خاطرة – يا شباب أعظم ثورة شعبية في التاريخ

ما أعظم ما تصنعون بتضحياتكم وبطولاتكم وما أعظم هذا الشعب الذي يدفع الثمن بمعاناته ويأبى التراجع عن طريق العطاء حتى النصر

42

يا شباب أعظم ثورة شعبية في التاريخ..

كلا.. لا أبالغ.. ولا أقول ذلك لأنها ثورة الشعب في سورية، البلد الذي نشأت فيه، وأحنّ  إليه منذ رحيلي عنه قبل خمسين سنة.

لا أبالغ.. فلا توجد قبلكم ثورة في التاريخ بدأت سلمية.. شعبية.. أخلاقية.. وطنية.. تغييرية.. كما بدأت ثورتكم في سورية، ثورة شباب سورية وفتياتها عام ٢٠١١م

لا توجد ثورة بقي جيل الشباب يواجه خلالها شهورا عديدة.. نار الإجرام بالصدور، وفجور الإعلام بالصبر، وأكاذيب الطاغية بإبداع الإعلام الشعبي عبر التصوير من ميادين المواجهات.. ويواجه الاعتقالات بالصمود على طلب الحرية.. ويواجه التعذيب بالإصرار على حياة الكرامة أو نعمة الشهادة.. حتى إذا طفح الكيل وحملتم السلاح، سجلتم ملاحم بطولات وتضحيات غير مسبوقة هزت أركان الطغيان.. وعبيده، وزلزت الأرض من تحت أقدام أعوانه وأسياده، ممن يرسلون إليه السلاح والميليشيات، وممن يغضون الطرف عن جرائمه بانتظار أن يبلغ ما يريد.. ولن يبلغ ما يريد بإذن الله الواحد الأحد.

. . .

يا شباب أعظم ثورة شعبية في التاريخ..

أليس من عظمة الثورة أنها زلزلت الأرض تحت مشروع الهيمنة الإيراني، إذ كان يتحرك في المنطقة تحت عناوين الخداع، فكشفتم عن وجهه الهمجي، فبات أتباعه يتساقطون على أرضكم فيعلنوا بذلك جهارا نهارا أن "المقاومة" عندهم إجرام بحق الشعوب، وأن "الممانعة" في واقع مشروعهم توافق مع أعداء الشعوب؟

أليس من عظمة هذه الثورة صمودكم عام بعد عام، فتساقطت الوعود الدولية الكاذبة، والتحركات الإقليمية التمويهية، وظهر جهارا نهارا، أنهم لا يريدون حرية الشعوب وسيادة إرادتها على أرضها وقرارها، بل يريدون استخدام الثورة لصنع استبداد آخر ينسجم معهم بديلا عن الاستبداد الذي فقد وظيفته فلم يعد يصلح لمتابعة علاقات التعاون معه كما كانت على امتداد خمسين سنة؟

لهذا أصبحت ثورتكم ثورة على استبداد واحتلال وهيمنة أجنبية في وقت واحد، فازدادت عظمتها بفضل صمودكم واستمراركم، ولن تنتهي بإذن الله، إلا بتحقيق أهداف التحرر من العبودية بجميع أصنافها، ونيل العدالة بأسمى أشكالها، وتحقيق الكرامة للفرد والوطن والأمة.. فما أعظم ما تصنعون بتضحياتكم وبطولاتكم وما أعظم هذا الشعب الذي يدفع الثمن بمعاناته ويأبى التراجع عن طريق العطاء حتى النصر.

. . .

يا شباب أعظم ثورة شعبية في التاريخ..

كيف لي إذن أن أخاطبكم، وكيف يقال لي ولأمثالي أن أقول لكم شيئا عن بعد.. مع حلول عام آخر على مسار الثورة!

أعترف لكم يا أحب بني آدم اليوم على قلوبنا.. أنكم أنتم من أعاد الأمل لأمثالنا ممن عاشوا خارج الوطن، وحُرموا لعقود عديدة من رؤيته ورؤية الأهل فيه

أنتم من علمنا ما معنى كلمات نسيناها أو أغفلنا عنها طويلا.. ولا قيمة للحياة من دونها

علمتمونا الحرية.. وأنها المطلب الغالي.. الذي يستحق ثورة.. وكم انتظرنا أو انتظر أكثرنا أن تأتي الحرية.. دون ثمن

علمتمونا ما تعنيه الكرامة.. والتحدي.. والصمود.. والصبر.. والجهاد.. والإقدام.. والعزيمة

علمتم العالم أن هذا الشعب الثائر قادر على أن يصنع النصر بنفسه

علمتم العالم.. أن النصر الأعظم لسورية.. يتحقق عبر الثورة الأعظم في التاريخ، مهما كان الثمن كبيرا.. بقدر شموخ النصر، بل أنتم تصنعون بذلك النصر للإنسان في عالمنا وعصرنا.. وليس لسورية وأخواتها فقط..

فأنتم في أيامنا هذه أيها الثوار.. من استوعب قول الله عز وجل وعاش معناه يوما بعد يوم وعاما بعد عام:

{أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولمّا يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم، مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله.. ألا إن نصر الله قريب}

ألا إن نصر الله قريب.. قريب.

نبيل شبيب