المقاومة
فلسطين بين الأنظمة والمقاومة والشعوب
خواطر – القضايا باقية ما بقيت المقاومة الشعبية ولا تسقط مع الأنظمة إنما تسقط الأنظمة بتخليها عن القضايا المصيرية
كنت أقول: إن الأنظمة العربية أفلست في قضية فلسطين وهي المسؤولة عن عجزها؟
وأقول اليوم: إنها لم تكن تقدم شيئا لتفلس بنفاد طاقاتها ففلسطين كانت على جدول أعمال مؤتمراتها وليس على جدول أعمال اهتماماتها ومصالحها وواجباتها ناهيك عن أهداف الشعوب وتطلعاتها وعدالة القضايا ومركزيتها.
كنت أقول: إن المقاومة الفلسطينية حملت هذا الوصف بعد تخلي الأنظمة العربية عن القضية وتشبثها بحدود رسمها أعداء الأمة والمنطقة.
وأقول اليوم: إن شعب فلسطين أول من استشعر انفراده ميدانيا بقضيته فانطلقت مقاومته بالقليل من طاقات يملكها فواجه الاحتلال البريطاني ثم الصهيوني وأكاد أقول صورا من الاستبداد العربي وإن حمل تسميات أخرى، وها هي المقاومة الفلسطينية تكرر إثبات وجودها بعد أن تخلت الأنظمة العربية عن مجرد ذكرها، وإن فعلت فالحبر كثير والورق كثير، أما العمل أو مجرد الدعم فلا وجود له من قبل ولا وجود له هذه الأيام، هذا ونرصد فوق ذلك الوصول إلى درجة العداء المباشر للقضية وعدم الاكتفاء بالتخلي عنها.
٠ ٠ ٠
أتحدث عن الأنظمة الحالية وما سبقها منذ تحول الوطن إلى أوطان وبينها حدود وأعلام وجدران، ولا أتحدث عن أنظمة قادمة، فما بقيت الكراسي تحت أجساد فانية بالأمس لتبقى تحت الأجساد الفانية حاليا.
أتحدث عن مقاومة فلسطينية شعبية ولولا قيود القمع الطاغوتية لامتدت شعلتها في الاتجاهات الأربع حول فلسطين، أي في كل مكان يتهدده المشروع الصهيوني الغربي، كما كان وكما سيبقى حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
أتحدث عن المقاومة وليس عن منظمات المقاومة فلولا عموم البلاء وكثرة الأخطاء، لما وُجدت هكذا بتعداد يناهز تعداد الأنظمة العربية التي نشكو من أنها جعلت نفسها منبوذة على أرض الشعوب التي تحكم باسمها؛ وفي عرف السياسة تخطئ المنظمات وتصيب، وتوجد وتنهار كالأنظمة، ولكن لا يسري هذا على الشعوب.
أتحدث عن مقاومة الشعوب التي تتحرك في أسوأ ظروف محلية وإقليمية وعربية وإسلامية وغربية وشرقية وعالمية. إنها تعطي بذلك الدليل على قصور كل من يقول إنني معذور لا أستطيع أن أفعل شيئا، فقد قيدونا وفعلوا ما فعلوا بنا، فجميع ذلك وأضعافه هو ما تعرضت له أطياف شعب فلسطين جميعا ورغم ذلك وجدوا دوما طريقا للتحرك وممارسة المقاومة بمختلف أشكالها.
هي المقاومة الفلسطينية التي تعبر عن نفسها عبر كل ما جرى منذ سنين وسنين وما يزال يجري إلى اليوم، في حوارة ونابلس والقدس وجنين والخليل وفي سائر المدن والقرى والشوارع والسجون على سائر تراب فلسطين.
تحية صادقة من الأعماق إلى المقاومة التي تثبت أن من بيننا من لا يزال من الأحياء في عالم يراد فيه أن نكون جميعنا أمواتا، لا نرصد ولا نشعر ولا نشكو ولا نتحرك ولا ندعم من لا يزال فيه نبض من روح أمته وإنسانيته ووطنيته وقوميته وعقيدته.
تحية صادقة من الأعماق وأستودعكم الله وأستودعه الأهل والأوطان، ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب