فلسطين ومسلسل التضليل الغربي
إدانة كلامية مغلظة دون إجراءات عملية رادعة
رأي – يضلل مسؤولو الغرب حتى سكان بلادهم فكيف يصدقهم بعض أهل بلادنا؟
رأي
إن الجرائم الهمجية الجديدة في حُوارة وجنين ونابلس وأخواتها تواكبها صورة بائسة في مسلسل ما يوصف بالتطبيع، عبر التنازل عن الحقوق الأصيلة من جانب من لا يملكون حق التنازل أصلا، تجاه من لا يملكون أي حق يبيح اغتصاب الأرض والفتكَ بأهلها تقتيلا وتشريدا وحصارا وتنكيلا.
وهذه حلقة من حلقات متواصلة تجمع بين جرائم التنازل وجرائم التصعيد، ولتبرير جرائم التنازل والتراجع يتكرر أيضا مشهد الترويج المضلل حول تبدل مزعوم للموقف الغربي، وهذا لا يصدقه إلا من نسي أو تناسى ما كان قبل فترة وجيزة، ناهك عن العقود الماضية، فكم قيل مثلا إن بايدن يمارس سياسة تختلف عن سياسة سلفه ترامب، فهل رأيتم ولو خطوة عملية واحدة، أو إجراء عمليا واحدا، يتجاوز حدود كلام لا يقدم ولا يؤخر؟
على أرض واقع القضية هل زال في عهد بايدن أي شيء من آثار العداء غير المسبوق من جانب ترامب على حساب الضفة الغربية والجولان والقدس؟
أعتقد جازما أن حملات التضليل المتوالية لا تنال كثيرا من معظم الشباب والفتيات في بلادنا، ويشهد على ذلك الوعي الذي تفجر في تحرك جيل الشبيبة في الثورات الشعبية، وكان قد سبقها التضليل المتواصل لعدة عقود.
لم ينقطع العداء ولم ينقطع التضليل، ومن ذلك جريمة وعد بلفور سنة ١٩١٧م فكانت صيغة من صيغ تصعيد العداء الغربي باتجاه فلسطين، بعد دعوات علنية أخرى لتوطين اليهود في فلسطين، وصدرت أولاها عن نابليون بونابرت الفرنسي سنة ١٧٩٩م، وتلاه آخرون قبل بلفور، ورغم ذلك المسلسل خدعت زعماء العرب آنذاك وعود تضليلية من جانب من وضعوا خارطة سايكس بيكو سرا وينفذونها علنا.
إذن ما قيمة ما نعايشه الآن من تصعيد وتيرة الإدانة الكلامية الغربية للتطرف الصهيوني في الإجرام، ما الذي يعنيه، سوى التشجيع لارتكاب المزيد، بإعطاء رسالة تؤكد أن ما يقال يبقى للاستهلاك الداخلي من إدانة غير رادعة، بل تقترن مباشرة بتكرار التعهدات بالحماية الدائمة.
ولكن للأسف.. لا يسهل انتقاد السياسيين ولا حتى الإعلاميين في الغرب ونحن نرصد ممارسات أخطر من جانب السياسيين والإعلاميين في بلادنا، في التعامل مع قضية فلسطين برمّتها ومع الجرائم المرتكبة بحق فلسطين وحقوق العرب والمسلمين جميعا.
في بلادنا.. نرصد درجة متدنية من التشجيع المباشر وغير المباشر على ارتكاب الإجرام الصهيوني، فهذا ما يصنعه الذين لا ينقطعون عن طرح مزيد من مشاريع التطبيع والانبطاح السياسي أثناء إشعال النيران الموجهة إلى صدور الأبرياء وإلى القلب من الأرض المباركة، أرض القضية المصيرية.. التي تنتظر من جيل المستقبل.. تنتظر منكم أنتم -أيها الشباب وأيتها الفتيات- تحقيق ما لم يحققه جيل يوشك على الرحيل، وإن خلّف شيئا فهو الأمل بأن يخرج من أصلابه من لا يفرط في الحقوق ولا يصدق حملات التضليل.
نبيل شبيب