيا، وفتح مدينة "باب الأبواب" على ساحل بحر الخزر، سراقة بن عمرو وعبد الرحمن بن ربيعة وحبيب بن سلمة، حوالي عام ٢٢ هـ.. ومن القوقاز انطلق بعد قرون التتار المسلمون فنشروا سلطانهم ما بين شرق سيبيريا إلى موسكو في الوسط حتّى بخارست وبودابست وبلجراد غربا، والتتار أوّل من أقام دولة في موسكو لا تخضع للاقتتال القبلي الذي عرفته على مر القرون من قبل.
– – –
فقرات : درّة التاريخ – أرض شامل – نَخْشى المَنايا – رثاء الجراح – على الدرب – ( تعقيب من الشاعر سمير العمري)
– – –
درّة التاريخ
قُمْ وَادْفَعِ الخَطْبَ عَنْ شـاشـانَ بالخُطَـبِ
فَقَـدْ هَجَـرْنا دُروبَ الحَـرْبِ وَالغَـلَـبِ
وَاعْـزِفْ نَشـيداً تُحَيّـي فيـهِ ثَوْرَتَهــا
أَوْ لَـحْـنَ أغْنِـيَـةٍ في مَرْتَـعِ الطَّـرَبِ
وَاسْـكُـبْ مَلاحِـمَها فـي دَمْـعِ قافِيَـةٍ
فَتِلْـكَ صَـنْـعَـةُ أَهْـلِ الفَــنِّ وَالأَدَبِ
كَأَنَّ مـا بـاتَ رَدْمـا مِـنْ مَسـاجِدِهـا
أَوْ باتَ مِـنْ أَهْـلِهـا لِلنّـارِ كَالحَطَـبِ
مُلُكٌ مُشـاعٌ فَلَـمْ نَـأبَـهْ بِمِحْـنَـتِـهـا
بَـلْ نَحْنُ يا حُرْمَةَ الشَّـاشانِ في وَصَبِ
كَأَنَّـنـا رِمَـمٌ طـالَ الرُّقـادُ بِـهــا
أَوْ أَنَّـنـا مِنْ مَـواتِ الحِسِّ كَالنُّـصُبِ
أَوْ أَنَّنـا غَيْـرُ أحْفـادِ الأُلـى رَفَـعـوا
لِلْحَـقِّ أَلْـوِيَـةً فـي كُـلِّ مُـرْتَـهَـبِ
ما طَأطَـأتْ قَـفَـقـاسُ الهـامَ خاضِعَةً
لأيِّ طـاغِيَـةٍ مِـنْ غـابِـرِ الحِـقَـبِ
وَلَـمْ تهـادِنْ وَلَـمْ تُسْـلِـمْ قِيـادَتَـهـا
يوماً لِغـازٍ.. وَلَـمْ تَرْكَـنْ وَلَـم تَهَبِ
حَتّـى أَتـاهـا هُدى الإِسْـلامِ فَامْتَثَلَـتْ
وَأَصْبَـحَ الدّينُ في القوقـازِ في رَجَـبِ(١)
أَيْـنَ المَغـولُ وَقَـدْ كانَـتْ جَحافِلُهُـمْ
أَمْـواجَ بَحْـرٍ عَميـقِ الغَـوْرِ مُضْطَرِبِ
وَسَـلْ جَحافِـلَ "جِنْكيـزٍ" إِذِ انْطَـلَـقَتْ
تُعيـثُ في الأَرْضِ ألْواناً مِنَ الشَّـجَبِ(٢)
كَيْـفَ اسْـتَكانَتْ لَدى القوقـازِ ثَوْرَتُهـا
كَالطَّـوْدِ لانَتْ لَـهُ الأَمْواجُ كَالحَبَـبِ(٣)
دانَ التَـتــارُ لِديـنِ اللهِ فَارْتَـفَـعـوا
وَكُـلُّ أَعْـداءِ ديـنِ اللهِ فـي رَهَــبِ
وَحَيْثُ سـاروا رَأَيْـتَ المَجْـدَ يَتْبَعُهـُمْ
وَحَيْـثُ حَلُّـوا تَوَلَّـى كُلُّ ذي عَطَـبِ
الصِّـينُ وَالهِـنْـدُ كَالبَلْقـانِ تَعْرِفُهُـمْ
وَمَرْبِـطُ الخَـيْـلِ مِنْ سيبَرْ إلى حَلَبِ
أَضْحى الغُـزاةُ هُـداةً يُسْـتَجـارُ بِهِـمْ
في المَشْـرِقَيْـنِ وَسَـدَّاً غَيْرَ مُنْثَـقِـبِ
صَدُّوا بِـهِ الرُّوسَ.. رَدُّوا مِنْ مطامِعِهِـمْ
ما اسْتَهْدَفَ الأَهْلَ مِنْ تُرْكٍ وَمِنْ عَرَبِ
وَسَلْ قَـديـمـاً مِنَ الثَّاراتِ أَجَّجَـهـا
عُبَّـادُ مِطْـرَقَـةٍ أَوْ حامِـلـو الصُّـلُبِ
وَهُمْ مَناراتُ موسْـكو قَبْـلَ رِدَّتِـهـا
وَكانَ تـاريخُـهـا مِنْ قَبْلُ في قَـتَبِ
كانَت قَبـائِـلَ وَالتَّقْـتيـلُ شِـرْعَتُهُـا
كَالوَحْشِ في الغابِ.. لكـنْ دونَما سَـبَبِ
أضْـحَتْ قَـيـاصِرَةً في شَـرِّ مَنْـزِلةٍ
سـوداً وحُـمْراً وَألْـواناً مِنَ النُّخَبِ(٤)
السِّـلْمُ غَطْرَسَـةٌ في عُـرْفِ "بُطْرُسِهِمْ"ْ
والحَرْبُ مَـجْـزَرَةٌ أوْ بَغْيُ مُغْتَصِـبِ
"لينـيـنُ" مِـنْ بَعْدُ وَ"سْـتالينُ" يَتْبَعُـهُ
وَمِنْ وَرائِهِمـا "بوتـيـنُ" كَالعَـقِـبِ
وَالشَّـرُّ شَـرٌّ فَلَـمْ يُبْـدِلْ طَريقَـتَـهُ
وَالغَـيُّ غَـيٌّ فَلَـمْ يَرْشدْ وَلَمْ يَـثبِ
لا دينَ حَضَّـرَهُمْ.. لا مَجْـد كَرَّمَهُـمْ
لا حَـقَّ يَعْرِفُـهُمْ في أي مُـنْـتـَدَبِ
قَـومٌ عَلى عَتْـبَـةِ التاريخِ ذِكْـرُهُـمُ
بَلْ عَفَّ عَنْ ذِكْرِهِمْ مِنْ شِدَّةِ التَّغَـبِ
وَالفَـضْـلُ للهِ فـي زَرْعٍ وَفي ثَـمَـرٍ
وَما وَجَدْتُ كَأَرْضِ الرّوسِ في الجَدَبْ
قدَ أَقْبَـلَ الهَـدْيُ مِنْ قوقازَ يَطْلُبُـهُـم
وَشرْعَـةُ اللَـهِ أَنْـوارٌ لِمُـكْتَـسِـبِ
أَبَـوْا.. وَارْتَضـى الإسْـلامَ عالَمُـهُـمْ
وَاسْـتَكْبَروا مُـؤْثِرينَ العَيْشَ في نَكَبِ
وَرُبَّ ساعٍ إلى الخَيْـراتِ مُصْـطَبِـراَ
وَجـاهِلٍ رَدَّ مـا يُـهْـدى بِلا تَعَـبِ
فَلا اسْـتَقاموا عَـلى ديـنٍ وَلا خُـلُـقٍ
وَلا اسْـتَجابـوا وَجُلُّ النَّاسِ فـي رَغَبِ
إِلا لَفـيـفـاً مِـنَ الأحْـرارِ في بَـلَـدٍ
يَسودُهُ السّـبْيُ فَالأحْرارُ كالـغُـرُبِ
هوامش
(١)- في رجب = مرهوب الجانب
(٢)- الشَّجَب = الشدّة والعنف والبلاء
(٣)- الحَبَب= فقاعات الهواء من الزبد
(٤)- النُّخَب= جمع نَخْب أو نُخبة: الجبان
أرض شامل
شاشانُ يا ثَورَةً لَمْ تَخْبُ شُـعْلَتُهـا
فَأَرْغَمَـتْ هـائِـجَ الأَنْـواءِ وَالنُّـوَبِ
وَدُرَّةً في جَـبـيـنِ الدَّهْـرِ ناصِـعَـةً
باهـى بِهـا كِبْـرِياءَ العِـزِّ كَالذّهَـبِ
يطْـوي ثَـراكِ مِنَ الأَخْيـارِ تَـذْكِـرَةً
صانَتْ وَصايا مِنَ الفاروقِ لَمْ تُرَبِ
أَنْـتِ الوَصِيَّــةُ وَالتَّـاريـخُ سـائِلُنـا
عَـنِ الوَصِيَّـةِ وَالوديـانِ وَالكُـثُـبِ
وَعَـنْ شَـهيـدٍ يُلاقـي في ثَـراكِ أَخاً
فَعانَقَ الجُرْحُ جُـرْحاً عاطِـرَ السَّـكَبِ
وَعَن جِـهـادِ الصِّحابِ الفاتِحينَ عَلـى
"أَبْـوابِ" قوقازَ وَالطَّاغوتُ في رُعُبِ
كانوا الطَّلائِـعَ مِـن عَهْدِ النُّـبُـوَّةِ لَـمْ
تُشْرِقْ عَلى مِثْلِهِمْ شَـمْسٌ وَلَمْ تَـغـِبِ
أيّامَ كانَ الجِهـادُ الحَـقُّ مَـرْكَـبَـهُـمْ
فَالخَيْـلُ كَالرِّيـحِ وَالأضْلاعُ كَاليَـلَبِ(٥)
سـاروا فَأَمْـلَوْا عَلى التَّاريخِ سُرْعَتَهُـمْ
وَالعَـزْمَ وَالجِـدَّ بَـعْـدَ الهَـزْلِ وَاللَعِبِ
وَكُلُّ أَرْضٍ مِنَ القـوقـازِ مَـلْـحَـمَـةٌ
وَكُلّ شَـعْبٍ مِـنَ القـوقـازِ ذو حَسَـبِ
مُـنْـذُ اسْـتَظَلَّتْ بِدينِ اللهِ فـي شَـمَـمٍ
فَاسْـتَوْطَنَ العِـزُّ مِنْها قَلْـبَ كُلِّ أَبـي
أَحْـفادَ شـامِـلَ إِنْ كانَـتْ مَآثِـرُكُـمْ
لَمْ تُـنـْقِـذِ الرُّوسَ مِنْ كُفْرِ وَلا ثَـلَـبِ
فَلْيَشْـهَدِ القَيْصَـرُ المَغْـرورُ أَنَّ لَـهُـمْ
في أَرْضِ شامِلَ ما شاؤوا مِـنَ التَّـبَـبِ
لا الطَّـائِـراتُ وَلا الغـاراتُ فـاجِـرَةً
تُـنْجي الغُزاةَ غَـداً مِنْ شَـرِّ مُنْقَـلَـبِ
وَلا الشَّـماتَـةُ في غَـرْبٍ يُزَيِّـنُـهـا
بِزُخْـرُفِ القَـوْلِ أَوْ بـادٍ مِنَ الكَــذِبِ
هِـيَ التِّجـارَةُ.. وَالإِنْسـانُ سِـلْعَتُهُـمْ
وَكُـلُّ حَـقٍّ سَـمـاوِيٍّ وَمُـكْـتَسَـبِ
وَالنّصْرُ في يَـدِ رَبِّ العَرْشِ لا يَـدِهِـمْ
فَدَعْ "نِيـويورْكَ" لِلتُّجّـارِ وَاجْـتَـنِـبِ
وَلا يَغُـرَّكَ ما كـادوا وَمـا مَـكَـروا
سَـيُزْهَـقُ الباطِلُ المَغْـرورُ فَارْتَـقِـبِ
وَقُـمْ وَجـاهِدْ.. فَدَرْبُ النَّصْـرِ تَعْرِفُهُ
وَوَعْـدُ رَبِّكَ فَـوْقَ الشَّــكِّ وَالرِّيَـبِ
هوامش
(٥)- اليَلَب= الدّروع التي تصنع من الجلود
نَخْشـى المَنايـا
أَحْرارَ شـاشـانَ إِنْ نَجْـزَعْ فَمَعْـذِرَةً
إِذْ أَقْـبَـلَ الرُّوسُ بِالأحْقادِ كالرُّقُـبِ(٦)
وَيَخْـفُـقُ القَلْبُ إِجٍـلالاً.. فَيَخْنُـقُـهُ
هذا التَّنـائي كَسِـجْنٍ حَوْلَ مُرْتَـقِـبِ
وَنَخْفِـضُ الهـامَ إِكْـبـاراُ.. فَيُثْـقِلُـهُ
عَجْـزٌ تَبَـدَّى بِلا سِـتْـرٍ وَلا حُجُـبِ
وَلِلْحَيـاءِ عَـلـى أَبْصـارِنـا أَثَــرٌ
مِنَ الهَـوانِ وَجَوْرِ الأهْـلِ وَالغُـرُبِ
شـاشـانُ كَـمْ ذا تَغَنَّـيْنـا بِوَحْدَتِنـا
فَكُلُّـنا مِنْ هُـدى الرّحْمـنِ في نَسَـبِ
فَكَيْـفَ يَغْزوكِ شَـرُّ النَّاسِ مِنْ قُبُـلٍ
وَيَنْشُـرونَ خَرابـاً غَيْـرَ مُحْـتَجِـبِ
وَنَحْنُ عَنْـكِ وَعَـنْ أَهْليـكِ في شُـغُلٍ
وَإِنْ تَمادَوْا.. أَطَلْـنا الصَّـبْـرَ في دَأَبِ
نَخْشـى القَذائِـفَ.. تَلْقاهـا أَضالِعُكُـمْ
نَخْشى القَنابِـلَ.. مِلْءَ الجَوِّ في صَـبَبِ
نَخْشـى.. وَنَرْقُبُ عَنْ بُعْـدٍ مَواجِعَكُـمْ
إِذْ ماجَ حَوْلَـكُـمُ الأَجْـنادُ في لَجَـبِ
نَخْشـى المَنايـا.. فَيا شـاشـانُ مَعْذِرَةً
وَاليَـأْسُ يَحْكُمُنـا كَالخَـوْفِ والرّعُـبِ
وَالوَهْـنُ مِنْ حُـبِّ دُنْيـانـا يُخَذّلـُنـا
وَالهُـونُ في فَمِنـا كَالسّـلْسَـلِ العَـذِبِ
وَإِنْ قَعَـدْنـا فَقَـدْ سـارَتْ مَواكِبُـكُـمْ
لِلْحُسْـنَيَيْـنِ.. فَبِئْسَ العَيْـشُ مِـنْ أَرَبِ
هوامش
(٦)- الرُّقُب= جمع رقيب، وهو -أيضا- نوع من الأفاعي السامّة
رثاء الجراح
شـاشـانُ يا أَرْضَ ثَـوراتٍ تُشَـرِّفُنـا
فَقَـدْ وَصَـلْتِ حِبـالَ الدِّيـنِ وَالنَّسَـبِ
وَقَـدْ تَلاقَـتْ عَلى الشَّـكْوى فَواجِعُنـا
وَما جَرى مِنْ دَمِ الأَحْرارِ في الشُّعَبِ
وَلا نَكـادُ نَـرى البَـأْسـاءَ مُـدْبِـرَةً
إِلا وَتُقْبِـلُ أُخْرى في دُجـى السُّـحُبِ
وَكَمْ تَحـارُ مَـآقـيـنـا بِأَدْمُـعِـهـا
بَيْـنَ الرَّزايا.. وَجُـلُّ الأَهْلِ في الكُرَبِ
أَفي الجَزائِرِ.. أَمْ في الصِّينِ نَذْرِفُها؟
في ساحَةِ الحَرْبِ أَمْ في ساحَةِ الحَرَبِ؟(٧)
عَلـى جِـراحٍ.. أَيـاديـنـا تُمَزِّقُها
أَمْ ما تُمَـزِّقُـهُ الأَحْـقـادُ بِالصُّـلُـبِ
وَكَـمْ رَثـاءٍ نَظَـمْنـا في نَوائِـبِـنـا
حَتَّى اسْـتَطَبْنا الرَّثاءَ المُـرَّ في النُّـوَبِ
وكَـمْ تَبَنَّـى أَسـى البَلْـقـانِ مُجْتَهِـدٌ
وَقامَ يَـجْـزِمُ بِالتَسـليـمِ مِـنْ كَثَـبِ
فَأَسْـكَرَتْنـا مَـراثينـا التي جَعَـلَـتْ
بَلْقـانَ أَنْدَلُسـا فـي خَمْـرَةِ الأَدَبِ
وَإِنْ صَـحَوْنا.. جَعَلْنـا اليَأْسَ دَيْدَنَنـا
في مَهْجَـعِ الذُّلِ لا نَقْوى عَلى طَـلَبِ
إِنْ يَزْرَعِ المَوتَ في كِشْـميرَ غاصِبُها
يَحْصِـدْ نُواحـاً فَلَمْ يَأْبَـهْ بِمُنْـتَحِـبِ
أَوْ يَنْـكَأِ الجُرْحَ في الصُّـومالِ مُجْتَرِمٌ
قَدْ ضَمَّـدَتْـهُ قَـوافينـا عَلَى النَّـدَبِ
وفي فِلَسْـطيـنَ لَمْ تَنْضُـبْ قَرائِحُنـا
أَسـىً وَحُزْنـاً عَلى مَوْؤودَةِ العَـرَبِ
نُهْـدي الضَّحـايـا بَيانـاتٍ مُدَبَجَـةً
والغاصِـبيـنَ.. وَلاءَ الـوِدِّ وَالحَدَبِ
فيهـا الشَّهيدُ عَلى إِثْـرِ الشَّـهيدِ.. إِذا
رَوَتْ دِماهَ حِمى الأَقْصـى بِمُخْتَضَبِ
ثارَتْ مَنابِـرُنـا كَالأُسْـدِ زَمْـجَـرَةً
ثارَتْ مَشـاعِرُنـا بِالفَخْرِ وَالغَضَـبِ
نُذْكي الحَماسـةَ نـاراً في قَصائِـدِنـا
وَالأَهْلُ وَالدِّينُ وَالإِنْسـانُ في اللّهَـبِ
وَالنَّثْـرُ كَالشِّـعْرِ لَمْ يَهْزِمْ بَلاغَتَـنـا
فَأَضْرَمَـتْ جَذْوَةَ الأَحْـلامِ كَالشُّـهُبِ
واخَجْـلَتـاهُ مِنَ الأَقْلام.. قَدْ شَـرِبَتْ
مِدادَهــا مِنْ دَمٍ حُـرٍّ.. وَلَـمْ تَتُـبِ
هوامش
(٧)- الحَرَب بفتح الراء = القتل غيلة دون قتال
على الدرب
يا صـاحِ مَعْـذِرَةً إِنْ كُنْـتَ ذا قَـلَـمٍ
وَلاحَ في شَـكْوَتي طَيـْفٌ مِنَ العَتَـبِ
وَما شَـكَوْتُ سِـوى التَّخْذيلِ عَنْ هَدَفٍ
وَما شَـكَوْتُ سِوى التَّدْجيـلِ في الكُتُبِ
مَنْ يَنْشُرِ اليَأْسَ يَفْتَحْ بابَ مَصْـرَعِنـا
وَلَنْ يشـيدَ لَنا صَـرْحاً ذَوُو الرِّيَـبِ
وَخَيْـرُ دَرْبٍ إِلـى إِحْيـاءِ مُنْـدَثِـرٍ
مِنَ العـَزائِـمِ دَرْبُ الصِّدْقِ لا الكَذِبِ
فَأَطْلِـقِ الأَمَلَ المَحْبوسَ وَامْضِ بِنـا
رَغْمَ الشَّـدائِدِ وَالتَّيْئيسِ وَالخَـلَبِ(٨)
وَانْظُـرْ إِلى قَبَسٍ مِنْ نورِ صَحْوَتِنـا
في كُـلِّ قَلْـبٍ دَعا الرَّحْمنَ مُحْتَسِبِ
نـورٌ تَهادى إِلى الآفاقِ يَغْمُـرُهـا
هَدياً وَعِلْمـاً كَما أَعْطاهُ خَيْـرُ نَبـي
ديـنٌ تَسامى فَفيهِ الشَّـرْعُ مُؤْتَـلِـقٌ
وَالعَدْلُ يُنْصِـفُ وَالإِحْسانُ لَمْ يَغِـبِ
مَواكِـبُ الحَـقِّ لِلْعَـلْيـاءِ ماضِيَـةٌ
وّالهَدْيُ مَقْصَدُها فـي العالَـمِ الرَّحِبِ
وَمـا الجِهـادُ إِذا ما رُمْـتَ ذِرْوَتَهُ
إِلا بِنَفـْسٍ وَمـالٍ دونَمـا رَهَــبِ
فَقَـدْ عَلِمْتَ كَمـا القـُرْآنُ عَلَّمَـنـا
لَمْ يُغْـنِ قَوْلٌ عَنِ الأَفْعالِ فَاسْـتَجِـبِ
هوامش
(٨)- الخَلَب= الخداع
نبيل شبيب
تعقيب من الشاعر د. سمير العمري
نشرت الأبيات السابقة في واحة الفكر والأدب ووجدت تعقيبات عديدة، من بينها هذه الأبيات بقلم الشاعر القدير د. سمير العمري بتاريخ ١٨/ ٧/ ٢٠٠٣م
أعزَّكَ اللهُ يا ابنَ السَّادةِ النجبِ
وأجزلَ الأجرَ يومَ الحزبِ والطربِ
أخي نبيلُ لكمْ في القلبِ ذروتُهُ
وأنتَ منهُ كما الأمطارِ للسحبِ
لقدْ أتيتَ على جرحٍ بخاصرةٍ
تُدمي القلوبَ بحزنٍ ثُمَّ بالغضبِ
شاشانُ يا دولةَ الإسلامِ قد وصلتْ
منَ النبيلِ بياناتٌ لكلِّ أبي
قدْ أبرأَ العهدَ إنَّ القولَ معذرةٌ
حتَّى تكونَ يدٌ للزاحفِ اللجِبِ