المشردون وتهجير الأدمغة
دعم أسباب التشريد ليس حلا
رأي – وقف الاستغلال ووقف هجرة الأدمغة
رأي
موتى بالمئات غرقا أمام السواحل اليونانية…
إنفاق عشرات الملايين لدعم منشآت تحصين الحدود الأوروبية الخارجية…
اتفاقية بريطانية مع رواندا يعتبرها القضاء البريطاني غير مشروعة، إذ تنعقد مع بلد لا يؤتمن نظامه على المشردين الذين تريد الاتفاقية ترحيلهم إليه من داخل بريطانيا ومن مواطن الاقتراب من حدودها…
عرض عشرات الملايين من اليورو من الاتحاد الأوروبي على مصر لمكافحة من يوصفون بعصابات تهريب البشر إلى أوروبا…
وعرض آخر بمئات الملايين على النظام في تونس مقابل تكليفه بردّ المهاجرين المستهدفين، قبل وصولهم إلى السواحل والمياه الإقليمية الأوروبية قادمين من إفريقيا وسواها…
ما سبق تعداده هو غيض من فيضِ الأخبار المتتابعة عن بحث الأوروبيين عن سبل منع وصول المهاجرين إليهم، هذا مع عدم التمييز واقعيا بين من يهاجر من بلده تحت وطأة الحرب بين العسكر كما في السودان، أو تحت وطأة مصادرة الحريات كما في مصر وتونس، أو تحت وطأة حرب الإبادة كما في سورية، أو لمجرد طلب العيش الكريم بعد أن أصبحت المواد الخام في الجنوب تحت سيطرة شركات غربية تتقن استغلال الأوضاع المضطربة سياسيا واقتصاديا لزيادة الرخاء في الغرب رخاء وزيادة بطر الرفاهية بطرا، سيان كم يجري ذلك مع زيادة البؤس في الجنوب بؤسا.
هذا عن البشر غير المرحب بهم إلا في قوارب الموت وأعماق البحار… ولكن كيف تنسجم هذه المشاهد الغير إنسانية مع المحاولات المتوالية من جانب بلد متقدم كألمانيا لجلب المتخصصين وأصحاب الكفاءات من بلدان “الجنوب” خشية من تسارع مؤشرات انهيار الاقتصاد الألماني نفسه.
كيف ينسجم الإغراء لتشجيع هجرة الأدمغة المهاجرة من الجنوب مع ما يقال أحيانا عن الرغبة في دعم النهضة الاقتصادية في بلدان الجنوب…
كيف ينسجم ذلك مع الحديث أحيانا مع اعتبار تلك النهضة في الجنوب هي الوسيلة الأمثل لاقتلاع أسباب الهجرة البشرية المشروعة وغير المشروعة نحو بلدان الشمال المتقدمة؟
كلا ليس المطلوب بالضرورة دعم مسار النهضة في الجنوب.
إن إنقاذ بلدان الجنوب من تفاقم أسباب تيارات التشريد عن بلدانه، يتحقق على أفضل وجه من خلال أمرين:
الأمر الأول وقف استغلال ثروات تلك البلدان اقتصاديا، بدءا بما يستحق وصفه بسرقة المواد الخام وصولا إلى ما يجدر وصف السرقة عليه، وليس مجرد تهجير الأدمغة، باستغلال واقع أصحابها المعيشي أو حتى استغلال مطامعهم بعيش مادي أفضل.
الأمر الثاني وقف الدعم الغربي لأنظمة عسكرية وشبه عسكرية، أنظمة استبدادية واستغلالية إجرامية، ومن ذلك دعمها لأداء مهمة وظيفية قذرة، على حساب البشر من المهاجرين والمشردين، وهي مهمة لا تراعي التناقض بين دعاوى نشر الديمقراطية والحقوق والحريات، وبين الحديث العلني عن دعم أنظمة عسكرية كما في مصر والسودان، أو أنظمة قامت على تقويض احتمالات تعزيز الديمقراطية كما في تونس، أو أنظمة لا تستمر إلا بإراقة الدماء وقهر إنسانية الإنسان كما في سورية.
وأستودعكم الله وأستودعه الضحايا من بلادنا وأستودعه جنس الإنسان ولكم أطيب السلام من نبيل شبيب