ماذا فعلتم بشعب سورية؟

نشر يوم ٢١ / ٧ / ٢٠٠٠م في مجلة المجتمع الكويتية

رؤية تحليلية – مشاهد من تزوير الانتخابات والاستفتاءات أثناء التسلط الأسدي على سورية

111
حافظ الأسد بشار الأسد

رؤية تحليلية

طوال فترة سابقة كان من أشد ما يؤلم في قضية الأوضاع في سورية الإحساس بضرورة كتمان الشكوى في كثير من الأمور، فكثير من الناس صدق أن الدور الذي تتبناه سورية هو الحفاظ على موقع التصدي لتيار التسليم بالمشاريع الصهيوأمريكية. لهذا أصبح كثير من أهل سورية ممن يشكون الاستبداد والحرمان من الحقوق الأصيلة والحريات الأساسية، ويشكون من استمرار بقاء المساجين في السجون والمشردين في حياة التشريد منذ سنوات وسنوات، ويشكون من تردي الأحوال الاقتصادية والاجتماعية.. أصبح معظم هؤلاء يكتمون شكاواهم، ويتجنبون الحديث العلني الصريح، ليس تحت تأثير ترهيب أو ترغيب فقط، إنما كذلك كما انتشر التوهم بضرورة تقدير الأولويات في مواجهة أخطار خارجية كبرى لا تحيط بسورية فقط، بل تشمل المنطقة بكاملها، إنما يتردد السؤال باستمرار: إلى متى؟ وهل تتحقق الفائدة فعلا؟

ولأن الحديث ذو شجون أستسمح القارئ عذرا إن تضمنت السطور التالية – على غير ما اعتاد القلم – كلاما فيه بعض اللمحات من أحداث شخصية من الماضي، أو مشاهد فيها عنصر شخصي وكثير مما هو شخصي في الأصل بات هما مشتركا بين أبناء البلد الواحد، وإنما هي مشاهد من أحداث وقعت فعلا، والمفروض ألا تقع، والأهم ألا تتكرر في أي عهد قادم في سورية، ولا في سواها من بلاد العالم!

مشهد أول: ناخب بصوتين

المشـهد الأول من عام ١٩٧١م و١٣٩١هـ، عام أول استفتاء على رئاسة الأسد الأول، يحكي واقعة عاشها صاحب هذه السطور بنفسه، وكان في حفل عائلي بعد الزواج في بيته بدمشق، ولكن عزوفه عن المشاركة في التصويت لم يكن بسبب انشغاله بالحفل، وإنما لاقتناعه بأن النتيجة مقررة سلفا، أو كما يقال في المثل العامي السوري أيضا ما معناه: “محتوى الرسالة ظاهر من عنوانها”.

وما إن اقترب موعد إغلاق مراكز الاقتراع حتى قُرع الباب، وظهرت امرأة تحمل في يديها أوراقا، فقالت إن الإقبال على مركز الاقتراع في الحي كان ضعيفا، ولذا يجول بعض المسؤولين عنه على البيوت لجمع الأصوات، وقلت راجيا ألا يكون في اللجوء إلى أسلوب التورية ذنب يحاسَب عليه شاب راغب في التخلص من مكروه:
– كيف بمن سبق وأدلى بصوته في المركز صباحا؟

أجابت بكل بساطة وقد مدت يدها بالاستمارة وبالقلم:

– لا مانع، يمكن أن تعطي صوتك مرة ثانية!

 كظمت غيظي وأمسكت بالاستمارة ووضعت الإشارة بصورة استعراضية من صنع حماسة الشباب عند كلمة (لا) لأكون على ما يبدو أحد الأفراد المعدودين ضمن تلك الكسور العشرية أو المئوية بعد التسعات، التي أصبحت معتادة في سورية منذ ذلك الحين. ولا أكتم أنني – رغم حصولي من قبلُ على تأشيرة الخروج للسفر إلى حيث أقيم مغتربا في ألمانيا – بقيت أتوجس خيفة في نفسي حتى ارتفعت الطائرة في الجو في اليوم التالي.

مشهد ثانٍ: قلق المسؤولين

المشهد الثاني رافق – فيما أذكر – الاستفتاء الثاني أو الثالث من خمسة استفتاءات جرت على رئاسة الأسد الأول خلال ثلاثين سنة، وقبل التصويت بيوم أو يومين، جاءني أحد الزملاء الصحفيين الألمان وفي ضحكته رنة الشماتة، وأطلعني على مقال نشرته صحيفة “فرانكفورتر روند شاو”، بقلم صحفي كان في دمشق في تلك الفترة، فتحدث بإسهاب عن الجهود والاستعدادات الجارية، واختتم مقالته تلك معلقا بأسلوب تهكمي:

أصبح باستطاعة المسؤولين رفع تقاريرهم إلى الرئيس بأن النتيجة مضمونة، ولم يعد يوجد مَن يخشى من وقوع مفاجآت ما.. ولكن يساور بعضَهم القلق من احتمال واحد، ماذا لو أدت الاستعدادات(!) المكثفة إلى أن يسفر فرز الأصوات عن نتيجة تزيد على ١٠٠ في المائة؟

مشهد ثالث: فراريج للمراقبين

لمشهد الثالث الذي أذكره في هذا الموضع، تضمن ذكر المشهديْن السابقيْن لمسؤول “قديم” من حزب البعث، جمعتني وإياه مهمة في مكان واحد لعدة أيام، ورغم بُعْدِ التصورات والتوجهات بيننا بُعْدَ الثريا عن الثرى، سادت مكانَ اللقاء أجواء خاصة ساهمت في رفع حواجز التوجس والتكلف، وأمكن تجاذب أطراف الحديث مع بعض المداعبة. وبدا لي أن طول الزمن وكثيرا مما عايشه بنفسه قد أثار لديه الإحساس بالسأم تجاه أوضاع حزبه، فرويت له ما رويت أعلاه، فسمعتُ منه ما هو أبعد مدى وأشد إثارة، لا سيما أنه صادر من داخل الأوساط الحزبية نفسها (وأضيف بعد مرور زمن على هذا الحديث يسمح بعدم الخشية من إلحاق الضرر به: كان الرجل هو من يقدّم حافظ الأسد عندما يلقي خطابا ما في نطاق حزبي). الشاهد هو ما قال تعليقا على ما رويت له، إنه كان بنفسه أحد المسؤولين في مركز من مراكز التصويت في استفتاء رئاسي، وقبل إغلاق المركز بلحظات دخل القاعة أحد رجال الحزب ومعه عامل يحمل عددا من “الفراريج المشوية “- وهي فراخ الدجاج كما يسميها اللسان الشعبي – فنادى الرجل الحزبي: “يا شباب!” ولبى الجميع النداء أو الأمر الحزبي، ووقفوا يتناولون الطعام داخل القاعة نفسها – وكانت في مقر المجلس النيابي في قلب دمشق – فكانوا يرون بأعينهم كيف حُملت الصناديق التي جلسوا أمامها “حراسا” طوال الساعات الماضية، لتوضع مكانها صناديق أخرى معدة مسبقا لفرز ما فيها من الأصوات!

مشهد رابع: لا خوف من الخطأ

وأكتفي بمشهد رابع وأخير من مسلسل طويل حافل بمثل تلك القصص الساخرة في ظاهرها، المأساوية في مغزاها ومؤداها، وهو مما كان قبل أيام معدودة من كتابة هذه السطور (منتصف ٢٠٠٠م) وما كنت أود أن يكون حلقة في هذا المسلسل، بل خيّل إلي، ولو لفترة وجيزة، أن احتمال الخروج من النفق لم يعد مُستبعدا تماما، ولعلّ هذا ما جعلني أفسّر الخبر القائل إن نتيجة الاستفتاء “الأول” على رئاسة الأسد “الثاني” كانت بين ٩٧ و٩٨ في المائة فقط (!)، فقد رأيت في ذلك إشارة إيجابية ولو كانت واهية باهتة، وخاب هذا الأمل الصغير (أو الوهم) أيضا عندما جاء في تفاصيل الأخبار أن أكثر من اثنين في المائة من الأصوات كان باطلا لاغيا، وأن عدد من قال “لا” لرئاسة الأسد الثاني، لا يزيد على اثنين وعشرين ألفا تقريبا، من أصل تسعة ملايين إنسان بالغ راشد عاقل، يحقّ لهم التصويت آنذاك!

هذه صورة “كاريكاتورية”، لا تقبل التصديق، حتى ولو قيلت عن انتخابات جرت بإشراف حيادي نزيه وبمشاركة مراقبين عرب ودوليين، وبغير ذلك من الشروط والضمانات التقليدية، ولا يوجد في سورية شيء من ذلك، ولكن إذا سلمنا جدلا بصحتها وصحة ما قيل عن ارتفاع نسبة المشاركين في التصويت إلى أكثر من تسعين في المائة، فإن المشاهد التي نقلتها شاشة الفضائية السورية نفسها عن مجرى عملية التصويت تدفع إلى التساؤل دفعا: وهل يجرؤ مَن يدخل مركز الاقتراع على قول “لا” وعشرات العيون – وكذلك عدسة التصوير – موجهة إليه وإلى الاستمارة والقلم بين يديه، إلى أن ينتهي من وضع الإشارة حيث “يجب” أن يضعها؟ ذاك ممّا علقت عليه صحفية تليفزيونية ألمانية بقولها ساخرة: لا خوف من الخطأ في هذا الاستفتاء، فيبدو أنهم ينظرون إليه ليعطوه بطاقة جديدة إذا أخطأ فوضع الإشارة عند كلمة لا“!

ولا أكتم القارئ الكريم أن هذه التعليقات وأمثالها تثير الألم في النفس، فهي لا تنال من فريق دون فريق من عامّة العرب والمسلمين، ولا تقصد المتسلطين من دون الشعوب، بل تعبر عن النظرة التي استقرت عن بلادنا ومجتمعاتنا وشعوبنا، حتى بات العالم بين متهكم وشامت من جهة، وبين فرح مسرور من جهة أخرى، إذ تتيح هذه الأوضاع لكل عدو أن يمضي في استغلال بلادنا وشعوبنا وطاقاتنا، وأن يزيد أسباب بقائنا على هامش الهامش في عالمنا وعصرنا، وأن يرسخ دعائم ما استقر من هيمنة واستبداد دوليين في هذه الحقبة من التاريخ.

*   *   *

شعب سورية

مَن المسؤول عما يُصنع بسورية وشعب سورية؟ (هذا قبل الثورة بعشرة سنوات فماذا يقال من بعد؟)
مَن المسؤول عن جعل البلد وأهله وحكامه على السواء مهزلة مكشوفة على مرأى من الدنيا ومسمع؟

أما كان الأوْلى ولو من باب الإخراج “الأفضل” لعملية نقل السلطة، لو تمهل القائمون عليها ولو بضعة أيام في قضايا من قبيل تعديل الدستور، والترقيات المستعجلة، وتبديل الصور واللافتات وإطلاق المظاهرات؟ لو اكتفوا في الاستفتاء بإعلان نتيجة قريبة من ستين أو سبعين أو ثمانين في المائة مثلا؟

ما الذي يمنع أن تكون الانتخابات أو الاستفتاءات في بلد كسورية، مثل تلك التي جرت قبلها بفترة وجيزة في زيمبابوي، التي حفظت كرسي الرئيس الحاكم منذ عشرين سنة، ولكن بنسبة أقل من الأصوات، أو في المكسيك التي أسقطت الانتخاباتُ فيها الحزب الحاكم منذ سبعين عاما ولم ينته أمره ولا أمر البلد الذي حكمه، أو حتى في الاتحاد الروسي، فرغم سائر النواقص القائمة والأساليب الملتوية، لم يكن فوز الرئيس الجديد بأرقام التسعات، وهذا بعد حكمٍ شيوعي استبدادي استمرّ أكثر من سبعين عاما.

سيان ما هو التفسير، أو التعليل، أو التحليل، لِما يجري في سورية، وسيان أي منظار نستخدمه للتأمل في الأحداث ومغزاها وفي التطورات والإجراءات ومجراها وفي المشاهد المتتابعة بين ليلة وضحاها، فلا يبقى بين أيدينا في نهاية المطاف سوى أحد احتمالين اثنين:  

إما أننا نعايش عملية تزوير هزلي مكشوف، في مطلع عهد يقال إنه يريد أن يكون “تقدميا إصلاحيا منفتحا”، وفي ذلك مصادرة لإرادة الشعب وحرياته وحقوقه بأسلوب معروف موروث، أو أن ما ينقلونه عن سورية ومتابعة المسيرة والتفاف الشعب حول الرئيس الوريث وما إلى ذلك صحيح لا خداع فيه! وهذا لو صح – وما هو بصحيح – فهو أشد خطرا وأبعد مغزى، وهو وضع أسوأ وأشد بعواقبه من التزوير نفسه، فالحاكم الذي يقود “قطيعا” لا يمكن أن يحقق إنجازا كبيرا بحال من الأحوال.

هذا -إن صح وما هو بصحيح- وضع يعني أن العهد السابق على امتداد حياة جيل بكامله، نجح بأساليب استبدادية مرفوضة، وقمعية كريهة، في تحويل الإنسان السوري إلى إمّعة خائف خانع، أو ممالئ مخادع، ولا نستطيع تصديق ذلك بحال من الأحوال! (وهذا ما أثبتته الثورة الشعبية من بعد)

إذا كان الحزب الحاكم لا يريد الإقرار بأنه أقلية متسلطة بغير حق، ويؤكد الزعمَ بوجود مثل تلك “الغالبية العظمى” أو الإجماع النادر من ورائه، فما الذي يخشاه إذن من أن تكون للصوت المعارض حريته، وأي خطر أمني يستدعي ما شهدته سورية من ممارسات وما يسري فيها من قوانين ومواد دستورية لا شبيه لها؟
علام يخشون من انتخابات واستفتاءات حرة نزيهة ومن التعددية ومن استقلال القضاء وفصل السلطات، إذا كانوا صادقين فيما يقولون عن اعتقادهم بأن الشعب، كل الشعب، معهم هم، ويريدهم هم، ولا يعرف لنفسه قادة سواهم هم، سواء أوصلوه إلى المهالك أم إلى الإنجازات والانتصارات؟

إن ادعاء مثل ذلك التأييد الضخم، بمثل تلك النسب العجيبة، ادعاء لا يحتاج إلى نقاش جاد للنظر فيه، ولو صح ما يقولون – وما هو بصحيح – فنحن أمام حالة فريدة في التاريخ، ليس تاريخ سورية فحسب، بل تاريخ العالم، فقد كان يوجد دوما ولو بعض الأصوات التي تكسر جدار المعارضة المكبوتة، ولو بعض التذمر العلني الذي يوجد نغما نشازا في جوقة التهليل والتمجيد، أو يوجد ولو بعض الإشارات في ذلك الاتجاه، فهل يريدون إقناع الدنيا بأن شعب سورية أصبح هكذا، “قطعة واحدة”، “بعثية متجانسة” فقدت التمايز بين عناصرها جميعا، فردا فردا!

ليس هذا الادعاء في مصلحة المتسلط نفسه، لا داخليا ولا خارجيا، ناهيك عن مصلحة سورية شعبا ودولة، أو مصلحة العرب والمسلمين في الحاضر والمستقبل.

بين يدي المستقبل

هذه الصورة الزائفة عن شعب سورية إن صحت فهي أول ما يستوجب التأكيد أنّه ليس بمثل هذا الشعب تتحقّق إنجازات ما على أيّ مستوى من المستويات، بدءا باستعادة أرض مغتصبة منذ عشرات السنين، وانتهاء ببناء اقتصاد منهار. لا يمكن أن ينتج حكم الطوارئ الذي مضى في عام ذلك الاستفتاء على الرئاسة ٣٧ سنة على إعلانه، إنسانا سوريا سويا على المستوى الذي تفرضه المرحلة الخطيرة الراهنة في مختلف المجالات، فمِن هنا بداية الإصلاح لمن يريد الإصلاح.

لا يمكن أن يُصنع دستور قابل للتفصيل والتعديل والتبديل بجرة قلم أو التصفيق في جلسة، والتأنيب لمن ينتقد، إنسانا سوريا سويا يحمل المسؤولية الحقة في الموقع الذي يوجد فيه، أيا كان هذا الموقع، فمن هنا بداية الإصلاح لمن يريد الإصلاح.

لا يمكن أن يساهم في العمل على رفع مستوى المعيشة بتجارة وصناعة وعلم وتقنية مَن يخشى المخابرات في أي لحظة أن تصنع به ما صنعت بأخيه أو قريبه أو جاره، ممن لا يعرف مصيرهم منذ سنوات وسنوات أو ممن نجوا بجلدهم وحرموا من العيش داخل وطنهم، فمن هنا بداية الإصلاح لمن يكون صادق العزم على الإصلاح.

*  *  *

إنّ سورية في وضع إقليمي ودولي بالغ التعقيد والأهمية، ومعرض للمخاطر أكثر من أي مرحلة مضت في تاريخها الحديث، وهذا لا يتطلب سلطة الفرد ولا سلطة الحزب ولا سلطة الجيش ولا أي شكل من أشكال السلطات الاستبدادية والشمولية، إنما يتطلب فيما يتطلب الوحدة الوطنية الحقيقية، كحد أدنى من أجل تلاقي الجميع وليس بضعة أحزاب أو مراكز قوى مختارة، على مواجهة خطر خارجي كبير، مُحْدِق بالجميع، ومن أجل إيجاد أرضية مشتركة، تحقق التعبئة الشاملة، وتنقل جهود أجهزة المخابرات والفرق العسكرية الداخلية، لتوظيفها في مواجهة الخطر، وتحول ما يستهلك في أقنية الفساد، ليضخ في عملية البناء، وتستنفر طاقات الشعب في العمل على طريق النهوض والتقدم، لا التظاهر واصطناع هالات تأييد وتقديس مزيفة.

وإن أبناء سورية على استعداد لتناسي كثير من الآلام والأحزان والتضحيات وألوان الحرمان من أسباب الحياة القويمة ومن متطلبات المعيشة الكريمة بأبسط أشكالها، ولكن ليس من أجل توارث سائر ما سبب ذلك ورسخه، وليس من أجل سد سائر النوافذ أمام احتمالات التغيير باتجاه إعادة الحقوق إلى نصابها، والعدالة إلى مكانتها، والشرعية إلى موقعها، وهذا وحده -لو أقدمتم عليه- ما يمكن أن يميز بين عهد وعهد، وطريق بدأ بمصادرة الحريات وانتهى بها، وآخر ما زالت أمامه فرصة ليحذر على نفسه من أن يتحول الكبت في يوم من الأيام إلى انفجار، يعرض البلاد لأفدح الأخطار الداخلية، وهي معرضة من الأصل لأفدح الأخطار الخارجية.

ولا يصح على سورية القول: فات الأوان أو كاد، فالشعب باقٍ على الدوام، قد يفوت الأوان على النظام، في أي بلد من البلدان وعلى أي مستوى من المستويات، فينتهي أمره نهاية طبيعية أو قسرية، وقد يفوت الأوان على متسلّط فرد بالثورة عليه أو بالموت يصيبه، ولكن لا يفوت الأوان على الشعوب، فهي الباقية، وسيبقى شعب سورية وسوف يقيّض الله تعالى لسورية وشعبها مخرجا، وما ذلك على الله ببعيد، فهو القادر على أن يأتي بأمره من حيث يحتسب الناس ولا يحتسبون، وأن يهيئ لذلك الأسباب من حيث لا ينتظرون، وأن يوظف لتحقيق ما يريد مَن شاء متى شاء وكيفما شاء، إنه القوي العزيز.

وأستودعكم الله ولكم أطيب الإسلام من نبيل شبيب