سقوط في الأوحال
قصف المستشفى الأهلي في غزة
خواطر – سقطة أخرى على طريق زوال هيمنة همجية
خواطر
معذرة.. عنوان (سقوط في الأوحال) لهذا الموضوع عنوان غير دقيق، ولكن لم أجد سواه دون تجاوز حدود أدب الكتابة، وإن كان المقصودون بهذا العنوان لا يراعون أدبا ولا أخلاقا ولا أعرافا ولا قيما ولا مبادئ ولا مواثيق؛ أما عدم الدقة في العنوان فلأنهم ساقطون من قبل في أوحال الهمجية بمختلف أنواعها، وهذه سقطة إضافية عبر قصف المستشفى الأهلي في غزة وقتل المئات ممن كان فيه من أطباء وممرضات وجرحى ومصابين وجثامين ونازحين، من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، وهي سقطة إضافية عبر الأسلوب الاستعراضي في ارتكاب الإجرام الهمجي مع تبجح من يشاركونهم الجريمة في تبرئة من ارتكبها مباشرة، وهي تبرئة مسبقة، دون تحقيق، ولا سؤال ولا جواب؛ أما الحصيلة فهي بإذن الله شهداء أحياء في جنان الخلد، وهي أيضا بعض ما نستوعبه حول مصير المجرمين ونحن نقرأ في القرآن الكريم: [يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ] -ق:٣٠-
كلا.. لا يُستغرب ما يصنع الإسرائيليون، فقد كان هذا من أهداف من أوجدهم وأعدّهم وسبقهم إلى ارتكاب مثل ما يرتكبون، من قبل هيروشيما حتى فلسطين، ومن زرعهم على أكناف بيت المقدس، وسط التربة الفلسطينية، العربية، الإسلامية، الغنية بحضاراتها الإنسانية، مهد الأنبياء والرسالات، ملتقى العقائد والثقافات، ومصدر إلهام ما عرفته البشرية على خطى حمورابي من قوانين دولية، ومواثيق التعايش والسلام والعدالة والأمن؛ بل هذا بالذات ما استهدفه تصميم مشروع الهيمنة العدوانية الصهيونية، وتطبيقه إقليميا؛ فالذين ارتكبوا مجزرة المستشفى الأهلي في غزة، يخشون على هيمنتهم من كل إشعاع إنساني يقوم على الحق والعدالة، ويعلمون أن في ذلك إيذانا بنهاية حقبة الهيمنة العدوانية، عاجلا غير آجل.
إنما يُستغرب أن يوجد في دائرتنا الحضارية من ينتظر سوى ذلك منهم وممن صنعهم ويحركهم وممن يزعم فوق ذلك، أنه جدير بزعامة العمل لنشر الحقوق والحريات والديمقراطية والأمن والسلام، بل يزعم أن له زعامة العالم المتحضر.
كلا.. لهذا تخرج الجماهير من السكان في بلاد الغرب يهتفون ويرفضون ما تصنع أنظمة حكمهم، ويعترضون بقدر ما يستطيعون، كيلا يكون ارتكاب الجرائم باسمهم، وكيلا يُنسب لهم ذلك العدوان المتواصل على الإنسان، جنس الإنسان، فمن يقصف المستشفيات يقصف أيضا دور العبادة الإسلامية والمسيحية، ومؤسسات الرعاية الإنسانية التربيوية، علما بأن مقرات إدارة بعضها منتشرة في البلدان الغربية نفسها.
إننا لنرى من وراء منهجية الهمجية العدوانية شعلة التغيير من داخل الأرض التي يحكمها الساقطون في الأوحال، ويود القلم لو يكتب: ولعلهم يرتدعون قبل زوال هيمنتهم، إنما لا يرى أملا في ذلك، ولو فعلوا فلا بد من محاكمتهم وحسابهم على ما صنعوا، ولن تسكت شعوبهم عنهم، فقد طفح بها الكيل أيضا، وإن الطغيان على وشك السقوط في أوحاله.
وأستودعكم الله الذي لا يغفل عن الظالمين ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب