مصر والتدخلات الفعلية والمحتملة في ليبيا

هل مصر مستهدفة أيضا؟

رأي – التدخلات العسكرية هي حصيلة استراتيجيات مدروسة أو تصبح مغامرات مجهولة النتائج ومقامرات انتحارية

97
عبد الفتاح السيسي وقادة عسكريون

رأي

 إذا وجد في الواقع المعاصر المضطرب ما يصلح لاستخدامه مبررا لدول غربية ما، أن تتحرك على أساس مصالحها ومطامعها ونفوذها في الشمال الإفريقي، هل يمكن حظر مثل هذا التحرك بتبرير مشابه على قوى إقليمية أخرى مثل تركيا ومصر؟

الأمر أمر صراع قوى متعددة على الأرض، وبين أيدينا في قضية ليبيا ما يطرح تساؤلات واقعية ملحة حاليا، وتؤثر على تلك المسارات مع مرور الزمن.

لم يعد مجهولا أن التحرك التركي خلال عام ونيف أوصل مع منتصف عام ٢٠٢٠م إلى أوضاع متغيرة رغم أطراف منافسة ومعادية، وهذه نتائج تسمح بالقول إن التحرك كان برؤية شاملة وبعيدة المدى، وبوسائل ذاتية تشمل استيعاب لعبة صراع النفوذ الدولية وإمكانات الاستفادة منها أو التأثير عليها.

والسؤال المطروح في اللحظة الراهنة في منتصف ٢٠٢٠م: هل يمكن توقع ما يشابه ذلك استراتيجيا وتوظيفا للوسائل، في حال اتخاذ خطوات عسكرية مباشرة وأوسع نطاقا مما كان حتى الآن، وفق ما جاء في مواقف صادرة عن النظام العسكري المسيطر في مصر ومن يتجاوب معه لأسباب مختلفة، بما في ذلك عدد كبير من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية؟  

يكاد هذا الوضع يشابه ما أصاب السعودية في مغامرتها العسكرية في اليمن تحت عنوان تحالف إقليمي بقيادتها، فقد أصبحت وكأنها هي نفسها المستهدفة، ليس عسكريا فقط، بل بما يشمل مكانتها والثروات التي تستخدمها، وهذا بغض النظر عن الأهداف المرفوعة رسميا في البداية تحت عنوان عاصفة الحزم، وما بقي منها أو ما انقلب منها إلى النقيض؟

إن التحرك العسكري من جانب النظام الحالي في مصر في ليبيا أو سواها، يمكن أن يصبح بمساره ونتائجه المرجحة أقرب إلى عملية استهداف لمصر نفسها بما في ذلك ما بقي من قوتها العسكرية التي سبق استهدافها وإضعافها وليس تحييدها فحسب، عبر تنفيذ اتفاقيات كامب ديفيد خلال أكثر من أربعة عقود، فمنذا الذي يستمع النظام الآن إلى مشورته أو توجيهاته لتوريط مصر؟

إن التدخلات العسكرية بغض النظر عن تبريرها بحق وعدل أو الإقدام عليها تهورا وعدوانا، لا تحقق أهدافها ما لم تكن صادرة من قلب استراتيجيات مدروسة وكانت ملتزمة بها إعدادا وتنفيذا، حقا وليس كلاما وتبجحا كما كان أيام التدخل في اليمن سنة ١٩٦٢م، ثم النكبة العسكرية الكبرى سنة ١٩٦٧م، وإلا تتحول التحركات العسكرية إلى مجرد مغامرات مجهولة النتائج في أقل الأحوال سوءا، وربما إلى مقامرات انتحارية خطيرة.

وأستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب