أثر صعود اليمين المتطرف على مسلمي أوروبا

دراسة – نشرت يوم ٢٦ / ٤ / ٢٠١٧م في التقرير الارتيادي السنوي – المركز العربي للدراسات الإنسانية

106
انتشار التطرف اليميني في أوروبا ٢٠١٧م


pdf word

دراسة

النص الكامل للتحميل أعلاه بصيغتي word + pdf

المحتوى:

تمهيد

أولا: التطرف اليميني في أوروبا بين مدّ وجزر

ثانيا: ورقة الوجود الإسلامي في شعبوية اليمين المتطرف

ثالثا: مستقبل تأثير التطرف اليميني على الوجود الإسلامي في أوروبا

خاتمة وتوصيات عامة

هوامش

 

تمهيد

تميز المراجع الأوروبية بين تطرف (Extremismus) يميني باعتباره انحرافا في الرؤى والأفكار، وهنا تُعتبر كلمة “التشدد” العربية هي الأصلح لغويا، وبين تطرف (Radikalismus) يميني ينطوي على ممارسات الإقصاء والازدراء إلى درجة “الاستئصال” تجاه الآخر (١). عموما لم يعد هذا التمييز واضحا في الاستخدامات اليومية، الإعلامية والفكرية والسياسية، وسيستخدم هذا البحث وصف “اليمين المتطرف” باعتباره “ظاهرة” تجمع بين التشدد فكرا ورؤية وسياسة وبين تطرف أطروحات تساهم في رفض “الآخر”.

وجدير بالتنويه وجود “رؤى يسارية متشددة” في أوروبا أيضا ومتطرفة أحيانا، إنما يتخذ تشخيص صعود اليمين المتطرف صفة حقبة انتقالية هائجة “طويلة الأمد”، تعبر عنها كلمة الفيلسوف الشيوعي الإيطالي أنطونيو جرامسشي منذ مطلع القرن الميلادي العشرين “العالم القديم يحتضر، والعالم الجديد لم يولد بعد، وهذا عصر الوحوش العملاقة المرعبة”(٢).

أرضية تاريخية ومعاصرة

لصعود اليمين المتطرف في أوروبا جذور تاريخية وأسباب معاصرة، لا توجد لمعظمها علاقة مباشرة بوجود الإسلام والمسلمين في القارة، بل تُصنع العلاقة عبر تجييش قومي وثقافي بنكهة عنصرية، يضع الوجود الإسلامي في موقع “الآخر” ويستهدفه بأطروحات شعبوية عدائية، تزيد الاحتقان والاستياء لدى فئات أخرى من المجتمع، متضررة بسبب مشكلات معيشية متفاقمة على حسابها، وليس بسبب الوجود الإسلامي في الغرب، فتستثير تلك الأطروحات غضبها تجاه “الآخر”، فتتحول الاتهامات اليمينية لديها إلى “إدانات” دون دليل.

ولا يبرّأ اليمين المتطرف من مسؤوليته الذاتية عن نشر الاحتقان والعداء، إنما لا ينفي ذلك أيضا أنه يجد “تربة” مواتية، ومن ذلك تعدادا دون تفصيل:

١- إرث ثقافي معرفي سلبي تجاه الإسلام والمسلمين.

٢- استمرار غلبة تأثير هذا الإرث في الإعلام والفكر رغم بذور توجهات موضوعية منصفة.

٣- تهاون سياسي نسبي (بدأ يتراجع تدريجيا) مع الطرح المتطرف الذي يهوّن بصورة غير مباشرة من دور المسؤولين عبر سياساتهم على الصعيد المعيشي.

٤- مخاوف تثيرها عمليات إرهابية تحت عناوين إسلامية مضللة، تستهدف المجتمعات الأوروبية.

٥- غياب آليات مشتركة تجمع صناع القرار الفكري والثقافي والسياسي والتربيوي والاجتماعي في الدول الأوروبية وفي تنظيمات إسلامية، من أجل تعامل منسّق وهادف بصدد الوجود الإسلامي ومستقبله، بما يشمل مواجهة أطروحات اليمين المتطرف وممارساته.

لا ينبغي أيضا التهوين من شأن الخطاب اليميني المتطرف بحجة “تهافت شعبويته”، فالعبرة في نتائجه، ومن ذلك الاعتداءات العنصرية على المسلمين أفرادا ومساجد ومراكز ثقافية بنسب تواكب تبدّل نسب تأييد الناخبين لأحزابه، وتزداد المشكلة تعقيدا عندما يعتمد بعض الأحزاب التقليدية سياسات تتبنى بعض أطروحات التطرف، كتشديد الرقابة على المسلمين تحديدا، وتقنين إجراءات الحدّ من حركة الهجرة واللجوء من بلدان إسلامية، وربط ذلك بتعليلات أمنية وأحيانا “ثقافية حضارية”، فحتى في حالة ضرورة بعض الإجراءات لمواجهة ممارسات الإرهاب، يبقى لها أثر إضافي سلبي، يعزز نشر المخاوف.

قصور التفاعل الإسلامي

بالمقابل يلاحظ على تفاعل التنظيمات الإسلامية مع ظاهرة اليمين المتطرف ونتائجها:

١- غلبة ردود الفعل الارتجالية والتقليدية دون رؤية مشتركة وشاملة وبعيدة المدى..

٢- ضعف الالتحام المباشر مع عامة المسلمين من جيل المواليد في أوروبا ومعتنقي الإسلام من أهل البلاد الأصليين..

٣- ضعف التواصل والتفاعل مع أصحاب التأثير من غير المسلمين ممن يتحرك إيجابيا من أجل علاقات أفضل بين المسلمين وسواهم..

٤- تركيز غالبية الأنشطة الإسلامية على:

(١) توعية دينية تقليدية لا تشمل مراعاة كافية لمتطلبات وجود المسلمين في مجتمعات أوروبية، ومعالجة نقاط التماس المعقدة مع الآخر على مختلف الأصعدة، وليس على صعيد “هذا حلال وهذا حرام” فقط..

(٢) ردود أفعال متسرعة بصدد انتقاد أطروحات معادية سواء من اليمين المتطرف أو سواه، وتحت وطأة ضغوط إعلامية بشأن “إدانة الإرهاب والتبرؤ منه”..

(٣) ضعف التنسيق بين تنظيمات المسلمين فضلا عن مظاهر “الفرقة الانتمائية”..

(٤) ندرة التحرك المشترك مع جهات أوروبية من غير المسلمين، بدأت تنشط في توعية إيجابية نسبيا حول الإسلام عموما وحول الوجود الإسلامي في أوروبا تخصيصا.

يبين ما سبق – ويوجد المزيد – ضرورة إجراء دراسات وبحوث متوالية حول ظاهرة التطرف اليميني وتداعياتها ضمن إطار أشمل لدراسة الوجود الإسلامي في الغرب ومستقبله، وذلك لتحقيق أهداف عديدة، من بينها ما يتطلع هذا البحث للإسهام فيه: رؤية موضوعية لظاهرة اليمين المتطرف في أوروبا واستشراف مستقبلها، تشمل خلفيات التأثير المتبادل بين ظاهرة اليمين المتطرف وظاهرة التخوف المرضي من الإسلام والمسلمين، ومن ثَمّ استشراف معالم مبدئية لتطوير تعامل المسلمين في أوروبا مع التطرف اليميني وما يتجاوزه.

(ملاحظة: وضعت هذه الدراسة بعد الانتخابات الفرنسية وقبل الانتخابات الهولندية والألمانية والنمساوية عام ٢٠١٧م، إنما لا تدفع حصيلتها إلى استخلاص نتائج تتجاوز حدود استمرارية الظاهرة لفترة من الزمن فحسب)

أولا: التطرف اليميني في أوروبا بين مدّ وجزر

أعطى مسار الانتخابات في فرنسا خلال عام ٢٠١٧م صورة نموذجية لأبعاد موقع اليمين المتطرف سياسيا وشعبيا في أوروبا على خارطة القوى السياسية، فبعد اتخاذ حجم تأييد اليمين المتطرف خطا بيانيا صاعدا من قبل، انهار عام ٢٠١٧م بشكل واضح، وكانت معالم المدّ والجزر على النحو التالي:

١- صعود التأييد الشعبي أو الشعبوي لليمين المتطرف لبضعة عشر عاما، حتى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية ٢٠١٧م، وكان ذلك مرافقا لإخفاق سياسات الأحزاب التقليدية من قبل.

٢- في فرنسا تجلى هذا الإخفاق في العزوف عن التصويت وفي هبوط نسبة التأييد لأكبر الأحزاب التقليدية إلى الحضيض في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية ثم في الانتخابات النيابية.

٣- نجاح تيار سياسي جديد في الوسط يتميز عن الأحزاب التقليدية وعن اليمين المتطرف.. أي نجاح بديل ظهر في خارطة السياسات الحزبية، فكان سببا مباشرا لتراجع سريع وشديد لتأييد اليمين المتطرف.

الخلاصة:

إن صعود اليمين المتطرف في مرحلة ما، لا يعني ظهور تيار سياسي “يميني متطرف” مستدام، بل يعني تضخم موجة احتجاج شعبية قوية ضد سياسات القوى التقليدية، وسرعان ما تضمحل هذه الموجة عند ظهور بديل منهجي يرجّح نجاحه عبر ممارسة السلطة مستقبلا. لا يصحّ إذن التسرع في استشراف تأثير “موجة الصعود المؤقتة” على الوجود الإسلامي في أوروبا، بل ينبغي أولا استيعاب ظاهرة “اليمين المتطرف” واستشراف مستقبلها عموما، وهو ما يتطلب نظرة منهجية أعمق في البنية الهيكلية للأوضاع السياسية وتوجهاتها، وبالتالي لخلفيات صعود التطرف اليميني وهبوطه.

مقدمات انتشار التطرف اليميني حزبيا

منذ إعادة تكوين البنية الهيكلية السياسية للدولة في أوروبا الغربية، بعد الحرب العالمية الثانية، كان أمام الناخب دوما خياران رئيسيان: يميني محافظ، ويساري اشتراكي، ومع مرور الزمن – لا سيما بعد سقوط المعسكر الشيوعي شرق أوروبا – اضمحلت نقاط الاختلاف بين هذين الاتجاهين من حيث البرامج السياسية وتطبيقها، إذ أصبح اليسار التقليدي تيارا يمينيا رأسماليا بنكهة اجتماعية، وأصبح اليمين التقليدي تيارا يمينيا رأسماليا بنكهة “ليبرالية” متشددة، كما وصلت القواسم المشتركة بين الطرفين وتوجهاتهما تحت عناوين “يمين الوسط ويسار الوسط” إلى درجة تشكيل حكومات ائتلافية بين طرفين يُفترض تناقضهما – كما كان في ألمانيا أكثر من مرة – مع الاعتماد على غالبية عالية في المجالس النيابية، “همّشت” دور الأحزاب الصغيرة المعارضة.

بالمقابل كان معظم ما ظهر من توجهات سياسية جادة ومتميزة خارج نطاق الاتجاهين المهيمنين، يقتصر على تشكيل أحزاب أصغر، كالأحرار (الليبراليين) في البداية، والخضر لاحقا على خلفية تنامي الاهتمام بحماية البيئة، ووجد ذلك تأييدا شعبيا، ولكن لم يتجاوز حدود “قوى صغيرة تكميلية”، فتم استيعابها عمليا، أو استيعاب مطالبها المقبولة شعبيا، في بوتقة المنظومة الثنائية من حيث الأساس، ويسري شبيه ذلك على ظهور تيارات غير حزبية، مثل حركة السلام في الحرب الباردة، وحركات مضادة للعولمة بعد الحرب الباردة، وقد وجدت تجاوبا شعبيا واسع النطاق، ولكن انحسر حجم أنشطتها بعد فترة وجيزة من الزمن نسبيا.

على هذه الخلفية الموجزة في بعض خطوطها العريضة، نشأت الثغرة التي مكّنت من صعود اليمين المتطرف، مع ملاحظة بذور وجوده القائمة في إرث ما قبل الحرب العالمية الثانية، علاوة على الخارطة السياسية الحزبية المذكورة آنفا (٣)، ووصلت مؤشرات صعوده إلى الذروة في سنوات ٢٠١٤ إلى ٢٠١٧م، على خلفية انتخابات نيابية أوروبية تزيد نسبة الاندماج الأوروبي على حساب التفرّد القومي.

قرعت انتخابات أيار / مايو ٢٠١٤م الأوروبية ناقوس الخطر بشأن صعود اليمين المتطرف، وفي مقدمته “الجبهة الوطنية” في فرنسا بنسبة تأييد (٢٥ في المائة من الناخبين، أي ٤ أمثال ما كانت عليه عام ٢٠٠٩م)، ويليها من حيث الأهمية “حزب الأحرار النمساوي” (٢٠ في المائة بزيادة ٨ في المائة)، ثم “حزب الشعب الدانيماركي” (٢٣ في المائة بزيادة ٨ في المائة)، ثم “رابطة الشمال” الإيطالية، و”حزب الحرية” الهولندي (٤). هذا رغم التناقض الكبير في أن الأحزاب اليمينية الأوروبية كانت تركز على رفض مسيرة الاندماج الأوروبي، وقد بذل أهمُّها مساعي حثيثة لتشكيل كتلة سياسية منظمة أوروبيا، وأحصت أسبوعيّة “دي تسايت” الألمانية أهم تلك الأحزاب والمنظمات فذكرت ٣٩ منها في ٢٤ بلدا عام ٢٠١٥م (٥). ومع نهاية عام ٢٠١٦م اعتبرت جهات عديدة نجاح دونالد ترامب في الولايات المتحدة الأمريكية، ونتائج التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بمثابة الوقود لمزيد من الصعود، وهو ما تحدثت عنه مثلا “قناة التلفزة الأولى” الألمانية، وحددت القواسم المشتركة بين أهداف الأحزاب اليمينية المتطرفة في: “رفض الاتحاد الأوروبي، ورفض الإسلام، ورفض المجتمع المنفتح” (٦).

مسؤولية الأحزاب التقليدية

أثار الاهتمامَ صعود اليمين المتطرف بأصوات الناخبين في “انتخابات أوروبية” رغم رفض اليمين المتطرف لمسيرة الاندماج الأوروبي أصلا، والواقع أن كثيرا من أصوات الناخبين لا يعبر عن تأييد اليمين المتطرف وأطروحاته بالضرورة، بل توجد نسبة من الناخبين لا بأس بها تمثل احتجاجا محوره معارضة مزيد من التعقيدات “البيروقراطية” المركزية في صناعة القرار الأوروبي، وتراجع اللامركزية لصناعة القرار وبالتالي اضمحلال الميزات المحلية لأهل كل منطقة إدارية على حد (٧)، هذا.. علاوة على غياب الشفافية الكافية ليطلع عموم المواطنين في الدول الأوروبية على “كواليس” السياسة في الاتحاد الأوروبي، فضلا عن الكشف عن ارتفاع نسبة ممارسات الفساد.

يمكن أخذ هذا العوامل بالاعتبار أيضا على صعيد الانتخابات العامة الوطنية من قبل في عدد من البلدان الأوروبية كالنمسا وسويسرا وهولندا، ولكن في الحالتين – أوروبيا ومحليا – يبقى أن القوة الذاتية لم تكن هي العنصر الأهم في تفسير الصعود اليميني المتطرف، بل ما سبقت الإشارة إليه من معطيات سلبية في مسار المنظومة الحزبية الثنائية بين يمين تقليدي ويسار فقد تميزه بشكل ملحوظ عن اليمين نتيجة غياب ما كان يحققه عبر التأمينات الاجتماعية لتخفيف وطأة الرأسمالية على الفئات الأضعف اقتصاديا وماليا (٨)، فهذا ما ضاعف حجم الهوة الفاصلة بين النخب السياسية وعامة الناخبين من السكان. ومن تلك المعطيات باختصار شديد:

١- الوجه الآخر للرأسمالية:

أي تنامي فوارق المستوى المعيشي بين نسبة سكانية محدودة تشمل فئات شعبية في ذروة الثراء المالي والميزات الضرائبية وامتلاك أسباب القوة المادية المؤثرة على ما سواها، وبين نسبة سكانية عريضة تشمل فئات شعبية متضررة ماديا ولا تملك أسباب القوة المؤثرة على صناعة القرار السياسي والاقتصادي، كالمتقاعدين والعاطلين عن العمل والعمال بأجور زهيدة وغيرهم، وغالبا ما ينتشر توصيف ذلك إجمالا بتعبير “تقلص الطبقة الوسطى”(٩).

٢- العزوف عن السياسة والسياسيين:

تكرار خيبات الأمل كلما تحوّل الناخب الأوروبي من تأييد أحزاب يمينية أو يسارية لم تحقق وعودها إلى أحزاب من الطرف الآخر، إذ لا تتغير الحصيلة النهائية على صعيد الوضع المعيشي العام، وهذا مع افتقاد خيار بديل بين الاتجاهين (١٠)، ومن هنا انتشر “العزوف عن السياسة والانتخابات” عموما، ولكن لم يبدل ذلك جوهر المشكلة، واقترن هذا العزوف بثغرة “التصويت الاحتجاجي”، أي لصالح أحزاب لا يوجد في برامجها ما يصلح لممارسة السلطة، وغالبها من اليمين المتطرف، فكان المقصود الأهمّ من تأييدها الاحتجاج على الأحزاب التقليدية وسياساتها(١١).

٣- مفعول التوجيه المادي لصناعة الرأي العام:

تسارع انخفاض نسبة التأهيل المعرفي والوعي السياسي عند الفئات الشعبية العريضة المتضررة معيشيا (١٢)، وهذا ما سهّل التأثير عليها بالوعود غير المضمونة، والموصوفة بالشعبوية، أي تلك التي لا تكمن وراءها قدرات فعلية أو برامج مدروسة قابلة للتطبيق، وعلى هذا المرتكز ظهرت ثغرة “تأييد أحزاب شعبوية”.

صعود شعبوي واضمحلال مؤكد

يقوم الخطاب اليميني المتطرف على إطلاق وعود مغرية تجاه المحرومين من فئات شعبية متضررة من ازدياد “توحش الليبرالية الجديدة”، وعلى استثارة النزعات القومية والوطنية، أما وصف هذه الوعود بالشعبوية فيرتبط بتحميل سياسات الأحزاب التقليدية “بحق” المسؤولية عن تردي الأوضاع المعيشية، ولكن دون طرح بدائل منهجية.

بتعبير آخر لا يعتمد صعود اليمين المتطرف على قوة ذاتية تحوّل التأييد المؤقت إلى مستدام، ولهذا سرعان ما يضمحل عندما يظهر طرح بديل يعد بتغيير منهجي، حتى وإن كان نجاحه أو إخفاقه في غيب المستقبل، كما كان في الانتخابات الفرنسية عام ٢٠١٧م، إذ جاء انخفاض تأييد اليمين المتطرف مناقضا لانتشار المخاوف في مطلع العام نفسه، عندما شهدت وسائل الإعلام الأوروبية ما يشبه التسابق على نشر التنبؤات بازدياد صعود اليمين المتطرف، لا سيما في البلدان الأوروبية الأربعة التي تشهد انتخابات عامة في ذلك العام، هولندا وفرنسا وألمانيا والنمسا.

لقد انطلقت تلك التنبؤات من:

(١) ازدياد قوة الأحزاب اليمينية المتشددة والمتطرفة وطنيا في بعض البلدان الأوروبية الشرقية، لا سيما المجر وبولندا..

(٢) ارتفاع نسب تأييد تلك الأحزاب في استطلاعات الرأي وفي الانتخابات في بلدان أخرى كالنمسا..

(٣) انعكاسات نجاح ترامب بخطابه الشعبوي في الولايات المتحدة الأمريكية ووصوله إلى منصب الرئاسة.

ما هي الحصيلة؟

(١) انتهت الانتخابات الهولندية بإخفاق حزب الحرية اليميني المتطرف بزعامة خيرت فيلدرز في الحصول على نسبة مئوية تؤهله للمشاركة في ائتلاف حكومي ما، رغم ارتفاع عدد مقاعده في المجلس النيابي الجديد.

(٢) أخفق حزب الجبهة الوطنية بزعامة مارين لوبان في انتخابات الرئاسة وكذلك في الحصول على نسبة مؤثرة في الانتخابات النيابية.

(٣) أما في ألمانيا (ساعة كتابة هذه السطور في حزيران / يونية ٢٠١٧م) فمن قبل الانتخابات الفرنسية المذكورة ثم من بعد إجرائها تشير استطلاعات الرأي إلى أن انتخابات ٢٠١٧م لن تسفر عن تغيير كبير في توزيع المقاعد النيابية، مع استبعاد حصول حزب “البديل” الملحق باليمين المتطرف على نسبة تتجاوز ١٠ في المائة بكثير (أجريت الانتخابات في هذه الأثناء وكان نصيب حزب “البديل” ١٣ في المائة).

الخلاصة:

في عام ٢٠١٦م بلغت المخاوف من صعود التطرف اليميني في أوروبا ذروتها، ثم بدأت بالاضمحلال إلى حد لا بأس به خلال عام ٢٠١٧م، ولا يعني ذلك “زوال الخطر” نهائيا، إنما يؤكد أن هذه الظاهرة مؤقتة وليست مستدامة.

ثانيا: ورقة الوجود الإسلامي في شعبوية اليمين المتطرف

ليس سهلا تفكيك العلاقة بين صعود اليمين المتطرف وبين الوجود الإسلامي في أوروبا، على وقع التركيز الإعلامي على ظاهر الأحداث، لا سيما ارتفاع نسبة الاعتداءات ذات الدوافع العنصرية على المسلمين ومساجدهم في أكثر من بلد أوروبي. ولا ريب في ضرورة التفاعل مع هذا التطور، ولكن مع استيعاب الخلفيات واستشراف الوسائل الأنجع مستقبلا. ومن دون ذلك يسهل سياسيا وإعلاميا طرح القضية وكأنها “صراع بين طرفين خارج نطاق المجتمع” مع تقليص حجم المسؤولية عن أطراف أخرى ما زالت تساهم أيضا في التعامل السلبي مع الإسلام والمسلمين.

إن عداء التطرف اليميني للوجود الإسلامي “وسيلة تجييش” تحولت إلى هدف، وإن استخدامها كان “نتيجة” لمنطلقاته المبدئية، وليست نتيجة لمعطيات موضوعية، بمعنى نقاط تماس ثنائية قائمة على أرض الواقع. (إن صيغ الظهور الحالية للتيارات المتطرفة لا سيما الشعبوية صيغ متباينة عن بعضها بعضا، فكان أساطنة الشعبوية، جان ماري لوبان ويورج حيدر يروجون لعدة عقود لمعاداة السامية ورجعية تاريخية ويتحركون بسرور على حافة التطرف، وأصبحت أحزابهم تسعى الآن لنزع صفة “الشيطنة” عن أنفسهم من خلال تبني أطروحات شعبوية مزعومة، مثل “الإسلام، واللجوء، وانتقاد الاتحاد الأوروبي، والتميز الثقافي، من أجل توسيع نطاق فئات الناخبين خارج إطار المجالات الضيقة للتطرف)(١٣).

لا تقوم أطروحات العداء للإسلام إذن على حجج قابلة للنقاش المنطقي، ولهذا يُفترض أن تراعي أساليب مواجهة التطرف اليميني عناصر أخرى مستمدة من أمرين اثنين، أولهما منطلقات اليمين المتطرف نفسه، والأمر الثاني القواسم المصلحية المشتركة بين المسلمين وسواهم من الفئات السكانية في البلدان الأوروبية.

سلبيات الانزلاق في معركة “ثنائية”

ينطلق التطرف اليميني من رؤية متشددة قومية في الدرجة الأولى وثقافية غربية في الدرجة الثانية، ويعتمد في جلب الأنصار على ما بات يعرف بالخطاب الشعبوي، فيجد التأييد على أطروحات تعميمية ووعود غير مضمونة التنفيذ كما سبقت الإشارة. هذا هو الإطار الذي توضع فيه مقولاته التعميمية حول وجود الإسلام والمسلمين في الغرب، ومن ذلك مثلا أنه يعزو ارتفاع نسبة البطالة إلى ارتفاع عدد المسلمين، دون تعزيز ادعاءاته بأرقام مقنعة، أو مناقشة ما ينفي ذلك من دراسات منهجية وتقارير رسمية.

بتعبير آخر:

اليمين المتطرف “يفتعل معركة” ضد الوجود الإسلامي، لتحقيق أغراض لا علاقة لها بحقيقة وجود الإسلام والمسلمين في الغرب، ويقول الباحث حسام شاكر: (شهد اليمين المتطرف تحويرات منذ مطلع القرن الجديد، فقد انتقل بخطابه من عنصرية تقليدية إلى أخرى انتقائية، فغابت كراهية “الأجانب” عموما لتستفرد بالمسلمين خاصة، عبر توظيف الإسلاموفوبيا، فهو نهج أوقع تأثيرا وأكثر تملّصا من النقد. اكتشف اليمين المتطرف فرصته في شن الحملات المحمومة ضد المسلمين، دون أن يلقى لوما جادا على هذا المنحى الذي يغترف من قوالب نمطية تقليدية وأحكام تعميمية مسبقة) (١٤).

من هنا وجب تأكيد سلبيات انزلاق المسلمين إلى خوض هذه المعركة المفتعلة، لأسباب عديدة، منها:

١- خطورة تحول الوجود الإسلامي نفسه إلى موقع “دفاع عن النفس” في جبهة ضعيفة منفردة قائمة بذاتها، بدلا من تحرك إيجابي لتطوير هذا الوجود المشروع اجتماعيا وتاريخيا، في نطاق التواصل مع فئات شعبية أخرى على قواسم مشتركة.

٢- كل تحرك في هذه المعركة يزيد أوارها “الشعبوي” ويطيل أمدها، دون وجود “أهداف” واضحة قابلة للتحقيق لصالح الوجود الإسلامي، وبالتالي يساهم هذا التحرك دون قصد في خدمة أغراض اليمين المتطرف وإعطائه موقع الصدارة بين الاهتمامات الشعبية والرسمية.

٣- لا جدوى من معركة تدور حول بيان “الحقيقة” بشأن جانب من الجوانب، كتقديم الأدلة بالأرقام مثلا على أن “المسلم” في أوروبا لا يزاحم “غير المسلم” على مكان العمل، فحتى في حالة بيان ذلك، لن تُحسم المعركة بل سينتقل تركيز اليمين المتطرف إلى “اتهام شعبوي” آخر، وهكذا إلى ما لا نهاية.

٤- ليس جوهر مصالح الإسلام والمسلمين في أوروبا مرتبطا بمعركة مع التطرف اليميني، وكل طاقة تضيع في معركة جانبية هي على حساب طاقات ضرورية لتحقيق ثمرات مباشرة على صعيد تطوير إيجابيات الوجود الإسلامي في الغرب عموما، والقواسم المشتركة بين المسلمين وسواهم، دون فقدان تميزهم الذاتي.. وآنذاك يكون الرد على افتراءات اليمين المتطرف جزءا من كل وبمشاركة أوسع نطاقا من فئة المسلمين.

٥- إن تنمية العلاقات الإيجابية مع فئات منصفة ومع الفئات الشعبية المتأثرة أو المستهدفة من جانب التطرف اليميني، من شأنها أن تدعم المسلمين في العمل لقبول الوجود الإسلامي شعبيا وبالتالي في مواجهة مشتركة مع الآخرين، لتفنيد أطروحات اليمين المتطرف على الإسلام والمسلمين.

الخلاصة:

من أهم ما ينبغي التركيز عليه بصدد التطرف اليميني في أوروبا، أن التعامل معه لا يستقيم بمنطلقاته وأهدافه ونتائجه، إلا بقدر ما يكون العنوان الإسلامي لهذا التعامل جزءا عضويا من التعامل معه من جانب المجتمعات الأوروبية نفسها. ولهذا وجب تجنب ارتكاب خطأ ذريع، وعدم الانزلاق إلى ما تريده الأحزاب والتنظيمات المتطرفة يمينيا، وهو فتح معركة ثنائية بين الجانبين، منعزلة عن المجتمعات الأوروبية هجوما ودفاعا.

من الخصائص ذات العلاقة للوجود الإسلامي في أوروبا

إذا كانت الرؤية الأفضل للتعامل مع التطرف اليميني في الغرب تتطلب استيعابا أعمق لمنطلقاته وواقعه صعودا واضمحلالا في إطار المجتمعات الأوروبية، فهي تتطلب أيضا استيعابا أعمق لخصائص الوجود الإسلامي في أوروبا وتناميه كما ونوعا باطّراد (١٥).

من أهم هذه الخصائص:

١- الوجود الإسلامي الأكبر وجود شعبي واجتماعي وثقافي ومهني.. بينما أصبح وجود المؤسسات التنظيمية والرموز المرتبطة بها وجودا محدودا نسبيا..

٢- الصفة الأعم للوجود البشري الإسلامي هي صفة “مواطنين” من أهل البلاد الأصليين ومن المواليد على مدى جيلين أو ثلاثة، ولم يعد يصح استخدام صفة “الوافدين” و”الجاليات” وما شابه ذلك على وجه التعميم بدلا من “فئة المسلمين السكانية”.

وفيما يتعلق بالتعامل مع التطرف اليميني – ومع قضايا أخرى مشابهة تمس الوجود الإسلامي في أوروبا – ينبغي التنويه بعدد من الإشكاليات المرتبطة بعدم مراعاة الخصائص المشار إلى بعضها أعلاه:

١- إذا كان الباحث نفسه خارج “ساحة الحدث” فكثيرا ما ينزلق في متابعة التطرف اليميني وعدوانيته للإسلام والمسلمين، إلى نظرة غير واقعية، مغايرة لنظرة من يبحث أو يتابع ذلك من خلال المعايشة المباشرة داخل الساحة الأوروبية نفسها.

٢- الفارق كبير بين التعامل مع عداء متطرف في حدود معطياته الفعلية في الوقت الحاضر، وبين التعامل معه من خلال نظرة إسلامية شمولية تضعه ضمن نطاق الوعي الذاتي المتوارث بصدد عداء تاريخي للإسلام والمسلمين، في أوروبا أو عالميا.

٣- اختيار وسائل ما من أجل التصدي للأطروحات العدائية من خارج ميادينها المباشرة يمكن أن يمضي بتلك الوسائل بعيدا عن الهدف، لا سيما في حال غياب مراعاة “تبعات” استخدام تلك الوسائل على أصحاب العلاقة المباشرة من المسلمين في أوروبا، ويفترض أنهم أقدر على اختيار وسائل يرجّحون تحقيق الهدف من خلالها، كما يتوجب عليهم هم التعامل مع تبعاتها – السلبية والإيجابية – أيضا.

٤- لا يقتصر ما سبق على إشكالية الجنوح بتلك الوسائل إلى “العنف” – وهو مرفوض جملة وتفصيلا من حيث المبدأ والمصلحة معا – بل يشمل تخصيصا ما يتعلق بالوسائل الأخرى في ميادين الفكر والإعلام والعطاء الأدبي والفني وحتى العلمي والاجتماعي، فهنا أيضا يفترض أن يكون المسلمون في أوروبا هم الأقدر على اختيار الوسائل التي تراعي حقيقة الإمكانات والكفاءات المتوافرة بين أيديهم.

٥- مقابل ذلك توجد إشكالية من واقع الوجود الإسلامي في أوروبا، وهي أن غالبية “النخب الإسلامية” بالمعنى التقليدي للكلمة وبما يشمل الجوانب الدعوية والحركية ويتجاوزها، تتشكل بغالبيتها من “الوافدين الأقدمين” أو ممّن توارثوا رؤاهم وأساليبهم “الوافدة” معهم، ولم تتوافر حتى الآن إمكانات كافية لتتشكل نخب ريادية وقيادية بديلة من قلب الكثرة الكاثرة للمسلمين ممن ولدوا ونشؤوا في البلدان الأوروبية نفسها، وهم الأقرب إلى استيعاب طبيعة المجتمعات حولهم والتعامل معها.

الوسائل المتنوعة لنسيج متعدد الألوان

لا تكتمل الصورة العامة حول الوجود الإسلامي في أوروبا دون مراعاة اختلاف خصائصه بين بلد وآخر، علاوة على تعدد ألوان نسيج المسلمين في كل بلد على حدة، مثلهم في ذلك مثل مختلف الفئات السكانية الأخرى. ينعكس ذلك على التعامل مع مسار أحداث تتعلق بالمسلمين ذهنيا أو واقعيا وأصبحت شبه يومية، مثال ذلك تكرار التساؤل: 

علام تنتشر النظرة التعميمية تجاه المسلمين إعلاميا غالبا وسياسيا أحيانا عندما يتعلق الأمر بعملية إرهابية يرتكبها فريق يرفع عنوانا متطرفا باسم الإسلام، ولا يحدث شبيه ذلك عندما تقع عملية إرهابية من جانب فريق آخر؟

هذا تساؤل يغفل – دون قصد غالبا – معطيات موضوعية، منها مثلا أن الرأي العام – وغالبيته من غير المسلمين – لا يحتاج إلى شرح كبير بصدد “شذوذ” من يرتكب الإرهاب من غير المسلمين عن المنظومة القيمية السائدة وعن العلاقات الاجتماعية القائمة، ولكنه يحتاج – بحكم تكوينه المعرفي – إلى شرح مستفيض عندما يرتبط الأمر بعنوان “إسلامي” إذ يفتقد الإرث المعرفي التاريخي والمعاصر حول حقيقة شذوذ “الممارسات الإرهابية” بموازين المنظومة القيمية الإسلامية.

هنا تكمن أيضا ثغرة قائمة في العمل الإسلامي التقليدي، فنشأته التاريخية في العقود الماضية التي غلبت فيها صفات “الجاليات” و”الوافدين” و”العمال والطلبة الأجانب” وما شابه ذلك، فبقي التركيز على “مفردات لغوية وأساليب وافدة” وبقي منظور “وطني غير أوروبي” سائدا، مما ساهم سابقا في نشأة “عزلة” عن المجتمع بمجموع فئاته، ولاحقا في نشأة عزلة متنامية عن نسبة كبيرة من “المسلمين المواطنين”.

المسلمون في أوروبا – وإن اختلفت معتقداتهم وعباداتهم وسلوكهم الاجتماعي عن بقية فئات المجتمع – توجد بينهم وبين الآخرين “قواسم مشتركة”، ترتبط إيجابياتها بشرط أن يكون الاختلاف اختلافَ “تعدديةٍ مقبولة” على أساس احترام متبادل وتعايش نزيه، وليس اختلاف مواجهة وصدام وإقصاء، وهذا وضع يتطلب “نوعيات أخرى” من الأنشطة الإسلامية، لا سيما ما يعتمد منها على “قواسم مشتركة” مع عموم السكان، والبحث فيما يمكن أن يبنى عليها دون التخلي عن الرؤى الذاتية.

هذا ما يسري على العلاقات العامة بالمجتمعات الأوروبية، ويسري على معظم “تفاصيلها” من قبيل ما يمكن وصفه بجزئية التعامل مع تطرف يميني.

وتوجد صيغ مبتكرة لأنشطة إسلامية بدأت بالانتشار فعلا عن طريق فئات ناشطة من جيل الشبيبة من المسلمين الأكثر احتكاكا بغير المسلمين من الشبيبة أيضا (١٦)، ويمكن أن تحقق مع الزمن تطورات إيجابية اعتمادا على النشأة المشتركة في المدارس وفي أنشطة اجتماعية وثقافية يتنامى وجودها وتأثيرها تدريجيا.

يسري شبيه ذلك، أو ما يقابله، على الجهات الرسمية أيضا فيما يتعلق بالاحتياجات المعيشية المشروعة للمسلمين، باعتبارهم “مواطنين” كسواهم، فإلى وقت قريب كان الأعم الأغلب هو السعي للحرص على “ذوبانهم” شرطا للاعتماد عليهم في أماكن العمل، لا سيما التوجيهية كالتدريس، وحتى في قطاعات مهنية مؤثرة كالعلاج الطبي، ولم يعد ذلك ممكنا تحت ضغوط المتغيرات في الهرم السكاني، ولكن تأثير روح “الإقصاء” من عقود ماضية ما زال من مصادر التوتر حتى الآن، وهذا مما تستغله أطروحات اليمين المتطرف وشعاراته.

قد يمضي فريق من المسلمين فعلا إلى درجة “الذوبان” في المجتمع الغربي وقيمه، بدلا من الاندماج المتوازن، فيصل بعضهم آنذاك إلى مواقع متقدمة، بما في ذلك مواقع أدبية مؤثرة ومواقع قيادية حزبية وسياسية، ولكن لا يعتبر ارتفاع نسبة هؤلاء مؤشرا معبرا عن “قبول عام” للوجود الإسلامي بالضرورة.

بالمقابل: يمكن رصد ارتفاع مطرد لنسبة أصحاب الكفاءات الإسلامية، العلمية والمهنية وغيرها، في مواقع جامعية وقطاعات إنتاجية وخدمية، يمكن أن يكون تأثيرها أعمق وأدوم على المدى المتوسط والبعيد.

ثالثا: مستقبل تأثير التطرف اليميني على الوجود الإسلامي في أوروبا

ورد في الفقرات السابقة العديد من الإشارات التي تسمح باستشراف مستقبل التطرف اليميني ومستقبل الوجود الإسلامي في أوروبا تخصيصا، والغرب عموما، وتسمح بالتالي باستشراف مستقبل تأثير المواقف والممارسات العدائية المتطرفة تجاه الإسلام والمسلمين وحصيلتها، مع ملاحظة أن الاستشراف – وإن اعتمد على معطيات موضوعية – يبقى أقرب إلى التكهنات القابلة للتعديل من خلال متابعة التطورات الفعلية على الأرض، بما في ذلك ما يدخل في خانة عوامل جديدة مفاجئة.

مستقبل التطرف اليميني في الغرب

ما يقال عن المصالح المادية وموقعها المحوري في الغرب وفي إطار منظومته القيمية وبالتالي في التأثير المباشر على صياغة السياسات والعلاقات داخل المجتمعات الغربية ودوليا، يمكن أن يقال أيضا عن “المصالح المعيشية اليومية” في تكوين المواقف الفردية إزاء الأطروحات والممارسات من جانب صناع القرار على مختلف المستويات، ابتداء بالفكرية انتهاء بالسياسية.

الأطروحات الشعبوية بعيدة عن هذه المصالح موضوعيا ولكن تستخدمها كشعارات، فتحقق “تجييشا عاطفيا” ينعكس في “تأييد وقتي”، ثم يضمحل عند ظهور أطروحات أقرب إلى تحقيق تلك المصالح موضوعيا.

هذه معادلة تمثل “أزمة وجود” بالنسبة إلى اليمين المتطرف وأطروحاته، وسيان ما نوعية ما تستند إليه من عواطف قومية أو عقدية أو فكرية (١٧).

التطرف اليميني طوّر أطروحاته من حيث العناوين تبعا لتبدل الاهتمامات الشعبية في مرحلة ازدياد الضغوط المعيشية في العقود الماضية، إنما لم يطوّر جوهر تلك الأطروحات بمعنى تحويلها من شعارات ووعود مغرية إلى برامج قابلة للتطبيق. من الشواهد على ذلك وصول ترامب شعبويا إلى السلطة، إذ سرعان ما اندلعت معركة نفوذ بين “مؤسسات الدولة” تنذر بقابلية خسارته إياها قبل انتهاء فترة رئاسته الأولى.

في أوروبا أيضا، وصلت أحزاب وحركات يمينية متطرفة شعبوية إلى السلطة، كليا أو جزئيا، كما في المجر وبولندا والنمسا، فبدأ ذلك بالتحوّل إلى معارك نفوذ خاسرة، إما على المستوى الأوروبي أو داخليا.

كذلك ارتفاع التأييد الشعبي أو الشعبوي لتيارات يمينية متطرفة في بلدان أخرى مثل ألمانيا وفرنسا، كان في مرحلة شهدت مشكلات معيشية ناجمة عن ارتفاع تيار اللاجئين والمشردين نحو أوروبا، وارتفاع وتيرة التخوف من الإسلام بتأثير عمليات إرهابية تنتحل عنوانه، ولكن اضمحلّ هذا التأييد تدريجيا مع اضمحلال مفعول التخويف الشعبوي من “أخطار معيشية” بعد ظهور نتائج إيجابية أولى لاستيعاب الموجة الكبرى للجوء في ألمانيا مع رؤية تحقق منافع اقتصادية لعموم السكان، وكذلك مع بوادر انتشار الاقتناع بأن مواجهة الأخطار الإرهابية لا تتحقق عن طريق العداء للإسلام والمسلمين بل بالتركيز على مخططات الاندماج دون ذوبان خصوصياتهم العقدية (١٨).

الخلاصة:

لن تنقطع موجات صعود اليمين المتطرف في أوروبا وهبوطه، ولكن لن تصل في البلدان الرئيسية الأوروبية، حيث يعتبر الوضع الاقتصادي مستقرا أو جيدا، إلى مستوى صناعة القرار السياسي وغير السياسي، سواء بالنسبة إلى التعامل مع الوجود الإسلامي في البلدان الأوروبية أو سوى ذلك مما يهم غالبية السكان.

مستقبل الوجود الإسلامي في الغرب

لا تستقيم النظرة الاستشرافية لمستقبل وجود الإسلام والمسلمين في الغرب إذا تركز استنباط العوامل الإيجابية والسلبية بصددها على “لحظة آنية” من مساره التاريخي، إنما يمكن استنباط “الاتجاه العام” لتطور هذا الوجود من خلال المقارنة بين “لحظتين زمنيتين” متباعدتين نسبيا، أي من خلال طرح السؤال:

أين وصل وجود المسلمين في الدول الغربية الآن بالمقارنة مع ما كان عليه قبل جيل أو جيلين؟ وبالتالي:

ما مدى قابلية أن يكون عليه بعد جيل أو جيلين؟

على المستوى العددي كان النمو متواصلا، في البداية بدفعات الوافدين لأسباب مختلفة، ولاحقا بدفعات المواليد واعتناق الإسلام بصورة مضاعفة ومطّردة.

وعلى المستوى النوعي كان التطور مشهودا، في البداية بغلبة نسبة العمال والمقيمين لفترات مؤقتة، ولاحقا بدفعات متزايدة من المستقرين من ذوي الكفاءات والتخصصات والتأثير المادي والاجتماعي.

لا يوجد مؤشرات تنذر بانكسار الخط البياني لهذا التطور كما ونوعا في المستقبل المنظور، وتوجد مؤشرات ترقى إلى مستوى دراسات مستقبلية، بشأن استمراره وربما ازدياد تصاعده.

لا يعني ما سبق الاكتفاء بانتظار سلبي لمرور فترة زمنية لمدة جيل أو جيلين إلى أن تظهر نتائج “إيجابية” من تلقاء ذاتها، إنما يمكن التنويه إلى عدد من المعطيات التي ترجّح أن يكون إيجابيا بدلا من أن يميل إلى “السلبية”، منها ما سبقت الإشارة إليه (الهامش رقم ١٨) مثل الاستفادة من فرص مناسبة لتبديد مفعول التخوف من الإسلام والمسلمين، كالاعتداء الإرهابي على مصلين قرب المسجد الكبير في لندن، أو نشر “مستشرق” له مكانته في ألمانيا أكثر من كتاب أقرب إلى الإنصاف حول الوجود الإسلامي في الغرب.

ويضاف إلى ذلك:

١- سبق التأكيد أن أطروحات اليمين المتطرف ليست وليدة إشكالية مباشرة مع الإسلام والمسلمين بل هي نتيجة حرصه على التجييش.

بالمقابل: الأجدى هو التعامل مع هذه الأطروحات باعتبارها “جزءا من كلّ” يصيب بالضرر مختلف فئات المجتمع وليس المسلمين تحديدا، وينبغي بالتالي تعزيز القواسم المشتركة بين المتضررين من مختلف الفئات السكانية.

٢- في مقدمة أهداف اليمين المتطرف إعادة الحياة للرؤى القومية الأوروبية، وهذا ما يتعارض مع مسيرة الاندماج الأوروبية.

بالمقابل: ليس من مصلحة المسلمين في أوروبا الاقتصار على طرح منطلق “إسلامي” محض، والانزلاق إلى “الاستقطاب” مع اليمين المتطرف المتعصب، بدلا من رؤية تناسب التصورات “التعددية الثقافية والاجتماعية والسياسية” الأوسع انتشارا.

٣- على افتراض اكتساب اليمين المتطرف مزيدا من تأييد الناخبين ليصل إلى مواقع صناعة القرار – وهذا مستبعد – فستكون النتائج “كارثية” على أي صيغة معبرة عن الوجود الإسلامي ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.

بالمقابل: ينبغي الإسهام إسلاميا في إيجاد صيغ وقائية مشتركة في المجتمعات الأوروبية، تقطع الطريق على محاولة اليمين المتطرف تصوير نفسه بأنه يدافع عنها من خطر إسلامي مزعوم، وتزداد أهمية العمل من أجل ذلك على خلفية أن قبول الوجود الإسلامي في الغرب ما زال متأرجحا، ولكن لأسباب عديدة لا علاقة لها باليمين المتطرف، وينبغي التركيز على هذه الأسباب.

خاتمة وتوصيات عامة

مآلات محتملة

يرتبط التنبؤ بمآلات تأثير اليمين المتطرف على الوجود الإسلامي في أوروبا بعوامل عديدة، بعضها يمكن التأثير عليه وبعضها خارج دائرة التأثير المباشر من جانب المسلمين.

مستقبل هذا التأثير مرتبط على سبيل المثال باحتمالات تشمل المسلمين ولكن لا ترتبط بهم مباشرة، مثل استمرار انتشار هوة الثراء والفقر وما ينجم عنها في المجتمعات الأوروبية، ومرتبط أيضا باحتمالات أخرى ذات علاقة مباشرة بالمسلمين، مثل افتقاد الرؤية الشاملة الوارد ذكرها آنفا حول تعامل المسلمين معه عبر صيغ عمل وأنشطة إيجابية بمشاركة فئات شعبية أخرى.

المرجح لدى كاتب هذه السطور انطلاقا مما ينطبق على هذين المثالين، ومن خلفية واقع المجتمعات الأوروبية الراهن وواقع الوجود الإسلامي فيها:

١- لن يكون التحول عن سياسات “الليبرالية المتشددة” سريعا، والتي أوجدت للشعبوية اليمينية ثغرة تنفذ منها، إنما لن تستطيع الأحزاب التقليدية تجنب ذلك التحول على المدى المتوسط، ويبقى السؤال مفتوحا هل تنجح التجربة الفرنسية لتصبح نموذجا يساهم في تحول أوروبي مشابه، أم تسبق ذلك اضطرابات اجتماعية لا يسهل التنبؤ الآن بمآلاتها عموما.

٢- يرجح أن تتبدل صيغ عمل المسلمين نحو ما يوجده جيل الشبيبة من أشكال مبتكرة، أكثر اندماجا في المجتمعات الأوروبية، وأكثر تأثيرا لمصلحة الوجود الإسلامي المستقبلي فيها، إنما لا يمكن التنبؤ مسبقا بسرعة هذا التحول، فهو جزء من “العلاقة بين جيلين من المسلمين” ومن شروطه امتلاك أسباب النجاح من حيث المعرفة الشاملة للإسلام ومعطيات العصر، ومن حيث الكفاءات الشاملة للإدارة والتشبيك والتنظيم.

توصيات عامة

العلاقة بين مستقبل اليمين المتطرف والوجود الإسلامي في أوروبا علاقة “سيولية” تتبع لمجرى تطورات قابلة للتقلب، فلا يصلح معها أسلوب التوصيات التفصيلية والمباشرة ذات العلاقة باللحظة الآنية، فسرعان ما يسبقها الزمن، إنما المطلوب توصيات ضمن إطار عام، يدعم التطور الإيجابي للوجود الإسلامي ويساهم في تعزيز قدرة المسلمين على التعامل الهادف مع الوضع الآني جنبا إلى جنب مع رصد تطوراته واستيعابها وتطوير التعامل معها.

في هذا الإطار يؤكد كاتب هذه السطور ضرورة بذل جهود مدروسة ومتواصلة من أجل:

١- زيادة الكفاءات الشبابية المتخصصة، مع العمل لرفع مستوى تأهيلها عقديا ومعرفيا.

٢- مواجهة مظاهر التشدد والتطرف في أوساط المسلمين انطلاقا من الرؤية الذاتية للإسلام كما أنزله الله، وتجنب ردود الفعل على مطالب “الطرف الآخر”.

٣- تعزيز متابعة المعارف الفكرية والثقافية السائدة في الغرب ومفاصل التأثير الإيجابي فيها دون تحويل وسائل التواصل والتلاقي والحوار إلى وسائل تباعد وتراشق وازدراء الآخر.

٤- تحصين القيم الاجتماعية ذات العلاقة بتكوين الأسرة المسلمة دون تشنّج وتشدد على حساب اعتدال هذه القيم ووسطيتها. 

٥- دعم كفاءات إدارية وريادية نحو تكوين “نخب” شبابية على قدر كاف من المعرفة الإسلامية وما تقتضيه في التعامل مع العالم المعاصر.

٦- اعتماد “التشبيك” القائم على التخصص والتكامل وتقنيات الإدارة والتأهيل الحديثة، بديلا عن أسلوب “التنظيمات” التقليدية المحكمة.   

٧- فتح أبواب التشبيك والتعاون عبر التعددية المجتمعية الأوروبية، ودعم أنشطة القواسم المشتركة بما فيها ما يتعلق بالتطرف اليميني، مع تعزيز الهوية الذاتية في هذه التعددية.

والله ولي التوفيق وأستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب

 

هوامش

التمهيد

(١) من دراسات التوعية السياسية بصدد التطرف اليميني: الباحثة “جابريلي نادلينجر”، “متى يتكلم المرء عن تشدد يميني، وتطرف يميني، ونازية جديدة؟”، إصدار “المركز الاتحادي للتوعية السياسية” يوم ٢٥/ ٧/ ٢٠٠٨م، بون – ألمانيا

http://www.bpb.de/politik/extremismus/rechtsextremismus/41312/was-ist-rechtsextrem?p=all

(٢) “توم شتروشنايدر”، “أوروبا الجديدة”، في الجريدة اليومية اليسارية الألمانية “نويس دويتشلاند”، يوم ١٠/ ٦/ ٢٠١٧م.

https://www.neues-deutschland.de/artikel/1053709.das-neue-europa.html

 

 

فقرة التطرف اليميني

(٣) تؤكد عواملَ صعود اليمين المتطرف المذكورة أول دراسة توثيقية جامعة حول انتشار الأحزاب والمنظمات والتشكيلات اليمينية المتشددة والمتطرفة في أوروبا، بعنوان “اليمينيون المتطرفون في أوروبا” للكاتبين “مارتن لانجيبوخ وآندرياس سبايت” الطبعة الأولى: ٤ / ٢٠١٣م، عن دار نشر “أورل فوسلي” في زيوريخ/ سويسرا.

(٤) المزيد من التفاصيل حول فترة الصعود اليميني المتطرف مع الانتخابات الأوروبية في دراسة بقلم “توبياس بيتر”، تحرير “جان فيليب آلبريخت”، بعنوان “ما بعد اليمين في أوروبا – اليمين المتطرف في المجلس النيابي الأوروبي بعد انتخابات ٢٠١٤”، نشرت في شباط / فبراير ٢٠١٥م، وصدرت عن “اتحاد الخضر والأحرار في المجلس النيابي الأوروبي”. الدراسة متوفرة في الشبكة ككتيب إلكتروني:

https://www.janalbrecht.eu/fileadmin/material/Dokumente/20150430-JPA-RECHTSaussen-05-web.pdf

(٥) دراسة بعنوان “التطرف في أوروبا” بقلم “روبرت راوش” في جريدة “دي تسايت” الأسبوعية، يوم ٤ / ٢ / ٢٠١٥م:

http://www.zeit.de/feature/populismus-extremismus-europa

(٦) “آريانه رايمرس”، تقرير “الأحزاب اليمينية الشعبوية في أوروبا” في القناة الأولى للتلفزة الألمانية، ٤ / ١٢ / ٢٠١٦م:

https://www.tagesschau.de/inland/rechtspopulistische-parteien-europa-101.html

(٧) نتائج الانتخابات الأوروبية ٢٠١٤م وموقع الأحزاب اليمينية المتطرفة فيها، في دراسة تحليلية بقلم “دانييلا كيتس ونيقولاي فون أوندارزا” بعنوان “خارطة توزع القوى في المجلس النيابي الأوروبي” إصدار “مؤسسة العلوم والسياسة” التابعة للمعهد الألماني للسياسات الدولية والأمنية” في برلين، بتاريخ ٧/ ٢٠١٤م، والدراسة متوفرة في الشبكة ككتيب إلكتروني:

https://www.swp-berlin.org/fileadmin/contents/products/aktuell/2014A47_ktz_orz.pdf

(٨) مثال نموذجي على تحول الأحزاب اليسارية نحو اليمين حكومة “جيرهادرد شرودر” في ألمانيا (١٩٩٨-٢٠٠٥م) وكان من أبرز إنجازاتها برنامج “اقتصادي اجتماعي” يحمل بصمات اليمين السياسي أكثر من حزب الديمقراطيين الاشتراكيين الحاكم آنذاك، ومثال آخر فترة رئاسة فرانسوا أولاند في فرنسا (٢٠١٢-٢٠١٧م)، وقد عجز عن تنفيذ معظم وعوده الانتخابية وفق رؤى حزبه الاشتراكي.

(٩) يشير إلى هوة الثراء والفقر في الدول الأوروبية تقرير من ٩ / ٩ / ٢٠١٥م (أي في فترة ذروة الصعود اليميني المتطرف) نشرته منظمة أوكسفام، ومنه أن ١٠ في المائة من السكان يمتلك زهاء ٦٩ في المائة من الثروات، وأن ٤٠ في المائة من السكان يمتلك ١ في المائة فقط.

https://www.oxfam.de/blog/europa-alle-ungleichheit-armut-kehren-europa-zurueck

(١٠) الشواهد كثيرة على العزوف السياسي وبالتالي عن التصويت في “انتخابات ديمقراطية”، ومنها أثناء إعداد هذا البحث هبوط نسبة المشاركين في الجولة الثانية للانتخابات النيابية الفرنسية إلى حد أدنى قياسي، حوالي ٤٣ في المائة.

(١١) لا ينقطع الحديث عن خلفيات “العزوف السياسي” في أوروبا عبر الدراسات ووسائل الإعلام منذ سنوات عديدة:

مثال: “كلاوس كريستوف”، دراسة “العزوف عن السياسة”، إصدار “المركز الاتحادي للتوعية السياسية”، ٦ / ١ / ٢٠١٢م

مثال: “توماس لايف”، تحليل “ما هي أسباب ضعف شعبية السياسيين الألمان”، أسبوعية “دي تسايت”، ٣١ / ١٢ / ٢٠١٦م

(١٢) ظاهرة ارتباط الفقر بضعف المعرفة والوعي ظاهرة قديمة تتفاقم مع ازدياد هوة الفقر، ومن ذلك تفاقمها قبيل صعود اليمين المتطرف، أي في مطلع القرن الميلادي الحادي والعشرين، التفاصيل في دراسة بعنوان “فقر المعرفة – الآثار والأسباب والعلاج” ٢٩ / ٦ / ٢٠٠٧م، إعداد ثلاثة باحثين في “المركز الاتحادي للتوعية السياسية”

http://www.bpb.de/apuz/30383/bildungsarmut-auswirkungen-ursachen-massnahmen

فقرة ورقة الوجود الإسلامي:

(١٣) مصدر سابق، انظر الهامش رقم ٤

(١٤) حسام شاكر في شبكة الجزيرة، يوم ٢٤ / ٣ / ٢٠١٧م بعنوان “انزلاقات أوروبية نحو برامج اليمين المتطرف”

http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2017/3/24/ انزلاقات-أوروبية-نحو-برامج-اليمين-المتطرف

وانظر أيضا:

تقرير وسام أبو الهيجاء، يوم ١٩ / ١٢ / ٢٠١٦م في “الخليج أون لاين”، بعنوان: “اليمين الشعبوي في أوروبا.. النشأة والتطور”

http://alkhaleejonline.net/articles/1482062247647474600/اليمين-الشعبوي-في-أوروبا-النشأة-والتطور/

وقد ظهرت مؤخرا تقارير وتحليلات عديدة أخرى في الإعلام العربي بشأن استغلال التطرف اليميني لانتشار التخوف من الإسلام، من ذلك مثلا ما ورد في تحليل (دون اسم الكاتب ودون تأريخ) في موقع مجلة السياسة الدولية التابعة لمؤسسة الأهرام في القاهرة، وفيه: (تكمن خطورتها أيضا في استغلالها لحالة الإسلاموفوبيا في معاداتها للمسلمين في أوروبا، سواء المهاجرون المقيمون في هذه الدول، منذ عقود طويلة، الذين أصبحوا مواطنين فعلا، أو في الوافدين الجدد إليها، سواء للعمل، أو الدراسة، أو في صورة لاجئين)

http://www.siyassa.org.eg/UI/Front/InnerPrint.aspx?NewsContentID=12058

(١٥) سبق نشر عدد من البحوث للكاتب حول الوجود الإسلامي في أوروبا، تاريخيا وكيف تطور في العقود الماضية، ومن ذلك مثلا: (المسلمون في الغرب والتفاعل الثقافي مع مجتمعاته) في التقرير الارتيادي الرابع عشر.

(١٦) انظر المرجع السابق، ولمزيد من التفاصيل حول الوجود الإسلامي في ألمانيا كمثال على بقية البلدان الأوروبية، يمكن الرجوع إلى عدة مواضيع للكاتب في موقعه الشخصي “مداد القلم”، منها:

كاتب وكتاب.. هانس هايمان.. ألمانيا متعددة الأديان

http://midadulqalam.info/articles/267_كاتب-وكتاب-هانس-هايمان-ألمانيا-متعددة-الأديان

الإسلام في ألمانيا – الوجود الإسلامي في ألمانيا عبر القرن الميلادي العشرين

http://midadulqalam.info/articles/678_دراسة-المسلمون-في-ألمانيا

فقرة مستقبل تأثير اليمين المتطرف

(١٧) انظر الباحثة “بريتا شيلينبيرج” في دراسة بعنوان “الشعبوية اليمينية في مقارنة أوروبية – العناصر الأساسية ونقاط الاختلاف، ١٠ / ١ / ٢٠١٧م في “المركز الاتحادي للتوعية السياسية”

http://www.bpb.de/politik/extremismus/rechtspopulismus/240093/rechtspopulismus-im-europaeischen-vergleich-kernelemente-und-unterschiede

ومما ورد في الدراسة:

(مصطلح “الشعب” في الشعبوية اليمينية مقتصر على جزء من سكان المجتمعات التعددية، وإقصاء ما سواه فهم ليسوا من الشعب، ويشمل “الآخرون” هنا الأقليات مثال، الأجانب، واليهود، والمسلمين، والغجر، والمثليين، والمشردين، واللاجئين، كما يشمل التعبير أيضا المدافعين عن حقوق الإنسان والأحزاب والسياسيين… في غرب أوروبا أصبح المسلمون هم العدو رقم واحد، وهنا لا تنقطع حملات اليمين الشعبوي ضد المسلمين والإسلام ودور العبادة).

(١٨) تنامت مؤخرا ردود الأفعال الداعية إلى تجنب وقوع شرخ مجتمعي مع المسلمين، منها على المستوى السياسي، ومن الأمثلة عليه ما كان في بريطانيا فور الاعتداء على المسلمين في المسجد الكبير في لندن يوم ١٩ / ٦ / ٢٠١٧م، ومنها على المستوى الفكري، كما تكرر ظهوره كمثال في ألمانيا، كنشر مجلد بعنوان “الشريعة” عام ٢٠١٤م ونشر كتاب “الإسلام في ألمانيا” أواخر عام ٢٠١٦م وكلاهما لبروفيسور “ماتياس روهي”، وكلاهما يدحض من منظور علمي “استشراقي” الاتهامات الموجهة إلى الإسلام والمسلمين بأساليب التخويف على خلفية ممارسات إرهابية تنتحل عنوانه.