حضارة قسوة الفقر
تمييز مادي عنصري
في نطاق الحضارة المادية المهيمنة تزداد هوة الثراء والفقر في فترات الرخاء وفي فترات الشدة على السواء
علاوة على ١٧ مليون من الوفيات بسبب الإصابة المرضية فاستنادا إلى تقارير عديدة، منها ما صدر بالعربية والألمانية مطلع ٢٠٢٢م، عن منظمة أوكسفام المتخصصة، علاوة على الوفيات أسفرت سنوات وباء كورونا / كوفيد ١٩ أيضا عن إضافة ملياردير جديد كل ٢٦ ساعة (أي ٣٣٧ سنويا) إلى قائمة الثراء الفاحش، مقابل إضافة ١٦٠ مليون نسمة من البشر إلى قائمة الفقر المدقِع، ومقابل وفاة إنسان كل ٤ ثوانٍ أي حوالي ٨ مليون إنسان سنويا بسبب نتائج اللا مساواة المادية.
ما يملكه أصحاب الثروات الفاحشة، وهم زهاء ٢٨٠٠ شخص من البشر، تُحسب ثرواتهم بالمليارات، ارتفع حجم ما يملكونه خلال سنوات وباء كورونا من ٨٦٠٠ مليار (أي أكثر من ثمانية ونصف بليون) إلى ١٣٨٠٠ مليار (أي زهاء أربعة عشر بليون) دولار أمريكي “متحضر”.
ليست هذه الحالة القاتلة بنتائجها خاصة بأوضاع طارئة في حقبة الوباء وانتشاره، إنما هي مثال يلفت النظر إلى أن الخلل القائم في تركيبة العلاقات المادية منذ الحرب العالمية الثانية على الأقل، يؤدي إلى ازدياد ثراء الأثرياء وتعدادهم وازدياد فقر الفقراء وتعدادهم، سواء مرت الأوضاع الاقتصادية العالمية بفترة ازدهار أو مرت بفترة كوارث اقتصادية، كالتضخم الزائد ونقص الغذاء وما شابه ذلك.
من الأمثلة الأخرى الواردة عن هذا الخلل، أن الحديث المتكرر منذ عشرات السنين عن حقوق المرأة وتحقيق المساواة بين النساء والرجال، لا يمنع في أنظمة المجتمعات المتحضرة الحديثة من أن يملك ٢٥٢ رجلا ثروة أضخم مما يملكه مليار من النساء والفتيات في إفريقية وأمريكا الوسطى والجنوبية.
خلال زهاء ربع قرن مضى حققت عصبة “الأثرياء” في العالم، وهم نحو ١ ٪ من “الأسرة” البشرية، زيادة حجم ثرواتها بما يعادل ٢٠ ضعف حجم ازدياد ثروات “الفقراء”، وهم نحو ٥٠ في المئة على الأقل من “الأسرة” البشرية.
في الوقت نفسه تتفوق “كتلة” الأثرياء بما تسببه من أضرار للبيئة المعيشية البشرية على “بقية” البشر، ومثال ذلك تقديرات تقول إن انبعاث ثاني أوكسيد الفحم، عبر طريقة معيشة ٢٠ شخصا هم في مقدمة الأثرياء الآخرين من أصحاب المليارات، تعادل ٨٠٠٠ ضعف ما يسببه المليار الأفقر من “الأسرة” البشرية في كوكبنا الأرضي المشترك.
نبيل شبيب