ثورة سورية بين الإرادة والإبداع

الخلل الذاتي المعيق لصنع ما يجب صنعه الآن

خواطر – كانت الثورة إبداعا غير مسبوق، واستمرت بإبداعات غير مسبوقة

50

خواطر

يطالعنا العالم الافتراضي كما تطالعنا كتابات ومواقف ومبادرات عديدة هذه الأيام بالسؤال: ماذا نصنع في سورية وثورتها، ثم بعشرات الأجوبة، وهو ما يؤكد أننا نريد التحرك على درب التغيير الذي بدأته الثورة الشعبية، وندرك أن الوضع متأزم وخطير على سورية شعبا ووطنا ومستقبلا، وأننا نبحث عن أفضل السبل لمتابعة الطريق نحو تحقيق الهدف مع وقف النزيف. 

بل يلفت النظر أيضا تخلي كثير منّا -وإن تأخرنا- عن ظاهرة بالغة الخطورة والضرر، وهي محاولة احتكار الصواب، بمعنى التشبث بأن ما لدي صواب لا أتنازل عنه ولا عن بعضه وما لدى غيري خطأ لا أقبل به ولا ببعضه. 

توجد موانع خارجية من التحرك والعمل وتوجد عقبات كبيرة لا نملك منع الآخرين من نصبها، ولكن يبدو أن الخلل الذاتي الذي ما زال يمنع من تحول الكلمات إلى مناهج جامعة ومشاريع عملية وخطوات تنفيذية، أننا لا نفتقد الإرادة فصلابتها ثابتة بقدر حجم المعاناة والمواظبة والبذل، كذلك الفكر القائم على معرفة وعلم وتخصص وربما تجاوز ما بين أيدينا من مراكز بحوث وباحثين ما نحتاج إليه حاليا بالضرورة، إنما نفتقد الإبداع في كثير مما نقول ونصنع، منفردين وعبر التواصل فيما بيننا، ويحول دوننا ودون الإبداع الاعتياد لعشرات السنين على أساليب كان من المفروض أن الثورة قدمت فور اندلاعها الدليل على أنها لم تكن صالحة لتحقيق التغيير المنشود.

نحتاج إلى الإبداع في الطرح، والإبداع في التخطيط، والإبداع في الأساليب، والإبداع في الوسائل، والإبداع في التواصل والتعاون والتنسيق والتفاهم، فما نواجهه حولنا اليوم من معطيات يختلف كل الاختلاف عما واجهناه، أو واجهه الجيل الأكبر سنا من بيننا.

لقد كانت الثورة نفسها إبداعا غير مسبوق، وشقت طريقها واستمرت بإبداعات غير مسبوقة، ولا ينبغي أن نجهز عليها بمعاول المنحرفين عن طريقها، وطريق الإبداع من أجل استمرارها نحو هدف التغيير، ولا أن نتعامل ما حققته حتى الآن من إنجازات مبدعة، بمعاول تقييدها بما كان سائدا من طرائق العمل قبلها، وربما كان بعضه صالحا آنذاك وليس الآن، فلن نخدم الثورة وأهدافها بذلك، مهما خلصت النوايا ومهما ظننا أننا نحسن عملا.

وأستودعكم الله ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب